تباين بين الخبراء حول التمويل الأنسب لمشروعات الشباب

الدوحة – إبراهيم صلاح:

يُعد تمويل المشروعات واحدًا من أهم التحديات التي تواجه رواد الأعمال عند الإقبال على تأسيس مشاريعهم الخاصة، وذلك لعدة أمور تثير أسئلة تنتج عند الإجابة عنها مُحدّدات يجب أن تكون دليل رائد الأعمال في اختيار مصدر التمويل المُناسب له، وتتعلق بحجم رأس المال الذي يحتاجه المشروع ودرجة المُخاطرة المُحتملة والوقت اللازم للحصول على الأموال والوقت المتوقع لاسترداد رأس المال من الأرباح.

ونظرًا لتنوع مصادر التمويل ما بين التمويل الذاتي والاقتراض من البنوك والتمويل عن طريق العائلة والأصدقاء والمعارف والشراكة، فإن لكلٍ منها ميزاتها ومخاطرها ونقاط قوة ونقاط ضعف.. الراية استطلعت آراء رواد الأعمال والخبراء حول التمويل الأنسب للمشروعات الناشئة، حيث حذروا من الاقتراض البنكي للبدء في مشاريع ناشئة واعتبروه من أخطر الحلول، خاصةً أن القروض تكبّد رائد الأعمال أعباءً مالية إضافية، ومع ارتفاع المخاطر في السنوات الأولى للمشاريع واحتمالية تحقيق ربح أقل فقد يتسبب الاقتراض البنكي في تراكم الديون وزيادة الخسائر.

وأكدوا أن التمويل الذاتي هو الأفضل لبدء أي مشروع ناشئ، حيث يتحمّل صاحب المشروع كافة الأعباء المالية، وفي حالة خسارته لن يكون مديونًا لأحد وإمكانية التعافي أسرع للعودة بمشروع آخر.

وحدّدوا مجموعة من الحلول في حالة صعوبة الحصول على التمويل الذاتي، وذلك عن طريق التمويل العائلي، أو البحث عن شريك، إلى جانب ما يُعرف عالميًا ب»التمويل الملائكي»، وهم في العادة أفراد أثرياء، أو مديرون تنفيذيون مُتقاعدون يستثمرون مباشرة في الشركات الصغيرة الناشئة المملوكة لآخرين. وبيّنوا أن إعداد دراسة جدوى صحيحة من حيث معرفة أوضاع السوق وحجم الاستثمارات اللازم (التكاليف) وكذلك الأرباح المتوقعة لتكوين تخطيط مالي مُناسب، يُعد أهم من البحث عن التمويل اللازم، وذلك للبدء في المشروع بشكل صحيح.

المهندس ناصر المغيصيب: التمويل الذاتي يُجنب رائد الأعمال فوائد القروض

أكد المهندس ناصر المغيصيب، رائد أعمال، أن التمويل الذاتي أفضل حل لبدء مشروع تجاري دون اللجوء لأي أنواع الاقتراض سواء البنكي أو من صديق أو حتى أحد أفراد العائلة، لأن مفهوم ريادة الأعمال مبني على المخاطر، وتحقيق الأرباح لن يكون سهلاً خلال أول ثلاث سنوات، وبالتالي فإن تمويلك الذاتي تتحمّله وحدك سواء بالخسارة أو تحقيق الربح.

وقال: بما أن ريادة الأعمال خطوة محفوفة بالمخاطر يجب أن يتمتع كل رائد أعمال بالثقة بالنفس والحكمة لحساب هذه المخاطر، ويجب عليه وضع معايير عالية جدًا لنفسه ليكون لديه ميزة تنافسية ومُحاسبة لنفسه بدلاً من تقديم الأعذار للأداء المتوسط والصبر والانتظار لحين تحقيق الأرباح.

وتابع: أكثر ما يُخطئ فيه أصحاب المشاريع الناشئة هو سرعة توقع النتائج والبحث عن الأرباح السريعة، وبالتالي يلجأ الفرد إلى الاقتراض البنكي لمُضاعفة رأس المال، وهذا أكبر خطأ ممكن أن يرتكبه إذا لم يكن مشروعه على أرض صلبة وقد نضج بشكل كافٍ لتوسعته وزيادة رأس المال.

وأضاف: اللجوء إلى الاقتراض يتسبب بعبء نفسي كبير على صاحب المشروع وبالتالي الضغط العصبي، وعليه، قد يتخذ قرارات خاطئة مبنية على الاستعجال ما قد يُعرّضه للخسائر وتراكم الديون، ومن ثم قد يصل إلى السجن.  

نايف الشهراني: الشراكة العائلية وتوزيع المهام ضمانة لنجاح المشروع

يرى نايف الشهراني، رائد أعمال، أن البحث عن الشراكة العائلية أبرز الحلول لتمويل المشروعات الجديدة دون اللجوء إلى الاقتراض البنكي، لما له من مخاطر عديدة قد تتسبّب في أعباء مالية كبيرة على صاحب المشروع، في ظل أن الربح من المشروع غير مضمون، وبالتالي الدفعات البنكية ستكون سببًا في مزيد من الضغط.

وقال: البحث عن شراكة عائلية أفضل كثيرًا، حيث لا تقتصر الشراكة في المشاريع على المال أو القرار فقط، بل أيضًا في جميع الجوانب التي تتعلق بالمشروع، سواء الأرباح أو الخسارة أو القرارات المصيرية التي تحدّد مُستقبل المشروع، بالإضافة إلى المهام والمسؤوليات وتوزيعها، ما يكون عامل إنجاح.

