اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكـالـة مـعـا الاخـبـارية
نشر بتاريخ: ١١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
الكاتب:
عنان حمد
في فلسطين، حيث تُعد المعرفة والتعليم الركيزة الأساسية لبناء مجتمع حديث ومنافس، يظل تخصص المكتبات والمعلومات من أكثر المجالات الحيوية التي تعاني من الإهمال. إن نقص المتخصصين في هذا المجال لا يشكل مجرد مشكلة تعليمية عابرة، بل يمثل تهديدًا حقيقيًا لقدرة مؤسساتنا التعليمية على إدارة المعرفة، وتطوير مهارات البحث العلمي لدى الطلاب، ومواكبة التحولات الرقمية المتسارعة في القرن الحادي والعشرين.
المكتبة: قلب النظام التعليمي المعرفي
المكتبة ليست مجرد مكان لتخزين الكتب وترتيبها على الرفوف، بل هي قلب النظام التعليمي والمعرفي، وعمود أساسي في بناء جيل قادر على التفكير النقدي، والبحث المستقل، والوصول إلى المعلومات الموثوقة بسرعة وكفاءة. ومع ذلك، تواجه المدارس والجامعات الفلسطينية تحديات جوهرية، أبرزها:
نقص حاد في المتخصصين المؤهلين لإدارة المكتبات التقليدية والرقمية على حد سواء.
ضعف البنية التحتية الرقمية وأنظمة الأرشفة الإلكترونية، مما يحد من قدرة الطلاب والمعلمين على الوصول إلى المصادر العلمية الحديثة.
تراجع ملحوظ في مهارات البحث العلمي والتفكير النقدي، نتيجة غياب التدريب والإشراف المتخصص في استخدام المصادر والمراجع الأكاديمية.
تخصص المكتبات: عنصر استراتيجي لا بديل عنه
تخصص المكتبات والمعلومات في فلسطين ليس مجرد 'إدارة كتب'، بل هو عنصر استراتيجي في منظومة التعليم والبحث العلمي، ويشمل:
إدارة المعرفة والمعلومات الرقمية لضمان حفظها، تنظيمها، واستدامتها للأجيال القادمة.
تيسير الوصول إلى المحتوى العلمي والأدبي بما يدعم تطوير مهارات البحث، الابتكار، والإبداع.
قيادة التحول الرقمي في المؤسسات التعليمية الفلسطينية، بما يتماشى مع متطلبات عصر الذكاء الاصطناعي والاقتصاد المعرفي.
بناء قدرات الطلاب والباحثين في محو الأمية المعلوماتية والرقمية.
إن تجاهل هذا التخصص الحيوي سيؤدي حتمًا إلى تفاقم فجوة المعلومات والمعرفة في فلسطين، ويضعف قدرة الأجيال القادمة على المنافسة العلمية والثقافية على المستويين الإقليمي والدولي.
خطوات عاجلة نحو الحل
لذلك، من الضروري أن تولي وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية اهتمامًا عاجلًا وجادًا بهذا المجال، من خلال:
تطوير البرامج التعليمية المتخصصة
دعم وتوسيع برامج البكالوريوس والدراسات العليا في علم المكتبات والمعلومات، لتأهيل أخصائيين قادرين على قيادة التحول المعرفي.
التوظيف المنهجي للمتخصصين
تعيين أخصائيي مكتبات ومعلومات مؤهلين في جميع المدارس والجامعات ومراكز البحث الفلسطينية، وليس في مؤسسات مختارة فقط.
الاستثمار في البنية التحتية الرقمية
بناء وتطوير المكتبات الرقمية وأنظمة إدارة المعرفة والأرشفة الإلكترونية، بما يعزز تجربة التعلم والبحث للطالب والمعلم على حد سواء.
برامج التدريب المستمر
إطلاق برامج تطوير مهني مستمرة للعاملين في المكتبات، لمواكبة التطورات التكنولوجية وتقنيات الذكاء الاصطناعي.
خاتمة: المعرفة هي المورد الأهم
إن اتخاذ هذه الخطوات ليس رفاهية أو خيارًا ثانويًا، بل ضرورة إستراتيجية لضمان مستقبل معرفي مستدام لأجيال فلسطين القادمة. لقد حان الوقت أن نستمع إلى صدى هذا التحذير ونتحرك بجدية، فالمعرفة اليوم هي أثمن مورد، والمكتبات هي القلب النابض لمستقبل فلسطين العلمي والتعليمي والحضاري.
لنبنِ اليوم المكتبات التي سيحتاجها الجيل القادم... قبل فوات الأوان.

























































