شيء عن هواجس سلام حمدان الملوّنة!

كتب يوسف الشايب:

تحت عنوان 'هواجس ملوّنة'، أطلقت الفنانة سلام حمدان، معرضها الشخصي الأول، قبل أيام، في بهو مبنى دار بلدية رام الله، مقدمةً أكثر من عشرين لوحةً منفردة أو زوجية، عكست فيها ذلك الشعور بالقلق والتوتر وغير ذلك مما رافق 'كوفيد'، وما سبق، وما تلاه، في لوحات حملت ألواناً مشرقة، وساطعة، وصاخبة تنتصر فيها للحياة، في جدلية بين المضمون والتعبير عنه ليس بكليّة الشكل، ولكن على مستوى اللون على وجه الخصوص، وهو ما ميّز أعمال المعرض بالمجمل.

بـ'منهاج'، وعلى وقع 'موسيقى الروح'، عملت حمدان على 'بعث' ما 'كان خراباً'، بـ'استدراك' لـ'هواجس وحيدة'، و'قلق'، و'أرق'، في ورشة من 'موزاييك أفكار' على خلفية 'إيقاع أفريقي'، تنقلنا إلى 'شعر' وإلى 'بحر' و'حلم أزرق' و'فوضى فرحة'، في تجوال قد 'لا يفضي إلى شيء'، وقد 'يذهب ويجيء'.. المعرض عبارة عن رحلة 'استدراك'، وربما 'انفكاك'، في حوار مفتوح على أكثر من 'تأويل'.

وفي اللوحات المرسومة في الفترة بين العامين 2019 و2022، نرى أنماطاً متعددة لروح واحدة، فكل عمل يمكن أن يشكل منظومة منفردة تشكل نقطة انطلاق نحو مشروع قائم بذاته، كما في 'هواجس وحيدة'، أو 'قلق'، أو 'حوار أطرش'، أو 'فوضى فرحة'، وغيرها.

ثمة تفاوت على صعيد الحرفية، وعلى صعيد التعبير اللوني، بين لوحات معرض 'هواجس ملوّنة'، ولكن ثمة رابطاً ما عادة ما يتبدى في العروض الأدائية أو السرد الأدبي، وهو رابط خفيّ هنا، ليس على صلة بريشة الفنانة فحسب، بل بما بثته في اللوحات من روحها.

وقالت حمدان في حديث خاص: حبي للفن وشغفي به قديم، لكن عملي في الفن حديث بل حديث جدّاً، وهذا يشعرني بشيء من القلق، خاصة أنني لم أدرس الفن.

ولفتت إلى أن 'جائحة الكورونا قدمت لنا منحة الوقت في فترة العزل، ومعظم لوحات هذا المعرض كانت في تلك الفترة، وخرجت بأكثر من مجموعة، اخترت منها واحدة لتشكل معرض هواجس ملوّنة'.

وأشارت حمدان إلى أن التسمية جاءت من الظروف المحيطة بإنجاز لوحات المعرض، ففي فترة الحجر الكوروني، كانت هواجس القلق من الوباء تنتابها، والشعور بالحصار يتملكها، علاوة على حصار الاحتلال المتواصل منذ عقود، خلق لديها شعوراً خانقاً وفسحة تأمل كبيرة، وهو ما خلق 'شعوراً ملتبساً'.

وعلى عكس غالبية الفنانين ممن يعكسون مشاعرهم أشكالاً وألواناً في لوحاتهم، قررت حمدان أن تقلب مشاعر القلق والأرق والارتباك عبر ألوان غير داكنة في ما ترسم، مشيرةً إلى أن كلّ لوحة خرجت شكلاً كانعكاس للحالة المعنوية التي كانت تتملكها حين أنجزتها.

بدأت سلام بنشر بعض لوحاتها على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي 'فيسبوك'، ومع الوقت تطوّر الأمر، فكان معرض 'هواجس ملوّنة'، الذي قررت أن يذهب نصف ريع لوحاته لصالح مشاريع تشجير وتخضير مدينة رام الله، وكأنها محاولة منها لتقديم لونٍ مشرق للمدينة التي تعيش فيها، وتحبّ.

في العالم الرقمي، انحازت سلام حمدان إلى اللوحة، التي ترفض أنها ستكون يوماً ما 'دَقّة قديمة'، كما يُقال بالعامية، مؤكدة أنها بانحيازها للوحة تجد نفسها في تلك المساحة التي تمنحها فرصة التعبير عن نفسها بحرية، وتجد نفسها كأولئك القراء المتمسكين بقراءة الكتاب الورقي، يمسكونه بأيديهم، ويشتمّون رائحة الورق، ومتعة تقليب الصفحات، في زمن الكتاب الرقمي، ومن قبله الكتاب الإلكتروني،