مراقب الدولة: إسرائيل غير مستعدة لأزمة المناخ.. المواطنون في خطر

أكد تقرير صدر عن مكتب مراقب الدولة اليوم، الثلاثاء، إخفاق السلطات الإسرائيلية في الاستعداد لأزمة المناخ، الأمر الذي يعرّض المواطنين للخطر، في ظل تهديدات مختلفة تشمل انتشار أوبئة جديدة وتهديدات أمنية.

تابعوا تطبيق 'عرب ٤٨'... سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات

ويعتبر التقرير الذي صدر اليوم، الوثيقة الأكثر حدة التي تصدر عن هيئة حكومية إسرائيلية حتى الآن حول أزمة المناخ؛ إذ سلط الضوء على أوجه قصور جسيمة في استعداد الهيئات الرسمية للتغيير المناخي، فيما تجنب تحميل المسؤولين الإسرائيليين المعنيين مسؤولية الإخفاق.

وشدد التقرير الذي يأتي قبل أيام من انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة لتغيير المناخ ('كوب 26') المقرر بين 31 تشرين الأول/ أكتوبر و12 تشرين الثاني/ نوفمبر في مدينة غلاسكو الإسكتلندية، على أن 'الحكومات الإسرائيلية فشلت في حماية السكان'.

وأشار التقرير إلى أن '84% من الهيئات الحكومية لم تضع أي خطة للتعامل مع أزمة المناخ'، كما بيّن أن '9 من بين كل 10 هيئات حكومية لم تتواصل حتى مع وزارة المالية لتلقي ميزانيات مخصصة لهذا الغرض، على الرغم من القرارات الحكومية الواضحة في هذا الشأن'.

وأوضح التقرير أن 'إسرائيل من الدول القليلة التي لم تعد أي خطط شاملة مدرَجة في الميزانية للتعامل مع المخاطر المترتبة على أزمة المناخ'.

و'في ظل هذا الواقع'، وفقا للتقرير، فإن 'إسرائيل معرضة لخطر متزايد مع تفاقم تغير المناخ. لذلك، يجب على إسرائيل التحرك والانضمام إلى التوجه العالمي للاستعداد للتغيير المناخي'.

كما أوضح أن الأزمة المناخية 'لم تعد قضية بيئية ذات تأثيرات محدودة، بل أزمة يعتبر الاستعداد لها مكونًا رئيسيًا في الإستراتيجية القومية لتعزيز المناعة الجماهيرية العامة، وتؤثر على جميع مجالات الحياة؛ الاقتصاد، والصحة والأمن والنقل'.

ولفت التقرير إلى أن المشكلة الرئيسية هي أنه خلافا للدول الأخرى (أكثر من 75% من دول العالم قد صاغت بالفعل خططَ استعدادٍ للأزمة المناخية)، لا يوجد تغيير في التوجه الإسرائيلي بالتعاطي مع هذه المسألة.

وأكد المراقب أن 'إسرائيل هي واحدة من الدول القليلة في العالم التي لا تعمل حتى الآن، بناء على خطة وطنية مدرجة في الميزانية ومعتمدة من قبل الهيئات المعنية، على الرغم من أنها في منطقة جغرافية معرضة لمخاطر متزايدة، وبالتالي فهي أكثر عرضة لمخاطر تغير المناخ'.

ومن أبرز 'الإخفاقات' التي أشار إليها التقرير:

ويعرض التقرير الذي جاء في 665 صفحة، معلومات جديدة حول الضرر المتوقع الذي قد يتعرض له المواطنون الإسرائيليون في جميع مناحي الحياة، إذ لا يقتصر الأمر على ارتفاع درجات الحرارة وتراجع نسب هطول الأمطار وارتفاع منسوب مياه البحر وارتفاع وتيرة الظواهر الجوية القاسية؛ فقد تتعرض إسرائيل، بحسب التقرير لمخاطر أمنية، وأضرار بالصحة العامة، وأزمة بإمدادات الكهرباء، وتراجع في القدرة على توفير الغذاء للسكان.

مخاطر أمنية

وذكر المراقب أنه حتى من الناحية الأمنية، فإن أزمة المناخ تضع إسرائيل أمام مخاطر هي غير مستعدة للتعامل معها. وكشف التقرير أنه في عام 2020، شرعت وزارة الأمن والجيش الإسرائيلي في دراسة كيفية تأثير تغير المناخ على 'التحديات الأمنية'.

