قفزة النفط تمنح شعوب الخليج الثروة الأعلى عربياً.. كيف ذلك؟

طه العاني - الخليج أونلاين

قطر أولاً، ثم الكويت، والإمارات، والبحرين، والسعودية، وعُمان.

نجاح الخطط الاقتصادية وارتفاع نمو الإيرادات النفطية.

حققت دول مجلس التعاون الخليجي نتائج متقدمة في تقرير 'الثروة العالمية' لعام 2022، الصادر عن بنك 'كريدي سويس' السويسري، وتصدرت قطر الدول العربية بحصة مواطنيها السنوية من ناتجها المحلي الإجمالي.

ويعزو التقرير سبب ارتفاع ثروات الأفراد في بلدان الخليج العربي إلى نمو الإيرادات العامة للدول النفطية بنسب مرتفعة، وتحقيقها فائضاً في موازناتها العامة بعد عجز كبير شهدته خلال الأعوام الماضية منذ صدمة انهيار الأسعار في 2014.

وتوقّع صندوق النقد الدولي، في أغسطس الماضي، أن تجني البلدان النفطية في الشرق الأوسط، وبصفة خاصة بلدان الخليج، ما يزيد على 1.3 تريليون دولار خلال السنوات الأربع المقبلة من الإيرادات النفطية الإضافية، وهو ما سيعزّز قوة صناديق الثروة السيادية في المنطقة.

قطر

واحتلت قطر المركز الأول عربياً وخليجياً في حصة الفرد من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، بحصة فرد سنوية بلغت نحو 183.1 ألف دولار.

وفي 30 سبتمبر 2022، أظهرت بيانات صادرة عن جهاز التخطيط والإحصاء ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بنسبة 6.3%، إلى171.97 مليار ريال (47 مليار دولار) في الربع الثاني من 2022، مقارنةً بنفس الفترة من العام 2021 التي بلغ فيها مستوى 161.71 مليار ريال (44 مليار دولار).

وقفز الناتج المحلي بالأسعار الجارية الاسمي بنسبة 40.7 % على أساس سنوي مرتفعاً إلى 219.87 مليار ريال (60 مليار دولار) في الربع الثاني من 2022، قياساً بالربع الثاني من العام الماضي التي بلغ فيها 156.29 مليار ريال (43 مليار دولار).

وكشفت مجلة 'غلوبال فاينانس'، في تصنيف نشرته الشهر الماضي، أن قطر أغنى بلد بمنطقة الخليج والعالم العربي، ورابع أغنى بلد في العالم، حيث بلغ نصيب المواطن فيها 112.7 ألف دولار من الناتج المحلي سنوياً.

الكويت

وجاءت الكويت في المرتبة الثانية عربياً وخليجياً، بمتوسط ثروة يبلغ 171.3 ألف دولار، للفرد الواحد على أساس سنوي، حسب تقرير  بنك 'كريدي سويس'.

ونقلت صحيفة 'الأنباء' الكويتية، في 30 سبتمبر الماضي، عن موقع 'موني انك' الأمريكي، في تقرير له أن الكويت تعتبر من أغنى دول الشرق الأوسط بسبب وفرة إمداداتها من النفط الخام.

وقال الموقع: إن 'الكويت تعتبر دولة صغيرة جغرافياً، إلا أنها تتمتع باقتصاد مفتوح تعززه احتياطيات نفطية تبلغ نحو 102 مليار برميل، وهو ما يمثل 6% من إجمالي الاحتياطيات العالمية'.

وأشار إلى أن الدخل النفطي يساهم فيما يقرب من نصف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، و90% من الدخل الحكومي.

ووفق الصحيفة فإن الكويت تخطط لزيادة الانتاج النفطي ليصل إلى 4 ملايين برميل يومياً بدلاً من 2.8 مليون برميل حالياً من أجل زيادة إيرادات البلاد.

وتحاول الكويت حماية نفسها من حالات عدم اليقين التي تواجه صناعة النفط من خلال تحويل ما نسبته 10% على الأقل من الإيرادات السنوية للبلاد إلى صندوق احتياطي الأجيال المقبلة.

وذكرت صحيفة 'الأنباء' أن البلاد تواجه صعوبة في تنويع اقتصادها نتيجة التأخير في ترسية عقود القطاع الخاص والمناخ السياسي في البلاد.

الإمارات

وحلت الإمارات في المرتبة الثالثة في تقرير  الثروة العالمية، بمتوسط ثروة سنوية للفرد 122.8 ألف دولار.

وفي أغسطس الماضي، صنف البنك الدولي الإمارات بالمرتبة الـ13 عالمياً في مؤشر نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي.

