بعد هجوم الدوحة.. هل تتحول فكرة "الناتو العربي" إلى واقع على الأرض؟
klyoum.com
أخر اخبار قطر:
اتفاق أوروبي يمهد الطريق لاعتماد اليورو الرقمي قريباكمال صالح - الخليج أونلاين
طُرح مشروع إقامة "قوة عربية مشتركة" في (مارس 2015)، وأعيد طرحه اليوم كضرورة لمواجهة حالة التغول الإسرائيلية في المنطقة.
تعود فكرة إنشاء قوة عربية مشتركة أو ما يُعرف بـ"الناتو العربي"، إلى الواجهة بعد العدوان الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة، كرد فعل طبيعي وضروري على التمادي الإسرائيلي الذي لم يعد لديه رادع.
فلقد كشفت الضربة التي وُجّهت إلى قلب الدبلوماسية العربية في الدوحة هشاشة منظومة الأمن العربي وغياب الاستراتيجية العربية الموحدة لمواجهة مثل هذه التحديات الجسيمة، خصوصاً في ظل التصريحات المعادية التي يطلقها قادة الكيان تجاه الدول العربية.
وفي ظلّ العدوان الإسرائيلي الشامل الذي امتدّ من غزة والضفة إلى سوريا ولبنان واليمن وتونس وقطر وصولاً إلى إيران، يصبح السؤال الأكثر إلحاحاً: هل حان الوقت لإنشاء قوة عربية مشتركة شبيهة بـ"حلف شمال الأطلسي"، تملك القدرة على درء أي اعتداء على أي دولة عربية؟
قوة مشتركة
خلال اليومين الماضيين، تداولت وسائل إعلام عربية تصريحات لمصدر مصري قال إن الرئيس عبدالفتاح السيسي أعاد طرح فكرة تشكيل قوة عربية مشتركة شبيهة بحلف الناتو، تكون قادرة على التحرك لحماية أي دولة عربية.
الفكرة ليست جديدة، إذ سبق أن أقر قادة الدول العربية الفكرة التي طرحها السيسي خلال قمة شرم الشيخ في (مارس 2015)، إلا أن العدوان الإسرائيلي على قطر يجعل الفكرة جديرة بالنقاش، خصوصاً في المرحلة الحاسمة التي تمر بها المنطقة.
وقبل ذلك، في (17 يونيو 1950)، جرى التوقيع على "معاهدة الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي" في مدينة الإسكندرية، بين مصر والأردن وسوريا والعراق والسعودية ولبنان واليمن، وكان ذلك بعد نكبة 1948 أمام "إسرائيل".
الآن، يعود الطرح في سياق مختلف، هجوم وصل ذروته باستهداف لقاء داخل العاصمة القطرية، وما تلاه من ضربات إسرائيلية امتدت خلال أيام إلى دول متعددة، ما يؤكد أن المجال الجيوسياسي في المنطقة قد تغيّر.
ووفق صحيفتي "القدس العربي" و"الأخبار اللبنانية"، فإن مقترح الرئيس المصري بخصوص إنشاء قوة عربية مشتركة "ناتو" أعيد طرحه بالفعل خلال الاتصالات الدبلوماسية الجارية تمهيداً للقمة العربية الإسلامية المقرّرة في الدوحة يوم الاثنين (15 سبتمبر).
ونقلت صحيفة "الأخبار" عن مسؤول مصري قوله إن القاهرة تعوّل كثيراً على الحصول على دعم المسار التنفيذي لهذا المقترح الذي كان قد طُرح للمرة الأولى في مصر قبل نحو تسع سنوات، مشيراً إلى أن هناك العديد من العوائق التنفيذية أمام تشكيل القوة، أبرزها "توقيت تدخّلها وآلية تفعيلها".
ووفق المصدر، فإن مصر تعمل عبر أذرعها العسكرية على صياغة مقترحات لآلية عمل القوة تتيح استخدامها عند مقتضى الضرورة، وتشكيلها بما يتناسب مع التعداد السكاني للدول العربية وقواتها المسلحة، مع مراعاة التوازنات الإقليمية والسياسية في التشكيل.
وأشارت إلى أن المقترح المصري يتضمن إشراك نحو 20 ألف مقاتل من جيشها في القوة العسكرية المشتركة، كما أن القاهرة تسعى إلى الاستفادة من هذا المقترح في تسريع وتيرة تطوير وتزويد جيشها بأحدث الأسلحة. ولفتت "الأخبار" اللبنانية إلى أن المشاورات العربية تستمر بشأن تشكيل هذه القوة، حيث ستكون السعودية العضو الثاني في هذه القوة.
وعلّق زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، في تدوينة على منصة "إكس"، على مقترح إنشاء قوة عربية مشتركة، قائلاً إنه "يمثل ضربة موجعة لاتفاقيات السلام التي جاءت بعد الضربة الموجعة لاتفاقيات إبراهيم".
ضرورة التشكيل
وحينما طرح السيسي فكرة إنشاء القوة العربية المشتركة في (مارس 2015)، كانت التحديات القائمة والمخاطر مختلفة كلياً عن هذه المرة، إذ كان الهدف آنذاك مساعدة العديد من الدول على مواجهة التحديات والاضطرابات الداخلية، كما كان حاصلاً مع انقلاب الحوثيين في اليمن، وكذا الوضع في ليبيا وغيرها.