وأوضح التقرير أن الاستعدادات في وزارة الأمن للتعامل مع أزمة المناخ، لا تزال في مرحلة الفحص والدراسة الأولية، ولم يتم تشكيل فرق عمل لصياغة خطط ملموسة من شأنها معالجة المخاطر المتعلقة بالمؤسسة الأمنية الإسرئيلية خلال السنوات القادمة (كجزء من الخطة متعددة السنوات للجيش) وعلى المدى المتوسط أو البعيد.

وعن التحديات التي قد تشكلها أزمة المناخ لأجهزة الأمن الإسرائيلية، أشار التقرير إلى 'إمكانية العمل في بيئة تسود فيها درجة حرارة عالية أو استثنائية وظروف بيئية قاسية؛ انشغال الجيش الإسرائيلي في حماية الجبهة الداخلية المدنية في حالات التعرض لظروف جوية قاسية؛ ضرورة ملاءمة البنية التحتية العسكرية والمرافق والمنشآت التابعة للجيش لظروف المناخ المتغيرة'.

بالإضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى تحديات جيو - إستراتيجية ذات أبعاد أمنية، قد تنتج عن أزمة المناخ، وتؤثر على استقرار المنطقة والأنظمة في الدول المحيطة والمجاورة وتفاقم الأزمات القائمة. وحذر المراقب من المخاطر التي قد تشكلها دول أخرى، بما في ذلك انهيار الأنظمة في دول مجاورة، والتعرض لموجات هائلة من اللاجئين والنزوح، وغيرها من التوترات الأمنية المحتملة.

ووفقا لتعريف شعبة التخطيط في وزارة الأمن الإسرائيلية، فإن للتحديات الجيو - إستراتيجية 'تأثير حاسم' على الأمن القومي، وأن أزمة المناخ تعتبر 'عامل تهديد مضاعَف'، ولها تأثير على القضايا الجيو - إستراتيجية الإقليمية والدولية.

وأشار التقرير إلى 'مخاطر جسيمة على البنية التحتية' في إسرائيل من جراء التغيير المناخي، وقال: 'هناك خوف حقيقي من الإضرار بالبنية التحتية الإسرائيلية، بسبب تغير المناخ، مثل مرافق تحلية المياه وأنظمة النقل الجماعي'.

توفير الطعام للمواطنين

وبحسب التقرير فإنه منذ عام 1961 كان هناك انخفاض بنسبة 21% في الإنتاج الزراعي العالمي بسبب تغير المناخ، الأمر الذي لا يؤثر فقط على المحاصيل الزراعية، ولكن أيضًا على العمال. وفحصت وزارة الزراعة الإسرائيلية مؤخرًا الأضرار الاقتصادية التي لحقت بإسرائيل بسبب الكوارث الطبيعية في العقد الماضي، وقدرتها بمبلغ 3.5 مليار شيكل، وهو مبلغ يشمل الأضرار الجسدية والأضرار التي لحقت بالممتلكات الخاصة والعامة وكذلك البنية التحتية.

أزمة كهرباء

وحذّر المراقب من أن الآثار غير المباشرة لتغير المناخ، يمكن أن تترجَم في تفاقم انقطاع التيار الكهربائي أثناء الأحوال الجوية الصعبة. وقال إنه على الرغم من الزيادة الملحوظة في الطلب على الكهرباء (ليس فقط في فصلَي الشتاء والصيف)، تشير البيانات التي تم جمعها إلى انخفاض ملحوظ في حجم إنتاج الكهرباء في الأيام الحارة.

وأوضح التقرير أن أزمة المناخ قد تؤدي إلى 'الوصول إلى ذروة الطلب على الكهرباء، الأمر الذي يشكل خطرًا متزايدًا بحدوث اضطرابات محتملة في إمداداتها'. وحذّر من 'زيادة الطلب على الكهرباء وتضرر البنية التحتية لخطوط الكهرباء، بما في ذلك المحطات الفرعية وخطوط النقل والتوزيع، أو تضرر محطات الإنتاج المركزية'.

بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع مستوى سطح البحر والفيضانات المتزايدة والرياح العاتية 'قد تلحق أضرارًا مؤقتة أو دائمة بمحطات الطاقة التابعة لشركة الكهرباء الموجودة في المناطق الساحلية وفي محطات وخطوط الطاقة الموجودة في الداخل'.

وأشار التقرير إلى أن التغير المناخي، الذي قد يشمل ارتفاع وتيرة موجات الجفاف والحر 'قد يتسبب بإلحاق الضرر بالبنية التحتية للكهرباء وزيادة في وتيرة الحرائق الضخمة، بما في ذلك ’العواصف النارية’'.