الجولات الأميرية.. حضور قطري متنامٍ في أفريقيا
klyoum.com
أخر اخبار قطر:
دراسة حديثة: 45 من عروض البلاك فرايداي غير بأمريكا حقيقيةعمر محمود – الدوحة - الخليج أونلاين
الأكاديمي بجامعة قطر أحمد الساعي لـ"الخليج أونلاين": الدوحة ماضية في ترسيخ دورها الإقليمي والدولي بثقة وثبات
لم تكن جولة أمير دولة قطر إلى عدد من الدول الإفريقية الأولى من نوعها؛ فقد سبق لسموه أن قام بجولات مماثلة في عامي 2017 و2019 شملت خمس دول، ليصل بذلك إجمالي الدول التي زارها الأمير في إفريقيا إلى أكثر من ثماني دول، إضافة إلى الزيارات الثنائية التي يجريها بين الفينة والأخرى.
هذه الجولات، التي تعكس مستوى الاهتمام القطري اللافت بالقارة السمراء، أسهمت في ترسيخ مكانة الدوحة في إفريقيا على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والدبلوماسية.
وقد تُرجمت نتائجها من خلال العديد من اللقاءات الرسمية والاتفاقيات الاستراتيجية، فضلاً عن الوساطات التي قامت بها قطر في عدد من الصراعات التي شهدتها المنطقة الإفريقية.
وتأتي جولات أمير قطر في القارة الإفريقية في وقت يبرز حجم الأهمية التي توليها الدوحة لعلاقاتها مع مختلف دول القارة، وسعيها المستمر إلى دعم تلك العلاقات وتطويرها في جميع القطاعات، كما تأتي في سياق نشاط قطري واسع ومتنامٍ تجاه إفريقيا، يعكس الحرص المشترك على خدمة القضايا والمصالح والاهتمامات والطموحات بين الجانبين.
كما تبرز هذه الجولات ما تمثّله القارة الإفريقية من عمق استراتيجي وامتداد طبيعي للوطن العربي، ومنفذ جنوبي مهم يربط المنطقة بالعالم، إلى جانب أنها ساحة واعدة لبناء شراكات استراتيجية اقتصادية وتجارية واستثمارية، لما تمتلكه دولها من إمكانات طبيعية وموارد خام وفرص زراعية، لا سيما فيما يتعلق بملف الأمن الغذائي.
السياسة والوساطة
في مجال السياسة والوساطة، أسهم الحضور القطري، ممثلاً بأعلى سلطة في البلاد، في تحقيق اختراقات واضحة داخل القارة الإفريقية، وذلك في عدد من أكثر الصراعات تعقيداً، ما مهّد الطريق نحو التوصل إلى اتفاقات سلام حقيقية ومستدامة.
وبأعقاب توقيع اتفاق السلام بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، واتفاق السلام بين جمهورية الكونغو وحركة 3 مارس بوساطة قطرية، برزت الدوحة بوصفها لاعباً دبلوماسياً محورياً في مساعدة دول القارة على حل أزماتها، ورسّخت موقعها كوسيط فاعل في تسوية النزاعات والأزمات على مستوى العالم.
وقد تمكنت الدوحة من تعزيز مكانتها في مجال الوساطات السياسية بفضل نهجها القائم على الحياد والنزاهة، وحرصها المستمر على الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، مما أثمر في تحقيق نتائج ملموسة في محطات عديدة، حتى أصبح اسم قطر مرادفاً للحلول السلمية في أكثر القضايا تعقيداً وحساسية.
الاقتصاد والاستثمار
وعلى صعيد الاقتصاد والاستثمار، تعاظمت استثمارات دولة قطر في القارة السمراء واتسعت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، مدفوعة بحراك دبلوماسي نشط وتحالفات واتفاقات دولية.
وساهمت الجولات الأميرية وما تلاها من تواصل مؤسسي بين أجهزة الدولة ونظيراتها في إفريقيا في ترسيخ حضور الدوحة كلاعب استثماري مهم في القارة، عبر مشاريع ضخمة في مجالات الطاقة والأمن الغذائي وسائر القطاعات الاستراتيجية.