كما قدر التصنيف معدل القوة الشرائية لإجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات بنحو 2.4 تريليون درهم (660.34 مليار دولار)، لتتبوأ بذلك المرتبة الـ36 عالمياً في هذا المؤشر.

ويعكس مؤشر معدل القوة الشرائية الدخل المرتفع للأفراد وقدرتهم على تحمل تكاليف السلع والخدمات، إذ تُعد قدرة المستهلك على الشراء مؤشراً مهماً لقياس الحالة الاقتصادية، فكلما زادت عمليات الشراء للسلع أو الخدمات، زاد النمو الاقتصادي للبلاد.

البحرين

وأما البحرين فقد جاءت في المركز الرابع خليجياً وعربياً بمتوسط ثروة للفرد بلغ 98 ألف دولار، حسب تقرير 'كريدي سويس'.

وكانت البحرين قد أحرزت المرتبة الثالثة خليجياً بعد قطر والإمارات، والـ25 عالمياً في قائمة 'غلوبال فاينانس' لأغنى دول العالم للعام 2022، ضمن القائمة التي تضم 192 دولة.

السعودية

وبحسب التقرير ذاته، حلت السعودية خامساً بين الدول العربية والخليجية، بقيمة متوسطة تبلغ 84.4 ألف دولار للفرد الواحد.

يأتي هذا فيما حققت السعودية قفزة هائلة في نصيب المواطن السعودي من الناتج المحلي بنسبة 12.2% في الربع الثاني من عام 2022 مقارنة بالربع المماثل من عام 2021، وهي أعلى نسبة منذ 2011، وفق بيانات الهيئة العامة للإحصاء في السعودية.

وبيّنت وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية عبر موقعها الرسمي، في 25 سبتمبر الماضي، ​​​​ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 29.82 ألف ريال (7.9 آلاف دولار) خلال الربع الثاني 2022، كأعلى مستوى منذ سنوات.

عُمان

وأما سلطنة عمان فكانت في المركز السادس عربياً وخليجياً وبلغ نصيب الفرد من ناتجها المحلي السنوي نحو 39.433 دولاراً.

وكشف تقرير نشرته صحيفة 'الشبيبة' العمانية، في يوليو الماضي، تحقيق ارتفاع طفيف بنسبة 0.15% لمتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في السلطنة للعام 2021 مقارنة بالعام 2017.

وتهدف السلطنة إلى أن يرتفع متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 40% في العام 2030، وبنسبة 90% في العام 2040، بحسب الصحيفة.

وكشف تقرير للبنك الدولي، في أبريل الماضي، مواصلة الاقتصاد العماني مساره نحو النمو، وتوقّع تحقيق زيادة بنسبة 5.6% للناتج المحلي في 2022، وما يقارب 2.7% العام المقبل.

السر بإيرادات النفط

وفي قراءته لنتائج تقرير 'الثروة العالمية' قال المحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي: إن 'دول الخليج احتلت مراتب عليا في الثروة العالمية، وذلك بفضل حجم دخلها وناتجها المحلي على مدار عشرات السنين، ويعود الفضل بالدرجة الأولى إلى دخلها من إيرادات النفط والغاز'.

وأضاف العبسي، في حديثه لـ'الخليج أونلاين'، أن 'إيرادات النفط والغاز مكنت دول الخليج من إنفاق مبالغ ضخمة على البنى التحتية والأنفاق والأبراج والاستثمارات، ما رفع دخل المواطن فيها، حيث أصبح من أعلى الدخول في العالم'.

وأشار إلى أن التحدي الكبير الذي تواجهه دول الخليج هو أن نتاجها المحلي يعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط، لذلك فإن أي تراجع غير محسوب لأسعار الطاقة الأحفورية يتسبب بأزمات مالية واقتصادية كبيرة لهذه الدول كما حصل في أزمات سابقة.

وذكر  العبسي أن على دول الخليج تقليل نسبة الاعتماد على النفط والغاز في موازناتهم، وفي تحكم أسعارهما بالناتج المحلي.

ولفت إلى أن هذه الدول بدأت بالسنوات الأخيرة فعلاً بوضع خطط ورؤى من أجل تنشيط الاقتصاد غير النفطي، والتركيز على الصناعة والزراعة والتعدين وغيرها من القطاعات.

وتوقع المحلل الاقتصادي أن تحقق الدول الخليجية مزيداً من التقدم في ناتجها المحلي الإجمالي، في ظل الارتفاع الكبير حالياً في أسعار الطاقة بسبب تداعيات الحرب الروسية ضد أوكرانيا وزيادة الطلب العالمي.