ما دلالات زيارة السياسي اللبناني وليد جنبلاط إلى الكويت؟

طه العاني - الخليج أونلاين

بمن التقى جنبلاط خلال زيارته إلى الكويت؟

رئيس الوزراء الكويتي، ووزير الخارجية، والجالية اللبنانية في الكويت.

ما الهدف من زيارة جنبلاط إلى الكويت؟

بحث التطورات الراهنة وسبل تسريع انتخاب رئيس جديد في لبنان.

بماذا وصف جنبلاط المصالحة السعودية الإيرانية؟

زلزال كبير في المنطقة له ارتدادات على لبنان.

تحمل الزيارة التي أجراها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط، إلى الكويت كثيراً من الدلالات؛ لتزامنها مع تغيّرات مرتقبة قد تشهدها المنطقة بعد التفاهم التاريخي بين الرياض وطهران.

وأعلنت السعودية وإيران في بيان مشترك من بكّين اتفاقهما على استئناف العلاقات الدبلوماسية، حيث يأمل المسؤول اللبناني أن تنعكس هذه المصالحة بصورة إيجابية على بلاده.

وتضمّنت زيارة جنبلاط إلى الكويت مشاركته في ندوة مع الجالية اللبنانية، وبلقاءات سياسية مع كبار المسؤولين الكويتيين لمناقشة المستجدات الراهنة.

ونوّهت صحيفة 'الأنباء' الكويتية بأن جنبلاط التقى، صباح الأربعاء 15 مارس 2023، برئيس الحكومة الكويتية الشيخ أحمد نواف الصباح، بحضور وزير الخارجية الشيخ سالم الصباح، دون مزيد من التفاصيل.

وخلال لقائه مع الجالية اللبنانية وصف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية بأنه 'زلزال كبير في المنطقة'، ورجّح أن تكون له انعكاسات واضحة على لبنان.

ونقل موقع 'النشرة' اللبناني عن جنبلاط قوله: 'ما قام به الأمير محمد بن سلمان كان خطوة مهمة، قد يتساءل البعض متى ستأتي نتائجها إلى لبنان؟ فلدينا العديد من الملفات أولها الإصلاحات، وانقطاع الكهرباء، وقطاع المصارف.. ولدينا جدول أعمال كبير مطلوب منا حالياً، وبعده قد تأتي نتائج الانفراج الإقليمي إلى لبنان'.

وشدد جنبلاط على ضرورة الإسراع بانتخاب رئيس جمهورية توافقي، مضيفاً: 'لا نريده توافقياً من أجل التوافق، بل من أجل الإصلاح.. وهذا هو رأيي، كفانا تحديات وكفانا إملاءات'.

وأشاد جنبلاط بعلاقته مع الكويت التي تعود لخمسة عقود، منوّهاً بأن زيارته لها أتت في يوم 14 مارس، الذي أدى دوراً في التاريخ، وذلك في إشارة إلى التكتل السياسي الذي تشكّل بعد حراكات لبنان عقب اغتيال رفيق الحريري عام 2005، وأدت إلى خروج الجيش السوري من البلاد.

وتضطلع الكويت بدور مهم في ترتيب العلاقات اللّبنانيّة الخليجيّة، حيث قدمت في يناير 2022 'مبادرة' لإعادة بناء الثقة بين لبنان ودول الخليج، تضمّنت التشدد في منع تهريب المخدرات من لبنان إلى دول الخليج من خلال الصادرات، وتفعيل التعاون الأمني بين الأجهزة اللبنانية والخليجية.

تحركات سابقة

ويربط مراقبون بين جولة جنبلاط الخليجية والزيارة التي قام بها نجله تيمور إلى السعودية قبل أيام، والتي التقى خلالها عدداً من المسؤولين السعوديين والجالية اللبنانية في المملكة.

وكشفت صحيفة 'الاقتصاد والأعمال' اللبنانية، في 6 مارس الجاري، عن أن رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط زار السعودية برفقة النائب اللبناني وائل أبو فاعور، حيث حظيت الزيارة باستقبال حافل في المملكة.

وخلال لقائه بالجالية اللبنانية حثّ تيمور المستثمرين من أبناء الجالية اللبنانية على مساعدة إخوانهم في لبنان.

ونقلت إذاعة 'صوت لبنان'، في فبراير الماضي، عن مصادر مطّلعة أن زيارة رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط للسعودية تأتي في إطار التواصل والتنسيق بين الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديمقراطي والرياض.

