اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٠ تموز ٢٠٢٥
في سياق العدوان المتواصل على غزة، لم يكن لافتًا فقط حجم الدمار الجسدي، بل أيضًا ذلك الهجوم المنهجي على الثقافة والهوية. عشرات المكتبات دمّرت، مئات الآلاف من الكتب أُبيدت، وملايين الوثائق سُحقت تحت ركام المباني. فما الذي يدفع الاحتلال لحرق الكتب؟ وما الذي يجعل العالم والعرب على حدّ سواء يلتزمون هذا الصمت الفج؟
ككاتب ومتابع لقضايا الوعي، أقول بوضوح: ما يُستهدف ليس الورق، بل الوعي. الكتب ليست ضحايا ثانوية، بل هي الهدف. الاحتلال لا يخاف من الرصاصة بقدر ما يخشى من الفكرة، من المعرفة، من التاريخ الذي لا يمكن تزويره إلا إذا أُبيد.
حرق الكتب في غزة ليس 'أضرارًا جانبية'، بل فعل سياسي مقصود. الغاية: طمس الذاكرة، وقطع التواصل بين الأجيال، وتدمير أدوات المقاومة الفكرية.
في مواجهة ذلك، ينهض سؤال خطير: لماذا يصمت العرب؟ ولماذا تتقاعس المؤسسات الثقافية والإعلامية عن حماية ما تبقى من هوية شعب؟
الإجابة، للأسف، مؤلمة. كثير من الأنظمة تخاف من الوعي أكثر من الاحتلال ذاته. ولأن غزة باتت تزعج بمعناها، كما تُقهر بجغرافيتها، أصبحت الثقافة فيها مستهدفة كالسلاح تمامًا.
هذه ليست معركة كتب، بل معركة كرامة. من لا يدافع عن كتاب اليوم، سيفقد حريته غدًا. ومن لا يرى في قصف مكتبة جريمة، هو نفسه مشروع قمع مؤجل.
غزة لا تنزف دمًا فقط، بل تنزف ذاكرة. وإذا لم تتحرك الضمائر، فإن الدخان المتصاعد من كتبها المحترقة سيصل كل بيت عربي ذات يوم.
غزة تُحرق... ولكنها لن تُطفأ.
لأن الكلمة التي لا تموت، لا تُهزم.