إقبال متزايد ورعاية رسمية.. ثقافة التبرع بالأعضاء تزدهر في الخليج

طه العاني - الخليج أونلاين

ما سبب زيادة إقبال الخليجيين على التبرع بأعضائهم؟

بسبب المبادرات والبرامج التحفيزية التي أطلقتها الحكومات الخليجية لتشجيع التبرع بالأعضاء.

بماذا أفتت هيئة كبار علماء السعودية بشأن التبرع بالأعضاء؟

التبرع بالأعضاء من أعظم مقاصد الدين، وهو نوع من الإحسان.

كم عدد المتطوعين للتبرع بأعضائهم في دول الخليج؟

أكثر من مليون متبرع، غالبيتهم من السعودية وقطر.

يتزايد انتشار ثقافة التبرع بالأعضاء البشرية في المجتمعات الخليجية باعتباره سلوكاً إنسانياً نبيلاً ينقذ أرواح كثير من المرضى الذين هم في أمسّ الحاجة إليه.

وأطلقت الحكومات الخليجية، خلال السنوات الأخيرة، مبادرات وبرامج صحية متنوعة هدفها تشجيع المواطنين والمقيمين على التسجيل في قوائم التبرع، سواء في الحياة أو بعد الوفاة.

وأعلنت هيئة كبار العلماء بالسعودية، في مايو 2021، أن التبرع بالأعضاء بعد الوفاة ليستفيد منها الآخرون مشمول باستبقاء الحياة والمحافظة عليها، والتي هي من أعظم مقاصد الدين الإسلامي، وتدخل ضمن مفهوم الآية: 'ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً'، واعتبرت أن هذا التبرع من الإحسان الوارد في قول الله عزّ وجلّ: 'وأحسنوا إن الله يحبُّ المحسنين'.

السعودية.. أوسمة رفيعة

وأقر مجلس الوزراء السعودي، في أبريل 2021، نظام التبرع بالأعضاء البشرية الذي يهدف إلى تنظيم إجراء عمليات نقل وزراعة الأعضاء وحفظها وتطويرها للمحافظة على الحياة البشرية وحماية حقوق الأشخاص الذين تنقل منهم أو إليهم الأعضاء البشرية.

وعمدت المملكة إلى ترخيص المنشآت الصحية وتحديد مسؤولياتها فيما يتعلق بالتبرع بالأعضاء وزراعتها، والحرص على منع استغلال حاجة المريض أو المتبرع أو الاتجار بالأعضاء البشرية.

ومنح العاهل السعودي الملك سلمان، في 18 يناير 2023، 'وسام الملك عبد العزيز' من الدرجة الثالثة لـ 100 متبرع بالأعضاء، سواء كان العضو من حي أو من متوفى دماغياً، وهو إجراء يعلن باستمرار، وشمل مئات المتبرعين، خلال السنوات الماضية.

وكشف تطبيق 'توكلنا' السعودي، في 30 نوفمبر الماضي، عن تسجيل 500 ألف متطوع للتبرع بالأعضاء في عموم المملكة.

من جانبه كشف مركز التبرع بالأعضاء السعودي، في 28 فبراير 2022، أن عدد المتبرعين بأعضائهم بعد الوفاة بلغ 17 ألفاً و534 متبرعاً، أنقذ عن طريقها 15 ألفاً و130 مريضاً، وأجريت 9 آلاف و268 عملية ناجحة، فيما ينتظر 20 ألفاً و971 مريضاً التبرع.

قطر.. الأكثر شمولاً

ويوفر برنامج زراعة الأعضاء في قطر عمليات جراحية دقيقة لزراعة الكلى والكبد، وحتى الرئة، ما يجعل 'مؤسسة حمد الطبية' واحدة من أكثر مراكز زراعة الأعضاء شمولاً في المنطقة.

ويواصل المواطنون والمقيمون دعم برامج قطر المتميزة للتبرع بالأعضاء وزراعتها، وفق أعلى المعايير العالمية.

وكشفت مؤسسة حمد الطبية، في 12 نوفمبر الماضي، عن أن سجل المتبرعين بالأعضاء تجاوز 500 ألف متبرع مسجل، وهو ما يمثل نحو 25% من السكان البالغين في قطر.

وحقق برنامج زراعة الأعضاء هذا العام إنجازاً تاريخياً بإجرائه أكبر عدد عمليات زراعة للكلى منذ إنشائه، إلى جانب إجراء ثلاث عمليات زراعة رئة في العام الأول من برنامج زراعة الرئة.

ونقلت وكالة الأنباء القطرية عن الدكتور رياض فاضل مدير مركز قطر للتبرع بالأعضاء (هبة)، عضو لجنة خبراء التبرع بالأعضاء وزراعتها في منظمة الصحة العالمية: إن 'سجل التبرع بالأعضاء في قطر يتضمن أكثر من 131 جنسية، ما انعكس إيجاباً على معدل التبرع بالأعضاء بين جميع الجنسيات'.

الإمارات.. برنامج حياة

وكشفت الجهات الصحية في الإمارات عن تسجيل آلاف الراغبين للتبرع بالأعضاء ضمن البرنامج الوطني للتبرع وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية 'حياة'، فيما شهد زيادة كبيرة في حالات التبرع مقارنة بالأعوام السابقة، وأسهم في إنقاذ مئات الأشخاص.

ونقلت صحيفة 'الإمارات اليوم'، في 30 يناير 2023، عن رئيس اللجنة الدكتور علي العبيدلي، أن نسبة المشاركة في البرنامج شهدت زيادة كبيرة بمعدل 41% في عام 2022، مقارنة بـ 2021.