وكشفت الإذاعة عن أن النائب وائل أبو فاعور زار المملكة، مطلع فبراير الماضي، وتمّ التداول خلال لقاءاته مع المسؤولين السعوديين بالاستحقاق الرئاسي، وأبلغهم موقف وليد جنبلاط بشأن ذلك.

وزعمت المصادر أن تيمور جنبلاط أبلغ المسؤولين السعوديين بأن والده اقترح عدة أسماء للرئاسة؛ أبرزهم قائد الجيش العماد جوزاف عون، وكل من الوزير السابق جهاد أزعور، والنائب السابق صلاح حنين، أو أسماء أخرى، مؤكدًا أهمية الإسراع بانتخاب الرئيس لوقف الانهيار المتواصل في لبنان.

أهمية الزيارة

وتأتي زيارة جنبلاط الأخيرة بعد عام من تصريحات دعا خلالها إلى ترطيب علاقات بلاده مع دول الخليج، واعتبار أن الأزمة التي تمر بها بيروت سببها تخلي الدول العربية عن بلاده.

وقال وليد جنبلاط، في 15 مارس: 'في هذه الأزمة الخانقة الاجتماعية والاقتصادية التي يمرّ بها لبنان نحصد اليوم ثمن تخلي الدول العربية عنّا؛ نتيجة التصريحات الهميونية والعبثية لكبار القادة اللبنانيين تجاه الخليج'.

وفي إشارة إلى إيران والقوى اللبنانية الحليفة لها تساءل جنبلاط: 'هل سيأتينا المدد من الشرق العظيم عبر قوافل من القمح والوقود والزعفران وما شابه، كما وعدنا الشرق؟'.

ودخل لبنان بأزمة سياسية مع دول الخليج بعد تصريحات أدلى بها وزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي، في أكتوبر 2021، انتقد فيها التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ضدّ مليشيا الحوثي في اليمن.

واعتبر جنبلاط تصريحات قرداحي آنذاك بأنها حرقت ما تبقى من أواصر العلاقات بين لبنان ودول الخليج، وطالب بإقالة الوزير، واصفاً إياها بأنها 'كانت وستبقى الحاضن الأساس لمصالح لبنان واللبنانيين'.

ويقول المحلل السياسي صهيب جوهر: إن 'زيارة جنبلاط إلى الكويت تتزامن مع مجموعة مؤشرات عديدة؛ أبرزها الاتفاق الإيراني السعودي الذي جاء في لحظة مباغتة لبنانياً، ومع جهود دولية من الخلية الخماسية التي تشكلت في باريس'.

ويرى في حديثه مع 'الخليج أونلاين' أن 'المصالحة لن تنعكس في الوقت القريب على لبنان، انطلاقاً من الشروط التي وضعت في القمة الخماسية في باريس، وسينعكس ذلك في نهاية المطاف بتشدد الدول الخمس برفضها لمرشح حزب الله سليمان فرنجية بشكل قاطع'.

ويضيف جوهر بأن جنبلاط يسعى من خلال زيارة الكويت إلى محاولة استمزاج الرأي الكويتي، لا سيما أن الكويت قدمت ورقة خليجية في السنة الماضية للمصالحة مع لبنان، تقوم على مجموعة شروط تتوافق مع الشروط الخماسية التي طرحت في باريس'. 

وحول النتائج لا يعتقد المحلل السياسي أنه 'ستكون هناك نتائج مباشرة بقدر ما هو استمزاج لرأي القيادة الكويتية ومدى انغماسها في الملف اللبناني، إذ أن الكويت تاريخياً هي الدولة التي ظلت واقفة بشكل مستمر مع لبنان في أزماته الاقتصادية رغم كل الظروف'. 

ويبيّن جوهر أن جولة وليد جنبلاط 'لا يمكن اعتبارها جولة ستأتي بنتائج جيدة إلا إذا استكملت بمجموعة زيارات لدول أخرى مثل الزيارة الأخيرة إلى فرنسا، حيث سمع موقفاً فرنسياً مخالفاً للموقف السعودي والقطري والأمريكي، ولمس موافقة فرنسية على سليمان فرنجية بعكس الدول الأخرى التي رفضته'.

ويلفت جوهر إلى أن 'خلاصة الزيارة تأتي لاستشراف المرحلة المقبلة مع الكويت، وهي دولة غير منغمسة بمواقف حدية بالملف اللبناني، وكذلك محاولة الدفع كويتياً إلى تخفيض التشدد تجاه لبنان'.