د. حسن رشيد: الأغنية القطرية تحتاج إلى دعم أكبر مادياً ومعنوياً

الكتابات الموسيقية القطرية اجتهادات بلا منهجية

فهد الكبيسي هو نجم قطر الأول.. ويواصل الانتقال الزماني والمكاني

ليلة الأغنية تحرك المياه الراكدة دعا الناقد المسرحي والإعلامي الدكتور حسن رشيد إلى تقديم دعم أكبر إلى الفنانين والحركة الفنية ككل، والاهتمام بتوثيق الأغنية والموسيقى القطرية من خلال أبحاث ودراسات مبنية على أسس علمية، إضافة إلى تفعيل دور المهرجان في تطوير الأغنية القطرية من كلمة ولحن وتلحين وعازفين وأداء.

وقال د. حسن في حوار لـ العرب: كل شعوب العالم لها ارتباط بفنونها الإبداعية، سواء فنون القول أو الرقص، أو الأهازيج، وقد ارتبط الغناء في ثقافتنا بفنون البحر والبر، وكان هناك النهمة وفن الصوت وإن كان مطربونا عددهم قليل جدا، وجسدت هذه المرحلة الأولى، حيث ظهر مجموعة من الفنانين مثل إسماعيل العبيدلي، والمرحوم إسماعيل القطري أو إسماعيل الأنصاري، وشكلا مرحلة البداية بالإضافة إلى الفنانين الذين ظهروا تباعا وكانوا يمثلون الفنون الشعبية، وفن الصوت على وجه الخصوص مثل سالم فرعي وإدريس خيري وإبراهيم فرعي وعشرات من الأسماء التي تلتهم، ثم جاءت المرحلة الأهم وهي ظهور الإذاعة في 1968 والتي قدمت للمجتمع مجموعة من الأصوات ويمكن من أهم تلك الأصوات وأبرزها والتي ساهمت في تطوير وتقديم الأغنية إلى المتلقي بدءا من حسن علي، درويش ناصر، عبدالعزيز ناصر، محمد رشيد، إبراهيم علي، صقر صالح، علي عبدالستار.. وعشرات من الأسماء التي ما زلنا حتى هذه اللحظة نكتشف تواجدهم.

تشابه بين الأغنية القطرية والسعودية والكويتية

وعن مميزات الأغنية القطرية قال د. حسن رشيد: الأغنية القطرية تتشابه مع الأغاني الخليجية في إطار الإيقاع والمفردات، ربما كانت الأسبقية للكويت وللمملكة العربية السعودية من خلال الكثافة السكانية ومن خلال عمق الفترة الزمنية في تواجد الأغنية وهو الأمر الذي شكل نقلة نوعية، حيث كان لدينا فنانون الرعيل الأول مع ظهور الإذاعة وكان واضحا تأثرهم بالفنانين الكويتيين والسعوديين، وكما نعلم المرحلة التي ظهرت فيها الأغنية الكويتية في مرحلة الستينيات بقيادة شادي الخليج عوض الدوخي، سعود الراشد، عبدالحميد السيد ومن ثم «كرت السبحة»، وظهرت أسماء أخرى لمعت في الخليج والوطن العربي.

أما في السعودية فلا يمكن أن ننسى الدور البارز الذي قام به طلال مداح، وطلال عبد الحكيم، ولاحقا محمد عبده، وعمر كدرس، وكثير من الفنانين الذين ساهموا في تغذية الذاكرة الخليجية في هذا الإطار.

وفي سؤال عن سبب عدم تحقيق الأغنية القطرية الانتشار أو الصدى الذي حصلت عليه الأغنية السعودية أو الكويتية في الوطن العربي عدا بعض الأغاني، فقال الدكتور حسن رشيد: بداية كان سبب الكثافة السكانية والنسبة والتناسب، ثم وجود الفنانين، ثم وجود الموسيقيين ثم الاحتكاك بالآخر، حيث لا يمكن مقارنة الأغنية القطرية ولا حتى السعودية والكويتية بالأغنية العراقية، فهي عميقة الدلائل، وتقدم للساحة منذ مئات السنين، التاريخ سجل لنا ما كان يحصل في بغداد الرشيد وبغداد المؤمن لاحقا، ولذلك نلاحظ عليا بنت المهدي التي كانت إحدى المطربات، وإبراهيم ابن المهدي وهو أخ هارون الرشيد كان مطربا، مع وجود إسحاق وإبراهيم الموصلي، ومحمد زرياب الذي سافر إلى الأندلس، لا يمكن مقارنة حتى الأغنية السعودية بالأغنية العراقية، فالسعودية ارتبطت بأهازيج البحر في منطقة جدة وأغاني عابري الصحراء الذين كانوا يسلون أنفسهم بالأغاني والأهازيج.

