اخبار سلطنة عُمان
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٠ حزيران ٢٠٢٢
طه العاني - الخليج أونلاين
متى اندلعت حرب ظفار في سلطنة عمان؟
في 9 يونيو 1965 واستمرت نحو 10 سنوات.
ما هدف قادة التمرد من إشعال الحرب؟
السيطرة على عُمان ودول الخليج وإعلان الحكم الشيوعي الماركسي.
كيف نجحت السلطنة في إنهاء حركة التمرد الشيوعية؟
انتهج السلطان قابوس بن سعيد إصلاحات شاملة عززت الوحدة العمانية.
شهدت سلطنة عمان في منتصف الستينيات اضطرابات سياسية، نتيجة التأثر بالأحداث العربية والدولية في تلك الفترة، ما أدى إلى اندلاع حركة تمرد في إقليم ظفار، وأعلن عن قيام ما أطلق عليه 'الجبهة الشعبية لتحرير ظفار' في 9 يونيو 1965 واستمرت المعارك نحو 10 سنوات.
ويبدو أن ابتعاد الإقليم عن بقية البلاد دفع الشيوعيين لتشجيع القبائل على التمرد على حكم السلطان سعيد بن تيمور، تمهيداً للاستحواذ على البلاد والتوسع لاحقاً، وهذا ما أكده المؤتمر الذي عقده قادة التمرد في سبتمبر 1968 وأعلن خلاله عن تبني برنامج 'ماركسي لينيني'، وتوسيع عملياتهم العسكرية لتشمل كل أنحاء الخليج، وفق ما يشير تقرير نشرته 'BBC' البريطانية في سبتمبر 2019.
سنوات المعارك
وسجلت جبهة التمرد إخفاقات كبيرة في سنواتها الأولى ولم تحقق نتائج تذكر، ولكن بعد انسحاب بريطانيا من عدن، وظهور الحكومة اليسارية لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية تغير الوضع لمصلحة المتمردين.
فقد كانت الحكومة اليمنية الجديدة حريصة على دعم الجبهة الشيوعية في عمان، وإمدادها بالسلاح والمال اللازم، بل وساعدتها في الحصول على تدريب صيني على حرب العصابات، كما تلقت تدريباً على يد مدربين من كوريا الشمالية على أعمال الاغتيال والتخريب، في الوقت الذي قدم فيه الاتحاد السوفييتي وكوبا السلاح والتدريب.
ويقول أستاذ التاريخ الحديث، الدكتور ميثاق خيرالله القره غولي، في حديث لـ'الخليج أونلاين'، إن جمعيات سرية كانت قد بدأت تتشكل في ظفار هدفها الإطاحة بنظام حكم السلطان سعيد، ومن هذه الجمعيات شكلت جبهة تحرير ظفار عام 1965.
ويشير القره غولي إلى أن هذه الجبهة بدأت منذ تشكيلها بصدام مسلح مع القوات النظامية العمانية، وكانت مدعومة في بادئ الأمر من الحركة القومية العربية، ومن ثم حصلوا على دعم من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وبدعم من الاتحاد السوفييتي.
ويضيف أنه كان السلطان سعيد يعول كثيراً على البريطانيين، إلا أن قرار بريطانيا عام 1968 بالانسحاب من الخليج العربي أربك حساباته، ومع بداية عام 1970 أصبحت معظم أراضي ظفار تحت سيطرة الثوار.
ويبين القره غولي أنه وبعد تولي السلطان قابوس مقاليد الحكم في 23 يوليو 1970، قام بإنهاء محركات ودوافع التمرد بسياسته الإيجابية تجاه الظفاريين والعمانيين عموماً، حيث وضع أسساً جديدة لحكم البلاد داخلياً وخارجياً، وعمل على تحسين وضع المواطن العماني.
وتلا ذلك تصاعد الاشتباكات بين قوات الجبهة التي وصل عددها إلى 6 آلاف مقاتل، وبحلول عام 1970 كانت الجبهة تسيطر على نحو 80% من أراضي إقليم ظفار.
وفي المقابل حصلت الحكومة العمانية على دعم عسكري من إيران والأردن في الوقت الذي وفرت لها السعودية الدعم السياسي فدخلت السلطنة الجامعة العربية في أواخر عام 1971 والأمم المتحدة لاحقاً.
وبفضل ذلك الدعم أخذت الأوضاع تتغير لمصلحة قوات السلطان قابوس في ظفار، ليشهد عام 1975 نهاية التمرد في وقت تزايد فيه الدعم السياسي للسلطنة، بينما أنهى الرئيس المصري السابق أنور السادات دعم تمرد ظفار، كما تخلى العراق عن دعم الجبهة بعد توقيع اتفاقية الجزائر مع إيران عام 1975، وتوقفت الصين التي كانت تسعى لتحسين العلاقات مع شاه إيران عن دعم الجبهة.
