تقرير خطة اشتية لفرض التقاعد الإجباري.. "مصيدة للإيقاع بغزة"

تسير حكومة رام الله، في مسار فرض التقاعد المبكر -الذي سيبدأ اختيارياً ثم إجبارياً- بهدف مُعلن هو تخفيض قيمة فاتورة الإنفاق العام، إلا أن القارئ لأبعاد هذا التوجه يدرك خطورته على قطاع غزة، وفق مراقبين.

ويقول المراقبون: إن التقاعد المرتقب لموظفي السلطة في قطاع غزة، سيُحدث فراغاً في الشواغر خاصة في المؤسسات الطبية والتعليمية، ولن توظف السلطة أحداً من غزة، مشيرين إلى أنه في حال أقدمت حكومة اشتية على تنفيذ التقاعد، فإن وضع هيئة التقاعد غير مؤهل مالياً لصرف المرتبات، في وقت أن لها خلاف قائم مع وزارة المالية برام الله بسبب عدم التزام الأخيرة تحويل الإسهامات الشهرية، وعدم صرف الرواتب بصورة منتظمة.

تنفيذ التقاعد المبكر

وبحسب وثيقة يتم تداولها فإن حكومة اشتية وضعت خطة لتنفيذ التقاعد المبكر خلال النصف الثاني من العام الجاري، تبدأ من التقاعد الطوعي لمن يريد من الموظفين العموميين ضمن شروط معينة، وتوفير بعض 'المميزات' لتشجيع الموظفين على التقدم للتقاعد الطوعي، وهو خيار سيبدأ الشهر المقبل، والبند الثاني، والذي سيتم تنفيذه اعتبارا من العام المقبل، التقاعد القسري.

حكومة اشتية تروج إلى أن هدف التقاعد خفض إجمالي فاتورة أجور الموظفين والمتقاعدين وأشباه الرواتب من (100%) من إجمالي الإيرادات في الوقت الحالي إلى (70%) بنهاية 2022، و(50%) بنهاية 2023.

يقول الاختصاصي الاقتصادي د. أسامة نوفل:'إن تطبيق خطة التقاعد المبكر تحتاج إلى ميزانية عالية، ولتغطيتها قد تتجه حكومة اشتية إلى الدول المانحة لتأمينها، رابطاً ذلك بجولة اشتية الحالية إلى الخارج ولقاءاته مع المانحين.

وأضاف نوفل لصحيفة 'فلسطين' أن تطبيق التقاعد المبكر يُشكل خطورة على قطاع غزة، حيث إن حكومة اشتية ستستبدل المحالين للتقاعد بموظفين جدد في الضفة دون غزة، مما سيكون لذلك انعكاس سلبي على قطاع غزة الذي يعاني وضعًا اقتصادي سيئًا.

وأوصى نوفل لجنة متابعة العمل الحكومي بغزة بأن تتنبه لذلك، وأن تضع سيناريوهات للتعامل مع تبعات هذه الخطة حال طبقت وتركت آثارًا سلبية على قطاع غزة.

ضغط دولي

بينما قال الاختصاصي الاقتصادي د. بكر اشتية: إن توجه حكومة رام الله للتقاعد المبكر، 'ربما جاء نتيجة تعرضها لضغط من صندوق النقد الدولي الذي ربط تقديم مساعداته للسلطة بإصلاح مالي وخفض فاتورة الرواتب'.

وأضاف اشتية لصحيفة 'فلسطين' أن حكومة رام الله 'ربما قد حصلت على ضمانات من صندوق النقد الدولي أو أي جهة مانحة، بالمساهمة في دفع مستحقات الموظفين الذين سيحالون إلى التقاعد المبكر وهو ما يفسر جدية حكومة اشتية في هذا التوجه'، مشيراً إلى أن صندوق هيئة التقاعد في صورته الحالية غير مؤهل لدفع مستحقات المتقاعدين السابقين واللاحقين.

وحث اشتية حكومة رام الله على 'إعادة هيكلية عملية التوظيف والإنفاق الحكومي على الوظائف' قائلاً:' لا نريد انتفاخًا في المؤسسة الأمنية وفي القطاعات الاستهلاكية غير المنتجة، نحتاج إلى تعزيز الوظائف الحكومية في قطاعات رئيسية تنموية مثل التعليم والصحة والزراعة والقضاء'.

التزام القانون

نقابة موظفي السلطة في قطاع غزة، تقول: إنه 'ليس لديها مشكلة مع التقاعد إن كان لا يتعارض مع القانون ويعطي الموظف حقوقه'.

ويقول نائب رئيس النقابة وائل خلف:' لم نبلغ بصورة رسمية حول ما يثار عن خطة لتنفيذ التقاعد المبكر، لكن نعلم أن هناك نية لحكومة اشتية في خفض فاتورة الرواتب'.

وأضاف خلف لصحيفة 'فلسطين'، أعتقد أن نسبة عالية من الموظفين سيوافقون على إحالتهم للتقاعد المبكر، إن حصلوا على امتيازات، ونسبة صرف تفوق 70% من رواتبهم مع زيادة مالية على المستحقات'.

غير أن ما حدث مع (20) ألفًا من الموظفين العسكريين في قطاع غزة الذين أحالتهم السلطة في عام 2017 إلى التقاعد المبكر، يدفع باتجاه التخوف من خطة التقاعد المرتقبة حيث يؤكد المحالون إلى التقاعد أن ظلمًا وقع عليهم 'بجرة قلم' دون مسوغات قانونية ولم ينصفهم أحد حتى وصلت قضيتهم إلى أروقة القضاء.

رد الحقوق

ويُطالب المنسق العام للحملة الشعبية لاستعادة حقوق الموظفين، يعقوب زروق، في حديثه لصحيفة 'فلسطين' حكومة اشتية بتطبيق قرار التقاعد العسكري على نسبة 100% وليس على متوسط راتب آخر 36 شهر، واحتساب الرتب المستحقة والعلاوات المجمدة منذ عام 2014 وإستعادة قيمتها المالية بأثر رجعي.

وأيضاً احتساب مكافأة رئيس السلطة وما تعادل قيمتها 300 شيقل في إطار منفصل خارج نسب التقاعد المعمول به، وأيضاً احتساب المدة المتبقية للمتقاعدين العسكريين قسراً حتى سن 60 سنة وهي السن القانونية للتقاعد وتقسيمها على ٢ وإضافتها لسنوات الخدمة بالرتبة والراتب.

كما يطالب زروق بمنح الترقية للرتبة العسكرية المستحقة لكل من قضى ثلثي المدة بالرتبة وحسب ما جاء في القانون الأساسي لقوى الأمن، وصرف المستحقات المالية التي تم خصمها منذ شهر مارس 2017، وصرف قيمة رد المساهمات 6% من تاريخ التفرغ بالخدمة، وصرف مكافأة نهاية الخدمة العسكرية للعسكريين المتقاعدين قسراً منذ تاريخ التفرغ في الخدمة.

وحسب بيانات وزارة المالية برام الله فإن قيمة إجمالي فاتورة الأجور شهريا (الموظفون، المتقاعدون، أشباه الرواتب) تبلغ قرابة 945 مليون شيقل، وهي تعادل دخل حكومة السلطة   البالغ قرابة مليار شيقل. 

وحالياً يبلغ عدد موظفي السلطة المدنيين والعسكريين قرابة (139) ألف موظف على رأس عملهم، وتبلغ فاتورة أجورهم الشهرية قرابة (550) مليون شيقل.