رمضان غنيمة للمؤمن وأحد أبواب الجنة

الدوحة – محروس رسلان:

أكّد فضيلة الشيخ د. عايش القحطاني، الداعية الإسلامي والمستشار الأسري والمجتمعي، أن شهر رمضان فرصة لعتق الرقاب من النار، لذا كان السلف يدعون الله ستة أشهر ليبلّغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم الصيام، مُنوهًا بأن من نظر الله إليه بعين الرحمة لا يُعذبه أبدًا.

وأشار إلى أن رمضان فرصة لمغفرة الذنوب والعتق من النار لأنه من نفحات ورحمات الله التي يجب على المُسلم التعرّض لها مُستشهدًا بقول قتادة رضي الله عنه: «من لم يغفر له في رمضان متى يغفر له؟»، مُنوهًا بأن العتق من النار يلزمه الأخذ بأسباب بلوغه من اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وتمثّل هديه الشريف وسنّته في رمضان والتأسي بها.

وقال فضيلته في حوار له مع  الراية الرمضانية: من بين تلك الآثار والأدلة ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كانَت أوَّلُ ليلةٍ من رمَضانَ صُفِّدتِ الشَّياطينُ ومَردةُ الجِنِّ وغلِّقت أبَوابُ النَّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ وفُتِحت أبوابُ الجنَّةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ ونادى منادٍ يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِر وللَّهِ عتقاءُ منَ النَّارِ وذلِك في كلِّ ليلةٍ». (أخرجه ابن ماجه والترمذي وصححه الألباني).

وأبان أن أبرز موانع العتق من النار في شهر رمضان تتمثل في الإصرار على المعاصي، وعدم رحمة الناس، والمُجاهرة بالمعصية، وقول الزور واللغو والكذب، وقطع الرحم، وعقوق الوالدين.. هذا، وفيما يلي تفاصيل الحوار:

بدأت الصيام من الطفولة ولم يكن لدى آبائنا وأجدادنا نقاشٌ فيما يتعلق بالصيام والعبادات، حيث كانوا لا يرضون منا إلا بالالتزام والطاعة، وكانوا يلهوننا بالألعاب حتى ينتهي اليوم. وكان هناك صرامة وإلزامية قديمًا ولم يكن هناك تساهل من قبل الآباء مع الأطفال في قضية الصيام، وكان على الطفل أن يتقبّل، ولم يكن الأمر هينًا لولا حنان الأمّهات.

الآن بعض الأسر إذا لم يقم الطفل للمدرسة في الموعد المحدد قامت الدنيا ولم تقعد، والأصل أن يكون ذلك مع العبادات ومع صلاة الفجر خاصة، والدراسة أهميتها تأتي بعد العبادة وليس العكس؛ لأن الدين هو الأهم وهو ما يجب أن يقدم في الأهمية لدى الوالدين.

قديمًا في بداية عهد الشباب كنا نطلع إلى الشارع ونعبر الشارع ونلعب الكرة ولم تكن هناك مُلهيات غير التلفزيون وكانت به قناة واحدة وقلما كانت تضبط الإشارة، وكانت بيئتنا بيئة بَرّ نهتم بالحلال ونرعاه وكانت الأجواء جميلة وصافية، ورغم ذلك كنت أذهب إلى النادي وأمارس الرياضة.

أقول لهم: كل ما تجدونه من مُلهيات ستجدونه بعد رمضان، ولكن رمضان إن مر فلن تجدوه وقد يأتي رمضان المُقبل ونحن في القبور، وقد نبّه النبي صلى الله عليه وسلم على عظمة وأجر هذا الشهر، فقال: «أتاكم شهرُ رمضانَ، شهرٌ مبارَكٌ، فرض اللهُ عليكم صيامَه، تُفتّحُ فيه أبوابُ الجنَّةِ، وتُغلَق فيه أبوابُ الجحيم، وتُغَلُّ فيه مَرَدَةُ الشياطينِ، وفيه ليلةٌ هي خيرٌ من ألف شهرٍ، من حُرِمَ خيرَها فقد حُرِمَ». (أخرجه النسائي وصححه الألباني).

وبالتالي فرمضان غنيمة للمُؤمن وأحد أبواب الجنة هو باب الريان لا يدخل منه إلا الصائمون، والصيام جنة أي وقاية من النار ووقاية من الذنوب والمعاصي وآثارها على النفس البشرية.

النجاة من النار والعذاب فوز عظيم، وهو لا يكون إلا باتباع أوامر الله سبحانه والابتعاد عن نواهيه ولعظم وشدة عذاب جهنم يوم القيامة وشدة الجزع نجد الأنبياء أنفسهم يقولون في هذا اليوم الصعب: «اللهم سلم سلم».

من أجل ذلك على المُسلم أن يلزم غرز النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أبو بكر الصديق لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما: «يا عُمر، الزم غَرْزَه فإني أشهد أنّه رسول الله». قال عمر: «وأنا أشهد أنه رسول الله».

وشهر رمضان فُرصة لعتق الرقاب من النار لذا كان السلف يدعون الله ستة أشهر ليبلّغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم الصيام.

