قطر وماليزيا.. شراكة دفاعية تعزز مسارات التعاون الأمني المستدام
klyoum.com
أخر اخبار قطر:
أمير قطر يفتتح بطولة كأس العرب 2025 في الدوحةطه العاني - الخليج أونلاين
- ما الهدف من الاتفاقيات الدفاعية التي وُقعت بين قطر وماليزيا؟
توسيع التعاون الدفاعي عبر التكنولوجيا وتبادل المعلومات وتنمية القدرات الصناعية.
- ما أهمية مذكرة التفاهم الجديدة مع بين الدوحة وكوالالمبور؟
ستفتح فصلاً جديداً في تعزيز العلاقات الدفاعية بين البلدين.
تشهد الشراكات الدفاعية بين آسيا ودول الخليج تصاعداً لافتاً يعكس تحولات عميقة في مقاربات الأمن الإقليمي وتوازناته، إذ تسعى هذه الدول لتعزيز قدراتها العسكرية عبر بناء قنوات تعاون ثنائية ومتعددة الأطراف، تجمع بين البعد الصناعي والتكنولوجي والتنسيقي.
وفي هذا السياق برزت الخطوة القطرية-الماليزية الأخيرة بتوقيع مجموعة من الاتفاقيات الدفاعية في الدوحة، لتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون الأمني بين البلدين تحمل أبعاداً تتجاوز البعد العسكري المباشر إلى نطاقات أوسع تتعلق بالتصنيع المحلي ونقل التكنولوجيا وتبادل الخبرات.
اتفاقيات دفاعية
وجاءت الاتفاقيات الجديدة امتداداً لمسار التعاون القائم بين الدوحة وكوالالمبور لتضع إطاراً عملياً أوسع للشراكة الدفاعية وتفتح الباب أمام مشاريع تقنية وصناعية مشتركة.
وفي إطار ذلك شهدت العاصمة القطرية الدوحة، في 29 سبتمبر 2025، توقيع عدة اتفاقيات دفاعية، بين وزارتي الدفاع في قطر وماليزيا بحضور وفود عسكرية رفيعة من الجانبين.
وشملت التفاهمات اتفاقية للتكنولوجيا وتبادل المعلومات وتنمية القدرات الصناعية المحلية، وقعها عن الجانب القطري الرئيس التنفيذي لشركة "برزان القابضة" محمد بدر السادة، فيما وقع عن الجانب الماليزي المدير الإداري لمؤسسة "إنجرس بيرهاد" محمد سراج الدين بن أبي رحيم.
وحضر الاجتماع رئيس أركان القوات المسلحة القطرية الفريق الركن طيار جاسم المناعي، إلى جانب نظيره الماليزي الفريق أول سري حاج محمد نظام بن حاج جعفر، ما يعكس الطابع الاستراتيجي للمباحثات.
ووفق ما نقلته وكالة الأنباء الماليزية "بيرناما"، فإن زيارة وزير الدفاع الماليزي إلى الدوحة، التي استمرت يومين، تأتي بهدف "تعزيز العلاقات الاستراتيجية والتعاون الدفاعي"، مع تأكيده أن مذكرة التفاهم الجديدة "ستفتح فصلاً جديداً في العلاقات الدفاعية بين البلدين".
هذه الخطوة لا تعكس مجرد تبادل وثائق رسمية، بل تمثل بناء إطار عملي للتعاون يشمل التصنيع العسكري المحلي، ونقل المعرفة، وإقامة شراكات صناعية ذات بعد اقتصادي وأمني مزدوج.
وتضطلع شركة "برزان القابضة" بدور مهم لترسيخ شراكات صناعية مع مؤسسات دفاعية دولية، بما يسهم في تطوير قاعدة إنتاجية محلية قادرة على تلبية جزء من احتياجات القوات المسلحة القطرية، وفي الوقت ذاته الانفتاح على الأسواق الآسيوية مثل ماليزيا.
تكامل صناعي
ويؤكد الباحث والأكاديمي الدكتور عبد الرحيم الهور أن هذه الاتفاقيات بين الدولتين تمثل خطوة متقدمة في مسار بناء شراكات استراتيجية نوعية، حيث يتجاوز هذا التعاون البعد العسكري التقليدي ليشمل تعزيز القدرات الصناعية الدفاعية الوطنية وتطوير بيئة ابتكار تكنولوجي مشتركة.
ويضيف لـ"الخليج أونلاين" أن هذه الاتفاقيات لا تقتصر على التعاون في التصنيع والتطوير التقني فحسب، بل تنطوي على أبعاد اقتصادية واستثمارية كبيرة.
ويوضح أن الصناعات الدفاعية تُعد من أكثر القطاعات التي تحقق قيمة مضافة عالية، سواء من حيث الصناعات ذاتها أو من خلال الخدمات اللوجستية المرافقة لها، مما يشكل استثماراً طويل الأمد يخلق فرصاً اقتصادية وصناعية نوعية في قطر.
ويرى الهور أن الشراكة مع ماليزيا ستسهم في دعم القدرات الصناعية الدفاعية القطرية من خلال نقل الخبرات التقنية والتصنيعية وتوسيع نطاق الإنتاج المحلي تحت مظلة شركات وطنية مثل "برزان القابضة".