وأعلن العبيدلي في تصريحه أن عدد المتبرعين بلغ 130 شخصاً أسهموا في إنقاذ حياة أكثر من 500 شخص من أطفال وبالغين وكبار سن من مختلف الجنسيات، كما وصل عدد المسجلين في البرنامج إلى أكثر من 10 آلاف من مختلف الجنسيات والثقافات والأعمار.

وتحدث برنامج 'حياة'، في 28 أكتوبر الماضي، عن تمكين 114 عائلة من 20 جنسية مختلفة من التبرع بـ 417 عضواً شمل القلب، والرئتين، والكبد، والبنكرياس، والأمعاء الدقيقة، والكلى، وتمت زراعتها لـ 400 مريض فشل عضوي من 29 جنسية مختلفة.

الكويت.. بطاقات للتبرع

ورغم أن أعداد متبرعي الكويت هم الأقل خليجياً فإنها تعد الأولى عربياً والثانية شرق أوسطياً في نسبة المتبرعين بالأعضاء بعد الوفاة، وذلك قياساً بعدد السكان.

وقال رئيس الجمعية الكويتية لزراعة الأعضاء مصطفى الموسوي، في 2 فبراير 2023، لوكالة الأنباء الكويتية، إن إجمالي عدد المتبرعين محلياً يظل قليلاً مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي والدول الشرق أوسطية والآسيوية.

وأطلقت الكويت حملة تستهدف زيادة عدد حاملي 'بطاقات التبرع' من 17 ألف متبرع حالياً، غالبيتهم من الشباب الكويتي، إلى 30 ألفاً، حيث إن تعبئة بطاقة التبرع بمنزلة 'الوصية' لما بعد الوفاة.

وأشار الموسوي إلى أن الكويت تجري نحو 100 عملية لزراعة الكلى سنوياً، في مركز زراعة الأعضاء، و'رغم أنها كانت الأولى خليجياً في هذا المجال منذ 1979 فإنها لا تزال متأخرة في زراعة أعضاء أخرى كالرئة والقلب التي سبقتنا إليها بعض الدول الخليجية'.

البحرين.. قلق وموانع

وأطلقت اللجنة الوطنية لزراعة الأعضاء في البحرين منصة إلكترونية للتبرع بالأعضاء، في يونيو الماضي، تتضمن نبذة عن اللجنة، وإجابات على أبرز الأسئلة التي تتعلق بالتبرع وطريقته، والاشتراطات الخاصة به.

وفي استطلاع أعلنه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة 'دراسات'، في 11 يناير 2023، أوضحت البيانات أن 87% يفضلون التبرع أثناء الحياة، فيما أعرب 33% من العينة عن قلقهم على صحة المتبرعين، فيما رأى 31% أن هناك موانع دينية تحول دون التبرع.

وقال عضو مجلس الشورى الطبيب الاستشاري أحمد العريض، في 8 ديسمبر الماضي، إن البحرين شهدت خلال السنوات الماضية، زراعة أكثر من 150 كلية من أقارب ومتوفين دماغياً، وبأيدي جراحين بحرينيين وخليجيين.

عُمان.. حملة وطنية

وبالتزامن مع اليوم العُماني للتبرع بالأعضاء، الذي وافق 19 ديسمبر 2022، أطلقت وزارة الصحة بالتعاون مع الرابطة العُمانية لزراعة الأعضاء، ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية، الحملة الوطنية للتبرع بالأعضاء، بهدف توعية أفراد المجتمع بأهميته.

وكشفت السلطنة خلال إطلاق الحملة عن أن إجمالي عدد المتبرعين ما بعد الوفاة المسجلين في تطبيق 'شفاء' التابع لوزارة الصحة العمانية بلغ 7092 مُتبرعاً.

وبلغ عدد عمليات زراعة الأعضاء في عُمان منذ عام 1988 وحتى الآن نحو 347 عملية، منها عمليات زراعة الكلى بإجمالي 325 عملية لـ306 من المتبرعين الأحياء، و19 من المتبرعين المتوفين، بينما بلغت عمليات زراعة الكبد 22 عملية من المتبرعين الأحياء.

بين موافق ومعارض

ويعتقد الباحث حارث بن سيف الخروصي، أن التبرع بالأعضاء يشوبه كثير من الجدل بين موافق ومعارض ومشترط، كما أنه قد واكب ظهور هذا النوع من التبرع جدل فقهي وقانوني وأخلاقي حول جوازه؛ لكونه من النوازل التي لم تكن موجودة في السابق.

ويرى الخروصي في حديثه مع 'الخليج أونلاين' أن التبرع بالأعضاء قد يسهم في إنقاذ حياة كثير من الناس، وهو من جوانب فعل الخير، وهو 'أسمى نوع من تضامن الإنسان مع أخيه الإنسان'.

ويؤكد الخروصي أنه 'إن كان التبرع بالأعضاء من المحببات فإن بيع الأعضاء من الشنائع التي يجب التحذير منها أخلاقياً وفكرياً'.

ويشير إلى أن هنالك ازدياداً في رغبة الخليجيين في التبرع بأعضائهم بعد الموت، كجزء من الأجر والثواب وتكفير الخطايا، ولكن يجب أن يصاحب هذا النوع من التبرع ضوابط قانونية وإجرائية وتشريعية تصاغ بما يحقق الهدف السامي ويغلق أي ثغرات قد ينطوي عليها التبرع.