ومن نظر الله إليه بعين الرحمة لا يعذبه أبدًا، ورمضان فرصة لمغفرة الذنوب والعتق من النار، وقد قال قتادة رضي الله عنه : «من لم يغفر له في رمضان متى يغفر له؟».

من بين تلك الآثار والأدلة ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كانَت أوَّلُ ليلةٍ من رمَضانَ صُفِّدتِ الشَّياطينُ ومَردةُ الجِنِّ وغلِّقت أبَوابُ النَّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ وفُتِحت أبوابُ الجنَّةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ ونادى منادٍ يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِر وللَّهِ عتقاءُ منَ النَّارِ وذلِك في كلِّ ليلةٍ«. (أخرجه ابن ماجه والترمذي وصححه الألباني).

وقد صعِد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المنبرَ، فقال : «آمين، آمين، آمين» فلمَّا نزل سُئل عن ذلك، فقال: «أتاني جبريلُ، فقال: رغِم أنفُ امرئٍ أدرك رمضانَ فلم يُغفرْ له، قُلْ: آمين، فقلتُ: آمين، ورغِم أنفُ امرئٍ ذُكِرتَ عنده فلم يُصلِّ عليك، قُلْ: آمين، فقلتُ: آمين، ورغِم أنفُ رجلٍ أدرك والدَيْه أو أحدَهما فلم يُغفرْ له، قُلْ : آمين، فقلتُ: آمين» (أخرجه البزار والطبراني).

ورمضان نفحة عظيمة من نفحات ورحمات الله عز وجل ينبغي على المسلم أن يتعرّض لها ويغتنمها.

المطلوب هو العمل «عمل الصالحات» والدعاء، لأن الأساس في العمل أن كل إناء بما فيه ينضح وأن أي عمل يُكتب في صحيفة المرء ويُضاعف له الأجر، ويجب أن نركز على الأعمال ذات الأجور العظيمة في رمضان مثل قراءة القرآن وتدبره، والصدقة، وعلينا الاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان لأن النبي صلى الله عليه وسلم – كما تقول أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها – كانَ : «إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ». (صحيح البخاري). وهو دليل على الاهتمام بنيل أجر ليلة القدر والتي هي خير من ألف شهر؛ أي العبادة فيها خير من عبادة 83 عامًا وبضعة أشهر.

من موانع العتق من النار الإصرار على المعاصي والذنوب في رمضان، وعدم رحمة الناس، حيث قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَن لا يَرحَمْ، لا يُرحَمْ». (متفق عليه)، والمُجاهرة بالمعصية لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «كُلُّ أُمَّتي مُعافًى إلَّا المُجاهِرِينَ…». (صحيح البخاري). وقول الزور؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به والجَهْلَ، فليسَ لِلَّهِ حاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعامَهُ وشَرابَهُ». (صحيح البخاري)، وأيضًا ترك اللغو والكذب، حيث قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ليس الصيام عن الطعام والشراب، إنما هو الصيام عن اللغو والرفث والكذب.

ومن موانع الفوز بالعتق من النار في رمضان قطع الرحم، حيث يقول الله سبحانه وتعالى: «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)» (سورة: محمد)، ولأن قاطع الرحم لا يُرفع له عمل لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «تُفْتَحُ أبْوابُ الجَنَّةِ يَومَ الاثْنَيْنِ، ويَومَ الخَمِيسِ، فيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ باللَّهِ شيئًا، إلَّا رَجُلًا كانَتْ بيْنَهُ وبيْنَ أخِيهِ شَحْناءُ، فيُقالُ: أنْظِرُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا، أنْظِرُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا، أنْظِرُوا هَذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحا. وقالَ قُتَيْبَةُ: إلَّا المُهْتَجِرَيْنِ». (صحيح مسلم) . وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا : «لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ». (صحيح مسلم).

ومن موانع العتق من النار في رمضان أيضًا عقوق الوالدين، حيث اقترن في حديث النبي صلى الله عليه وسلم بعدم حصول العبد على المغفرة في رمضان.

على المُسلم أن يعلم أن لله في كل ليلة من ليالي رمضان عتقاء حتى نهاية رمضان وترفع أسماء العتقاء إلى الله في كل ليلة فاحرص أخي المُسلم على أن تكون منهم.

ونهاية رمضان هي مرحلة توزيع الجوائز فقد جعل الله رمضان مضمارًا، سبق قومٌ ففازوا وربحوا، وتأخر قومٌ فخابوا وخسروا. فيا ليتنا نعلم الفائز فنهنئه ويا ليتنا نعلم الخاسر فنقول له: «جبر الله مصيبتك».

وأوصيكم ونفسي بالدعاء فهو مُهم جدًا مع الأخذ بالأسباب وسؤال الله العفو وهو من الأدعية المُوصى بها نبويًا في العشر الأواخر من رمضان وهو أشمل من الدعاء بالعتق من النار، لأنه يتضمّن العتق والمغفرة.

وأحث المُسلمين أيضًا على الأفعال مُتعدية النفع لأن الفعل مُتعدي النفع في الشريعة له ثواب عظيم عند الله وأفضله سرور تدخله على قلب مُسلم أو كربة تكشفها عنه.