اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢ كانون الأول ٢٠٢٥
تاريخ غزة يشهد خلافا لما يقول يوسف العيسى في مقاله الصادر عام 1912، والذي ربما يصف واقعا تردى فيه الأداء العام بسبب الإهمال والتفكك في نهاية الحكم العثماني، لكن مقاله يتضمن تحاملا واضحا في الأحكام الأخلاقية تجاه السكان، ويستخدم لغة تثير الشبهات بشأن مقاصده، التي تصوّر المدينة “ملعونة” أو مكتملة الفساد. ولا اعتقد ان ذلك يعود لأنه مسيحي، كما ذكر أحد المعلقين، فالمسيحيون في غزة جزء أصيل من النسيج الاجتماعي لأهلها، المشمولين بوصف يوسف العيسى،
ولو بحث قليلا، قبل أن يكتب مقاله في جريدته قبل 113 عاما، عن تاريخ غزة لعرف ما يلي:
1. في العصور القديمة
• نشأت غزة قبل أكثر من 5 آلاف عام في العصر البرونزي.
• أصبحت مدينة كنعانية مهمة على طريق التجارة بين مصر وبلاد الشام.
• خضعت للفراعنة، ثم كانت إحدى مدن الفلسطينيين الخمس في القرن 12 ق.م.
• تعاقبت عليها الإمبراطوريات: الآشورية، البابلية، الفارسية، ثم الإغريقية بعد حصار الإسكندر، فالرومانية والبيزنطية.
2. العصور الإسلامية المبكرة
• دخلت غزة الإسلام سنة 636م.
• ازدهرت تجاريا وزراعيا وكانت مسقط رأس الإمام الشافعي.
• تعاقبت عليها الدول: الأموية، العباسية، الطولونية، الفاطمية.
• احتلها الفرنجة/الصليبيون/ لفترة، ثم حررها صلاح الدين.
3. العصران الأيوبي والمملوكي
• أصبحت غزة مركزا تجارياً وعلميا مهما على طريق الحج.
• ازدهرت الأسواق، الخانات، المساجد، والزراعة.
4. العهد العثماني (1516–1917)
• كانت غزة مركزا إداريا مهما، وازدهرت خصوصا في عهد أسرة رضوان.
• دخلها نابليون لفترة قصيرة سنة 1799.
• في القرن 19 شهدت إصلاحات إدارية ونموا عمرانيا أثناء حكم محمد علي الذي استمر 9 سنوات .
• دمّرتها معارك الحرب العالمية الأولى قبيل الاحتلال البريطاني.
5. الانتداب البريطاني (1917–1948)
• أصبحت غزة مركزا للنشاط الوطني الفلسطيني.
• بعد النكبة 1948 تضاعف سكانها مع وصول عشرات آلاف اللاجئين.
• خضعت للإدارة المصرية دون ضمّ.
6. الحكم المصري (1948–1967)
• تأسيس حياة سياسية فلسطينية نشطة.
• انطلقت منها شخصيات وطنية وبدأ تشكّل الهوية المعاصرة.
• تحالفت كل القوى السياسية على اختلاف انتماءاتها وتمكنت من افشال مخططات التهجير والتوطين.
• قاومت الاحتلال الإسرائيلي وارتكبت فيها مجازر إبان العدوان الثلاثي على مصر 1956-1957
• حافظت على القضية الفلسطينية وحمت الهوية الوطنية الفلسطينية من المحو.
7. الاحتلال الإسرائيلي (1967–2005)
• سيطرة عسكرية ومستوطنات وتضييق شديد.
• استعصت على الخضوع وتمنى قادة إسرائيل اختفاءها وغرقها، وأعجزت السفاح شارون، الذي كان يحكمها نهارا وتحكمها المقاومة ليلا.
• انطلقت الانتفاضتين الأولى 1987. والثانية 2000 من قطاع غزة
8. السلطة الفلسطينية ثم الانسحاب الإسرائيلي من داخل غزة (1994–2005)
• إنشاء مؤسسات السلطة وتحسن عمراني نسبي.
• 2005: انسحاب إسرائيل من داخل القطاع لكنها أبقت السيطرة على الحدود والجو والبحر.
9. الانقسام والحصار (2007–2023)
• انسحب شارون أحاديا من قطاع غزة دون تنسيق مع السلطة عام 2005 وفرض عليها حصارا بريا وبحريا وجويا لعزلها عن باقي فلسطين.
• تم استدراج حماس لخوض الانتخابات التشريعية عام 2006
• سيطرة حكومة حماس على القطاع، عام 2007 بعد الانقلاب على نتائج الانتخابات بتوافق بين السلطة، وإسرائيل، والنظام العربي، والدولي.
• فرض على القطاع حصار شامل شارك به الجميع.
• تعرض قطاع غزة لخمسة حروب كبرى خلال الفترة 2008- 2022).
منذ السابع من تشرين الأول 2023 تتعرض لابادة جماعية للإنسان والمكان والتاريخ والذاكرة، ولم تتوقف حرب المحو رغم اتفاق شرم الشيخ في 13/10/2025 وصدور قرار مجلس الأمن2803 في 17/11/2025
غزة تواجه أعنف حرب إبادة جماعية في التاريخ قديمه وحديثه.
• دمار واسع وتهجير أغلب السكان.
• أزمة إنسانية غير مسبوقة
وصعود أكبر حركة تضامن عالمية مع غزة وفلسطين.
خلاصة القول:
غزّة مدينةٌ عمرها آلاف السنين، وممرّ حضارات، ومركز الوصل الجغرافي والديموغرافي والحضاري بين المشرق العربي والإسلامي ومغربه، وازدهرت في التجارة والعلم.
تعاقبت عليها الإمبراطوريات التي حكمت العالم، وواجهت الاحتلالات تباعا، لكنها بقيت عصية على الزوال وبقي شعبها الأبيّ عصيا على الفناء.
وفي العصر الحديث أصبحت قلب القضية الفلسطينية ورمز الصمود أمام الحصار والحروب، وصوتا يحرّك الضمير العالمي.
غزة التي يصفها يوسف العيسى بالملعونة هي غزة المباركة، الصامدة، المؤمنة بالحق والمتمسكة بإحقاقه مهما طال الزمن وعظمت التضحيات، والواثقة بتفوّق قوة الحق على حق القوة.
هي غزة التي توقظ الضمير العالمي، وتعيد تشكيل وعي الشعوب وتؤسس لعصر إنساني جديد.

























