لكن الوضع اليوم مختلف، فـ"إسرائيل" تقصف العواصم العربية واحدة تلو الأخرى، وتهدد بالمزيد، مع إصرار على تصفية القضية الفلسطينية، وهنا تبرز العديد من العوائق، منها التباين في تعريف التهديد وحدود الرد، وكذا التمويل واللوجستيات، والتسليح والاتفاقيات الثنائية التي تقيمها بعض الدول مع أطراف دولية.
ووفق الكاتب دندراوي الهواري، في مقال نشرته صحيفة "اليوم السابع" المصرية، الأحد (14 سبتمبر)، فإن أمريكا وأوروبا رغم امتلاكهم جيوشاً قوية، قاموا بتأسيس "الناتو" وتوسعوا في عضويته.
ولفت إلى أن "فكرة تأسيس قوة عسكرية عربية قوية، تكتسب أهمية كبيرة، ويمكن أن تكون نموذجاً مصغراً من الناتو تكتسب شرعية قوية، وتمثل الأمة، وتكون رقماً فاعلاً في معادلة القوة، وثقلاً يعدل ميزان القوة في المنطقة، إذا ما وضعنا في الاعتبار أن كل المقومات البشرية والاقتصادية والجيوسياسية قادرة على نجاحها وتطوير قدراتها".
وخلال الاجتماع الوزاري الذي سبق القمة العربية والإسلامية الطارئة التي تعقد الاثنين (15 سبتمبر)، أكد رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أنه يجب اتخاذ إجراءات ملموسة لوقف تمادي "إسرائيل".
فيما أكدت جامعة الدول العربية أن قطر ليست وحدها، وأن التخاذل والصمت يشجعان "إسرائيل" على مزيد من الجرائم، وشددت منظمة التعاون الإسلامي على ضرورة "اتخاذ إجراءات حاسمة ضد إسرائيل بسبب عدوانها على قطر".
تطور مهم
إذا ما توافرت الإرادة، فإن تشكيل القوة العربية المشتركة سيكون سهلاً، وفق الدكتور قاصد محمود، نائب رئيس هيئة الأركان الأردنية سابقاً، والذي أشار إلى أن الفكرة جرى طرحها أيضاً خلال حرب تحرير الكويت، حيث كان هناك مقترح تشكيل فيلق عربي، إلا أنه لم يلق تفاعلاً.
وأضاف محمود، في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، أن السبب الرئيسي في تعثر المقترح آنذاك كان اتفاق كامب ديفيد، لأن الاتفاقية تفرض قيوداً على انخراط مصر في أي قوة عربية مشتركة.
ولفت إلى أن المفارقة اليوم أن الرئيس المصري نفسه هو من يطرح الفكرة؛ "لأنه يعلم بمضامين اتفاقية كامب ديفيد"، مشيراً إلى أن "هذا يعني أن هناك شيئاً يجب بحثه وتطويره وخلق حالة سياسية مختلفة".
واستطرد محمود قائلاً: "اتفاقية كامب ديفيد لا تسمح لمصر، وكذلك اتفاقية وادي عربة لا تسمح للأردن، وأوسلو لا تسمح لفلسطين بالذهاب إلى اتفاقيات دفاعية مشتركة"، وهذا من وجهة نظره يعيد إحياء الدفاع العربي المشترك، بالرغم من ضعف الجامعة العربية.
وشدد على أن "هذه القوة المشتركة أصبحت ضرورة، حيث لا تستطيع أي دولة عربية بمفردها أن تواجه الخطر الصهيوني الذي يهدد الجميع، هناك 6 أو 7 دول تعرضت للاعتداء، كما حصل مع اغتيال (القيادي في حماس محمود) المبحوح في دبي قبل سنوات".
وأشار إلى أن الإسرائيليين "مخترقون للأمن العربي بأكمله، موجودون في شمال أفريقيا، وفي الشرق العربي والغرب العربي، الكل يواجه اختراقات إسرائيلية، الآن هناك تهديد كبير، وهناك تحديات كبرى أخرى".
التحدي الأكبر
ويرى محمود أنه في حال توفرت إرادة عربية، فكل شيء ممكن، مضيفاً: "التحدي الأكبر سيكون العلاقات مع أمريكا وإسرائيل، والآن التهديد الأكبر للأمن القومي العربي من أمريكا وإسرائيل، وبلا نقاش، وبالتالي يجب أن تكون هنا الوضوح في الرؤية والوضوح في القرار".
ولفت إلى أن الدول العربية تملك الإمكانيات اللازمة لتشكيل مثل هذه القوة، إلا أن "المشكلة تكمن في السلاح الأمريكي الذي يشكل العمود الفقري من التسليح العربي كله، خاصة ما يتعلق بسلاح الجو والدفاع الجوي"، مشيراً إلى أن "كل السلاح الأمريكي تبقى السيطرة الأمريكية على استخدامه قائمة إلى أن ينتهي من الخدمة".
واستطرد الدكتور قاصد محمود قائلاً لـ"الخليج أونلاين":