الأنشطة الرياضية في مواجهة السمنة.. استراتيجية خليجية ناجعة

طه العاني - الخليج أونلاين

كيف تعمل دول الخليج على تشجيع الأنشطة الرياضية؟

من خلال بناء منشآت رياضية، وتخصيص أيام رياضية، وإطلاق استراتيجيات.

ما هو ترتيب دول الخليج في معدلات السمنة؟

الكويت ثم السعودية ثم قطر ثم الإمارات ثم البحرين ثم عُمان.

ما مخاطر قلة ممارسة الرياضة؟

الإصابة بأمراض القلب والسكر والضغط وغيرها.

تعمل دول مجلس التعاون الخليجي على تشجيع ممارسة الرياضة وزيادة النشاط البدني بين سكانها، من خلال العمل على بناء مرافق ومنشآت رياضية بالشراكة مع القطاع الخاص، ما يسمح للجميع بممارسة الرياضات المفضلة.

وبعد رفع الإغلاق وتخفيف الإجراءات الاحترازية ارتفعت وتيرة النشاطات الرياضية في الدول الخليجية، سواء كانت في القاعات الرياضية أو الهواء الطلق أو داخل المنازل، وذلك بالتزامن مع ارتفاع معدلات السمنة بعد الجائحة.

وبحسب موقع 'world population review'، فإن ترتيب دول العالم بمعدلات السمنة بين السكان البالغين، لعام 2022، وضع الدول الخليجية بمراكز متقدمة ضمن القائمة، في زيادة ملحوظة عن العام الماضي.

وحصلت الكويت على المركز الـ11 عالمياً، حيث يعاني 37.90% من السكان السمنة المفرطة، وجاءت المملكة العربية السعودية بالمركز الـ14 عالمياً، بنسبة 35.40%، وجاءت قطر في المركز الـ15 عالمياً، بنسبة 35.10%، والإمارات العربية المتحدة بالمركز الـ20 عالمياً، بنسبة 31.70%، والبحرين في المركز الـ25 عالمياً، بنسبة 29.80%، وكانت عُمان الأقل خليجياً وحلت بالمركز الـ39 عالمياً، بنسبة 27%.

وحذَّرت منظمة الصحة العالمية، الأربعاء 4 مايو 2022، من أنَّ طلب الأطفال الوجبات عبر تطبيقات الهواتف الذكية واستخدامهم الألعاب على الإنترنت يساعدان في انتشار السمنة.

واقترحت المنظمة فرض قيود على تسويق الأغذية غير الصحية للأطفال، وتخفيض أسعارها، وتشجيع الناس من جميع الفئات العمرية على ممارسة الرياضة، موضحةً أن نحو 60 في المئة من البالغين وثلث الأطفال يعانون من السمنة في أوروبا، وقد أدى انتشار وباء كورونا إلى تفاقم الأزمة.

السعودية

وأطلقت المملكة العربية السعودية، في مارس 2021، حملة تحت شعار 'ابدأ.. استمر'، بهدف نشر ثقافة ممارسة الرياضة بمختلف أنواعها، وحث أفراد المجتمع كافة على الاستمرار في ممارستها.

وبيَّنت الوزارة أن أسس الحملة ترتكز على رسالة أساسية مفادها 'البدء بممارسة الرياضة بمختلف أشكالها وأنواعها'، مشيرة إلى أن الأهم من ذلك 'الاستمرار في ممارستها، بإصرار وعزيمة وجهد كبير، دون توقف'.

وفي آخر مسح نشرته الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، في 26 فبراير 2022، يتبين أن نسبة الأفراد الممارسين للنشاط الرياضي بلغت 17.40٪ من إجمالي عدد سكان المملكة لمن أعمارهم 15 سنة فأكثر، مقابل 82.60٪ يمثلون نسبة غير الممارسين للنشاط الرياضي.

ورأى الخبير الصحي أستاذ الصحة العامة البروفيسور توفيق أحمد خوجة، أن عدم ممارسة 80% من السعوديين (فوق 15 عاماً) للرياضة -وفقاً لتقرير مجلس شؤون الأسرة- سلوك محفوف بالمخاطر المتعلقة بصحة الإنسان، مبيناً أن فرص الأمراض المكتسبة تزداد في غياب ممارسة أي نوع ونشاط رياضي.