السبعينيات.. رواج الأغنية القطرية

واستذكر رشيد أيام السبعينيات والتي عرفت فيها الموسيقى القطرية أوج شهرتها وقال: كان لدينا عشرات الفنانين وعشرات الملحنين المؤهلين والذين درسوا الموسيقى والتلحين في القاهرة وتشربوا الفن على أيدي عمالقة الفن العرب، وحصلوا على دعم من الدولة في تكوينهم، ومنهم عبدالعزيز ناصر، عبدالرحمن غانم، محمد رشيد، حامد نعمة، وكان هناك تنافس حقيقي في تسجيلهم لأغانيهم، وخير دليل ومثال على ذلك أن معظم أغاني الفنان علي عبدالستار وفرج عبدالكريم، والكثير من الأغاني لفنانين آخرين تم تسجيلها في القاهرة، سواء فرقة أحمد فؤاد حسن الماسية أو الفرق الأخرى التي ساهمت في هذا الإطار، وأعتقد أن الضعف والوهن الذي تعرفه الأغنية القطرية سواء في كثافتها أو قيمتها ما كان موجودا في البدايات وعند ظهور الإذاعة، لكن الوهن ظهر بعد أن ألغيت الفرق الموسيقية حيث شتت جهود الفنانين، وعدم تقديم الدعم المادي والمعنوي للفنانين.

مصادر التوثيق نادرة

أو غير متوفرة

إلى ذلك تحدث الدكتور حسن رشيد عن التوثيق للأغنية القطرية وقال: التوثيق يحتاج إلى بحوث وباحثين وفعليا ليس لدينا باحثون محليون أو موسيقيون، لا نبحث عن عمار الشريعي في مصر أو يوسف الدوخي في الكويت، أو غنام الديكان، يفهمون في الموسيقى ويكتبون عنها، لكن نبحث عن متخصصين، فالموسيقى علم يحتاج إلى أبحاث عميقة.

وتبقى الكتابات المتوفرة حاليا مجرد اجتهادات تندرج تحت الإطار الخبري، بعيدة عن الأسس العلمية، فنحن نحتاج باحثا يقرأ ويكتب النوتة، وأعتقد أننا ليس لدينا متخصصون أو علماء مثل الدكتور حسين فوزي في مصر فهو عالم في الموسيقى، وغيره من الأسماء في مختلف الأقطار، فالعملية عملية ثقافة وعلم ثم أبحاث.

لجنة مختصة

وأضاف: أعتقد أن الكتاب الذي ينجز عن الموسيقى من المفترض أن يكون نتاج عمل لجنة تتكون من أعضاء من ذوي الاختصاص مثل خليفة جمعان، والفنان فيصل التميمي، وغيرهم من الفنانين المرتبطين بالموسيقى، لكي يخرجوا بإنتاج يرقى بأن يحلل ويوثق ويرصد مسيرة الأغنية القطرية، لكن هناك الكثير من الأسماء التي ابتعدت عن الساحة رغم أنهم ضليعون بالموسيقى والأغنية القطرية، أمثال د. حسن نعمة وخالد عبيدان، وغيرهم الذين يمكنهم المساهمة في تقديم موسوعة شاملة عن الموسيقى القطرية.

اللهجة القطرية

في الأغنية المحلية

عن اللهجة القطرية في الأغنية القطرية قال د. حسن إنها لم تكن يوما عائقا في انتشار الأغنية المحلية، فلهجتنا متقاربة مع لهجات دول الجوار وهي لهجة سلسة واضحة ومفهومة، ولو كان هناك خطوة من طرف الفنانين المحليين مع المطربين من خارج قطر لساعد ذلك في انتشار الأغنية القطرية، وشهرتها، كما حدث مع بعض الأغاني وبعض المطربين.

دعم مادي ومعنوي وأضاف: الدعم الذي يحتاجه الفنان القطري بالدرجة الأولى هو دعم مادي، فمن خلال تجربتي رصدت في حقبة من الزمن عدد الفنانين الذين ظهروا فكانوا أكثر من مائة وسبعين فنانا بعضهم كان يسجل أغنية في الإذاعة ولا يعود مرة ثانية، فأين مطربو الرعيل الأول من الساحة الفنية اليوم، كما يحتاج الفنانون كذلك إلى الدعم المعنوي والتحفيز الذي يدفعهم إلى الاستمرار، ومواصلة المسير.

وأعتقد أن نجم قطر الأول هو فهد الكبيسي الذي يواصل العطاء والانتقال الزماني والمكاني، لتقديم الأغنية القطرية بنكهة قطرية، والذي يتعاون مع الكثير من الأسماء من الملحنين وكاتبي الكلمات المحليين، وإذا كان الفنان علي عبد الستار قد حمل المشعل في البداية فإن فهد الكبيسي حاليا هو نجم الساحة، ونحتاج إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي له ولغيره لكي ندعم من خلالهم الأغنية القطرية، والمواهب الشابة وكذلك الأسماء الكبيرة التي نستفيد من خبراتها وعطائها القيم.

وتابع رشيد: مهرجان الأغنية القطرية يحتاج لمزيد من دعم المواهب الشابة من جميع التخصصات، وكنت أود لو أننا رأينا جوائز لأحسن كلمات أو أحسن عازف كمان أو عازف تشيلو، فالمهرجان نحتاج منه الكثير، ولا نريده نسخة بالكربون يكرر نفسه كل عام، نحتاج للالتفات إلى العازفين وتطوير مهاراتهم، وأن نعرف مكان النقص لندعمه، فنحن نفتقر لكثير من التخصصات ونحتاج لتغطية هذا النقص.وفعلا فإن المهرجان مهم في إبراز بعض المطربين وتكريم الأسماء الكبيرة، وتحريك المياه الراكدة للأغنية القطرية، لكننا نحتاج إلى أن نعمل من خلال لجان مختصة تجهز له جيدا ليكون فعلا إضافة إلى الموسيقى القطرية والحركة الفنية والثقافية ككل.