ويشير إلى أن ماليزيا تمتلك تجربة ناجحة في تطوير صناعات دفاعية تجمع بين الكفاءة والتكلفة المعقولة، مما يتيح للدوحة الاستفادة منها في بناء منظومة إنتاج دفاعي مستدامة تقلل الاعتماد على الاستيراد الخارجي.
ويلفت إلى أن هذا التعاون يتيح لقطر فرصة للاستفادة من خبرة ماليزيا في مجالات المراقبة البحرية والتحديث العسكري، خصوصاً في حماية الممرات المائية والمنشآت الاستراتيجية، مبيناً أن ذلك يكتسب أهمية بالغة بالنظر إلى الموقع الجغرافي الحيوي لقطر في قلب الخليج.
ويؤكد أن التكامل الصناعي بين "برزان القابضة" والشركات الماليزية يمثل بعداً محورياً في هذا التوجه، إذ يتيح للطرفين تبادل المعرفة في مجالات التصميم والإنتاج والتجميع والصيانة، حيث يمكن لهذا التعاون أن يتحول مع مرور الوقت إلى شراكة إنتاجية إقليمية تفتح الباب أمام أسواق جديدة وتخلق سلسلة توريد خليجية – آسيوية متكاملة.
ويشير الباحث إلى أن هذا التعاون يرسخ نهج الدوحة القائم على بناء شراكات ذكية ومتوازنة، تسعى من خلالها إلى تعزيز أمنها الوطني وتنويع مصادر الدخل.
ويعتقد الهور أن الاتفاقيات القطرية الماليزية تشكل نموذجاً جديداً للتعاون الدفاعي الحديث، يجمع بين الأمن والتنمية والاقتصاد في إطار رؤية استراتيجية شاملة.
قدرات دفاعية
وتأتي الاتفاقيات القطرية–الماليزية في توقيت يشهد فيه الجيش الماليزي تحولاً تدريجياً من مهام مكافحة التمرد إلى تطوير قدرات تقليدية أكثر توازناً وفاعلية.
وبحسب أحدث بيانات غلوبال ميلتري، يبلغ تعداد القوات المسلحة الماليزية نحو 113 ألف جندي نشط، إضافة إلى 51 ألفاً في قوات الاحتياط، موزعين بين الجيش والبحرية الملكية وسلاح الجو الملكي الماليزي.
وتعكس هذه البنية العسكرية مزيجاً من القدرات البرية والبحرية والجوية التي تسعى كوالالمبور إلى تحديثها لمواجهة تحديات متصاعدة، خصوصاً في بحر الصين الجنوبي.
وتشمل أبرز برامج التحديث الحالية اقتناء 18 مقاتلة FA-50 من كوريا الجنوبية بتكلفة تقارب 4 مليارات رينجيت (840 مليون دولار)، وطائرات تركية مسيّرة لتعزيز المراقبة البحرية، إلى جانب خطط لشراء فرقاطات من طراز "Ada" التركية لرفع جاهزية الأسطول البحري.
وأما القوات البرية فتخضع لعملية تحديث تشمل إدخال مدرعات جديدة ومدفعية حديثة، بينما تواجه القوات الجوية تحدياً في تحديث كامل أسطولها بسبب القيود المالية وتقادُم بعض الطائرات.
وفي جانب الصناعات الدفاعية يبرز دور ماليزيا في مجال الصيانة والإصلاح والتجديد (MRO) مع قدرات إنتاج محلية محدودة تركز على الأنظمة الأقل تعقيداً، فيما تبقى بحاجة إلى الشركاء الخارجيين لتوريد التكنولوجيا المتقدمة والمكونات عالية التقنية.
وهنا يبرز مجال واسع للتكامل مع قطر، التي تمتلك عبر شركة "برزان القابضة" خبرة متنامية في الشراكات الدفاعية ونقل التكنولوجيا، وهو ما قد يتيح مشروعات مشتركة في تطوير بعض المنصات أو بناء قدرات صيانة وإنتاج مشتركة.
واستراتيجياً تنتهج كوالالمبور سياسة "التحوط" في مواجهة الضغوط الصينية في بحر الصين الجنوبي، حيث تعزز قدراتها الدفاعية دون الدخول في مواجهة مباشرة، مستفيدة من موقعها البحري الحيوي وعمقها الاستراتيجي في شرق ماليزيا.
ويشكل هذا التوجه رافعة للتعاون مع الدوحة، إذ يفتح المجال أمام قطر لتعزيز حضورها في شرق آسيا عبر شراكات دفاعية وصناعية توفر لها منفذاً جديداً للتكنولوجيا والتجربة العملياتية الماليزية في بيئة بحرية وجغرافية بالغة التعقيد.
وفي سياق متصل كشف السفير القطري في كوالالمبور صلاح بن محمد آل سرور، في مايو 2025، عن وجود أكثر من 20 اتفاقية ومذكرة تفاهم قيد الدراسة لتعزيز التعاون الثنائي، على نحو يجعل من الاتفاقيات الدفاعية الأخيرة مقدمة لمرحلة أعمق في العلاقات بين البلدين.