ويأتي التوجه القطري نحو الاستثمار في إفريقيا في إطار استراتيجية شاملة للتنوع الاقتصادي والجغرافي والثقافي، بهدف تعزيز الحضور الاقتصادي العالمي للدوحة، وترسيخ مكانتها على خارطة الاستثمار الإقليمية والدولية.
وتتركز الاستثمارات القطرية في إفريقيا بشكل رئيسي في قطاعات الطاقة المتجددة، والتعدين، والصلب، والاتصالات، والنقل، ما جعل قطر أحد أبرز المستثمرين العرب في القارة.
ففي الجزائر، تعد قطر أكبر مستثمر عربي بنسبة تتجاوز 74% من إجمالي الاستثمارات العربية هناك، كما تعد الدوحة مستثمراً رئيسياً في مصر ضمن مختلف القطاعات، حيث تم الاتفاق في العام الحالي على حزمة استثمارات وشراكات بقيمة 7.5 مليارات دولار.
وفي شرق إفريقيا، وقّعت شركة "قطر للطاقة" اتفاقية مع شركتي "إيني" الإيطالية و"إكسون موبيل" الأمريكية للاستحواذ على حصص تبلغ 25.5% و10% على التوالي في امتياز الاستكشاف في حوض إنغوشي البحري في موزمبيق. وفي جمهورية الكونغو، استحوذت قطر للطاقة على 15% من شركة "توتال" الفرنسية، إضافة إلى استثمارات أخرى في قطاع الكهرباء.
كما عززت دولة قطر شراكتها مع جنوب إفريقيا في مجالات النفط والمعادن والبتروكيميائيات، لتبلغ قيمة الاستثمارات المشتركة بين البلدين نحو 13 مليار دولار.
رؤية سياسية واضحة
الأكاديمي في جامعة قطر الدكتور أحمد الساعي أكد أن جولات الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، إلى الدول الإفريقية، تعكس رؤية سياسية واضحة وتدل على حضور قطري فاعل يسعى لترسيخ موقع الدوحة كشريك دولي موثوق، ومناصر لمسارات السلام والاستقرار والتنمية في القارة السمراء.
وبيّن الساعي في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن الجولات التي قام بها الأمير القطري خلال السنوات العشر الماضية لعبت دوراً مهماً في توسيع نطاق الدبلوماسية القطرية في إفريقيا، وتهيئة بيئة مواتية لوساطات فعّالة أسهمت في حل أزمات متعددة بطريقة سلمية.
وأشار في هذا السياق إلى النموذج البارز المتمثل بالدور القطري في الدفع نحو تهدئة الأوضاع وتحقيق تقدم ملموس في ملفي الكونغو الديمقراطية ورواندا.
وأضاف أن هذه الجولات تبعث برسالة مهمة مفادها أن قطر عازمة على الاستمرار في أداء دورها الإقليمي والدولي، عبر دبلوماسية مسؤولة تسعى إلى دعم الاستقرار وتمكين الدول الإفريقية من مواجهة تحدياتها، والمضي نحو تنمية مستدامة تعود بالنفع على شعوبها.
ولفت د. الساعي إلى أن العلاقات بين قطر والدول الإفريقية شهدت تطوراً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة، نتيجة الزيارات واللقاءات المتواصلة على أعلى المستويات، والتي أثمرت عن توقيع العديد من الاتفاقيات والشراكات الثنائية في مجالات متنوعة.
وفي الجانب الاقتصادي، أوضح أن الدور التنموي والإنساني لدولة قطر يعد جزءاً أساسياً من سياستها الخارجية، إذ ترى الدوحة في دعم مشروعات التنمية والإغاثة وسيلة للحد من الأزمات قبل وقوعها، وهو مبدأ راسخ تحمله قطر في مشاركاتها ومحافلها الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة.
وأشار كذلك إلى وجود ملفات تعاون مشتركة بين قطر وعدد من الدول الإفريقية، تشمل مجالات الطاقة، والحوكمة الاقتصادية، وتطوير البنية التحتية، والزراعة، والسياحة، والخدمات المالية.
وبيّن أن حجم الاستثمارات والتبادلات التجارية بين الجانبين يشهد نمواً متسارعاً، لافتاً إلى أن التوجه القطري نحو الاستثمار في القارة الإفريقية يستند إلى ما تمتلكه إفريقيا من أسواق واسعة وموارد طبيعية هائلة.