إنهاء الاقتتال
وكان يوم 11 ديسمبر 1975 من الأيام الخالدة في ذاكرة العمانيين، حيث أعلن سلطان عمان إسقاط المد الشيوعي ودحر التدخلات الخارجية في ظفار بعد أكثر من 10 سنوات من الحرب والتشرذم والخصام.
ويشير الكاتب نصر البوسعيدي، في مقاله بصحيفة 'الشبيبة' العمانية، في أغسطس 2019، إلى أن الأسباب الحقيقية لتلك الأحداث الدامية 'تكمن في العزلة والتشدد السلطوي الذي مارسه السلطان السابق لأسبابه الخاصة، بعدما ضاق ذرعاً من بعض الدول المجاورة وأطماعهم ودعمهم لحركات التمرد والانقسام، وهو من وحد عمان تحت سلطة واحدة بعد عناء شديد'.
ويشير إلى أن عمان استبشرت بالعهد الجديد، وبالأخص بعدما خاطب السلطان قابوس شعبه عام 1970، ليعلن لهم عن الكثير من العمل الذي يجب على العمانيين جميعهم القيام به من أجل الوطن ووحدته، كما أنه أسقط الكثير من القيود التي كانت مفروضة في العهد السابق، وعاهد شعبه بأن مشكلة الحرب في ظفار ستنتهي لا محالة بالقوة والتسامح والحكمة والعفو في عز المقدرة.
وما إن انتهت الحرب حتى انضم كثير من أبناء ظفار إلى صفوف الجيش العماني 'إيماناً بأن الوطن يحتاج للوحدة أكثر من الخصام الذي استمر طويلاً'.
وتقول الباحثة في التاريخ، الدكتورة بدرية النبهاني، إنه بعد القضاء على التمرد، نجح السلطان قابوس في استعادة العديد من أبناء ظفار، ليعودوا ويضعوا يدهم في يده لبناء عمان الحديثة، فكسب ولاء الكثير من المعارضة ومنهم العديد ممن كان ينتمي لحركة تحرير ظفار.
وأفادت، في حديثها لـ'الخليج أونلاين'، أن السلطان قابوس نجح في غرس قيم الولاء والانتماء للأرض، مركزاً على تدعيم مبادئ المواطنة وتفعيل القانون للجميع، وهو ما جعل العمانيين إلى اليوم يعتبرونه رمزاً وطنياً خالداً.
وتشير النبهاني إلى أن من أبرز الدروس التي استفادت منها عمان، 'تمثلت في السياسة الداخلية التي اتبعها السلطان قابوس بتفعيل مبادئ المواطنة الصالحة، والتأكيد الدائم أن الوطن فوق الجميع، وأن مسؤولية الحفاظ عليه مسؤولية مشتركة بين الحكومة والمواطن، وكذلك كان حريصاً أن تمتد يد التنمية إلى جميع الأراضي العمانية دون تمييز ودون ذكر للماضي'.
بعد الحرب
وحرص السلطان الراحل قابوس بن سعيد على معالجة ملف الحركة الشيوعية بعدة وسائل وبطريقة متوازية، تمثلت في العديد من المحاور المهمة.
وتبين صحيفة 'أثير' العمانية، في 20 أكتوبر 2014، بأنه نجح في استعادة دور القبيلة باعتبارها نواة المجتمع، وبنيته النووية، وسنده التاريخي في الحرب على الشيوعية، كما استدعى الموروث الديني والتاريخي والعربي وأطلق مقولته الشهيرة: 'دستورنا الإسلام والشريعة منهجنا'، في أحد حواراته الصحفية.
كما عمد إلى محاصرة الحركة الشيوعية دولياً، ووقف التعامل مع أي دولة عربية أو أجنبية تدعم نظام (عدن) أو تسعى إلى تسليح المتمردين، وعمل على استنهاض شعوب المنطقة والحكومات الخليجية للوقوف ضد المد الشيوعي الزاحف على ضفاف الخليج.
وعندما بدأ تشكيل حكوماته المتعاقبة حرص السلطان قابوس ألا يتسرب الفكر الشيوعي أو الإلحادي إلى مؤسسات الدولة الفتية، واستخدم منهجاً تصالحياً في استقطاب شعبه نحو بناء دولة المؤسسات والقانون، وأطلق شعار 'عفا الله عما سلف'.
وبعد تحقيق الانتصار العسكري بدأ أسرع حركة إعمار في جبال ظفار، وتعويض أهالي المنطقة نفسياً، واقتصادياً، وثقافياً، عما لحق بهم من جراء التصرفات والقرارات الشيوعية.
وبدأت عمان نهضة تعليمية وفق مناهج جديدة تقوم على الاعتداد بالشخصية العمانية والمرجعية الدينية، ورافق كل ذلك دعوة العمانيين للعودة من بلاد المهجر والمشاركة في نهضة بلادهم، ثم تلتها عدة مراسيم وقرارات وتوجيهات سعياً إلى تأسيس دولة المواطنة.