وأضاف: هناك شيء آخر لا يقل أهمية عن جمع الأموال، وهو كيفية إنفاقها وتدبيرها، فيمكن أن تنجح في إيجاد مصادر التمويل الكافية لمشروعك، ومع ذلك تفشل في حال لم تعرف كيف تدير تلك الأموال، وقد ينجح شخص آخر بنصف ما تملكه إن كان يعرف كيف يُدير أموال الشركة، لذلك حاول أن ترشّد نفقات الشركة، خاصةً في البداية، حيث تكون السيولة المالية شحيحة.

حصة الحداد: الشراكة والتخطيط السليم يجنبان المشروع الخسائر

نصحت حصة الحداد، رائدة أعمال، بالبحث عن شريك للمشروع كبديل عن اللجوء إلى التمويل البنكي، بشرط أن يتم إجراء العقود بالشكل الصحيح وترتيب كل المسؤوليات المالية وغيرها قبل الانطلاق، حيث إن مخاطر التمويل البنكي أكبر من الشراكة.

وقالت: أبرز عوائق انطلاق المشاريع هو البحث عن التمويل المُناسب للمشروع، وبالتالي يلجأ بعض أصحاب المشاريع إلى الاقتراض البنكي، وما يترتب عليه من تكاليف مادية قد تكون مُرهقة على صاحب المشروع، في ظل أن تحقيق الأرباح في السنوات الأولى يكون صعبًا، وبالتالي الأعباء المالية الإضافية من الاقتراض قد تكون سببًا في الخسارة وانتهاء المشروع. وأضافت: تبسيط المشروع والتخطيط المالي الصحيح له سيجنبان رائد الأعمال البحث عن التمويل، حيث إن الأهم من البحث عن الأموال هو التخطيط الجيد له. ودراسة الجدوى الصحيحة تمنع صاحب المشروع من الوقوع في الخسائر.

سعد السليطي: التمويل البنكي أفضل بشروط

أكد سعد السليطي أن اللجوء إلى قرار التمويل البنكي للبدء في المشاريع الناشئة يجب أن يكون بعد الانتهاء من دراسة الجدوى ومدى حاجة المشروع للتمويل البنكي أو لا، حيث إن التمويل البنكي ناجح مع العديدين ويكون أفضل إذا انتهى صاحب المشروع من التخطيط الصحيح، وذلك بعد أن ينتهي من دراسة الجدوى وهي عبارة عن دراسة يقوم بها صاحب المشروع لمعرفة أوضاع السوق وحجم الاستثمارات اللازم (التكاليف) وكذلك الأرباح المُتوقعة، وبناء على نتائج الدراسة يتخذ صاحب المشروع قراره بتنفيذ المشروع من عدمه.

وقال: لا يمكن القول بأن التمويل الذاتي أفضل من البنكي لأن كل مشروع يعتمد على دراسة مُحدّدة وتكاليف مادية، حيث لا يمكن أن تكون قاعدة مُعمّمة، خاصةً للمشاريع الناشئة، وقد قرر صاحب المشروع التوسعة، وبالتالي يكون قرار التمويل البنكي صحيحًا بعد دراسة كافة المُعطيات من حجم السوق وحجم استهلاك المُنتج وعدد الموظفين وخلافه.

د. محمود عبداللطيف: الاقتراض البنكي أخطر الحلول لبدء مشروع

أكد الدكتور محمود عبداللطيف خليل، رئيس مركز ريادة الأعمال بجامعة قطر، أن التمويل الذاتي لمشاريع رواد الأعمال هو الأفضل للبدء في المشروع دون اللجوء للاقتراض، حيث يُعد الاقتراض البنكي أخطر الحلول لبدء مشروع ناشئ، خاصةً أن القروض تكبد رائد الأعمال أعباء مالية عديدة، ومع ارتفاع المخاطر في السنوات الأولى للمشاريع مع احتمالية تحقيق ربح أقل، فيعد الاقتراض البنكي أخطر الحلول لتمويل مشروع.

وقال: إذا ما اضطر رائد الأعمال للحصول على أموال لتنفيذ مشروعه بعيدًا عن التمويل الذاتي، فإن هناك طريقتين أفضل من الاقتراض البنكي، الطريقة الأولى، وهي «التمويل الملائكي»: ويقوم به في العادة أفراد أثرياء، أو مديرون تنفيذيون مُتقاعدون، يستثمرون مُباشرة في الشركات الصغيرة الناشئة المملوكة لآخرين، وغالبًا ما يتمتعون بخبرة ومكانة كبيرة في مجال عملهم، ولا يُساهم المستثمرون الملائكيّون بأموالهم وخبراتهم وشبكة علاقاتهم فحسب، بل يُساهمون أيضًا بشكل مُباشر في إدارة الشركة عبر خبراتهم ومعارفهم التقنية والإدارية.

وأضاف: الطريقة الثانية: إذا لم تكن مدّخراتك كافية يُمكنك أن تلجأ إلى عائلتك وأصدقائك، وتسألهم أن يدعمُوك، إما عبر القروض أو المنح أو مقابل الحصول على أسهم من الشركة الناشئة. وتابع: ميزة هذه الطريقة أنك على معرفة عميقة بهؤلاء الأشخاص، وعلى الأرجح أنهم يثقون بك، ويدعَمونك، ويُحبون أن يروك تنجح وتحقق حلمك، لذا فلن يتردّد الكثيرون منهم في مساعدتك إن كانوا يملكون المال، كما أنهم سيصبرون عليك أكثر من المُستثمرين الغرباء الذين سيستعجلون الربح، وأولويتهم هي نجاح استثمارهم وليس تحقيق أحلامك.