وأضاف في تصريح لصحيفة 'عكاظ'، في 4 مارس 2022، أن ممارسة أي نشاط رياضي تساعد في الحفاظ على صحة الجسم، ومواجهة الأرق وتعزيز النوم الصحي، وتحسين الحالة المزاجية.

ولفت خوجة إلى أن هناك أسباباً عديدة لها دور في عزوف كثير من أفراد المجتمع عن الرياضة، ومنها الاعتماد على وسائل الراحة والرفاهية الجسمانية، فأصبحت الحركة قليلة والنشاط البدني لا وجود له، بجانب الضغوط النفسية والحياتية التي قد يعيشها الفرد لأسباب واعتبارات عديدة، مما يؤدي إلى نمط اجتماعي تكثر فيه نسبة المخاطر الصحية التي يتعرض لها الفرد.

وتكشف إحصائيات شؤون الأسرة عن أن سكان منطقة مكة كانوا الأعلى ممارسة للرياضة بنسبة 23%، ثم نجران بنحو 21%، فالرياض بنحو 21%، وحلت جازان رابعاً بنحو 20%، وجاءت الجوف خامساً بنسبة تقدر بنحو 19%.

قطر

كما تولي دولة قطر اهتماماً كبيراً للرياضة في جميع مجالاتها، وخصصت اليوم الرياضي للدولة ليكون عطلة رسمية تصادف يوم الثلاثاء من الأسبوع الثاني من شهر فبراير من كل عام.

ويهدف اليوم الرياضي للدولة، الذي انطلقت أولى نسخه في عام 2012، إلى تشجيع المشاركة في الأنشطة الرياضية، إذ يتم خلاله تنظيم المئات من الفعاليات الرياضية في جميع أنحاء البلاد.

الإعلان القطري دفع دولاً خليجية إلى السير على خطا الدوحة، حيث قررت الإمارات والبحرين تخصيص يوم رياضي، فيما صار يعرف باحتفالات دول مجلس التعاون لدول الخليج بـ'اليوم الرياضي'.

وتنقل صحيفة الراية القطرية، في 6 ﻓﺒﺮاﻳﺮ 2019، عن عبد الرحمن مسلم الدوسري، مستشار وزير الرياضة والشباب ورئيس لجنة اليوم الرياضي، قوله في المؤتمر الصحفي الذي عقد في 6 فبراير الماضي، إن اليوم الرياضي أسهم كثيراً في رفع الوعي بأهمية الرياضة في حياة الأفراد والمجتمع، كاشفاً عن تحديث التطبيق الخاص بالاتحاد القطري للرياضة للجميع، الذي يشتمل على مميزات تكنولوجية عصرية عديدة ومفيدة.

وكشف رئيس اتحاد الرياضة للجميع عن دراسة أجراها الاتحاد بالتعاون مع جامعة قطر، أكدت ارتفاع الوعي بأهمية ممارسة الرياضة في قطر إلى 86%.

الإمارات

وتشجع الإمارات العربية المتحدة سكانها على ممارسة الرياضة وجعلها أسلوب حياة بهدف تعزيز صحة المجتمع، حيث أنشئت العديد من المرافق الصحية والمنشآت الرياضية المتنوعة لتحفيز الأفراد على ممارسة النشاط البدني.

أظهرت إحصائية رسمية، صادرة عن الهيئة العامة للرياضة، عام 2019، أن إجمالي عدد ممارسي الرياضة في الإمارات يبلغ 25 ألفاً و365 رياضياً، بينهم 562 من ذوي الاحتياجات الخاصة، فيما تصدرت الجوجيتسو قائمة الرياضة الأكثر ممارسة، متفوقة على كرة القدم.

وتصدرت الشارقة قائمة أكثر إمارات الدولة ممارسة للرياضة، بواقع 25.4%، وحلت في المرتبة الثانية إمارة أبوظبي بـ21.7%، ثم دبي ثالثة 20.02%، ورأس الخيمة 12.9%، والفجيرة 11.3%، وعجمان 5.5%، وأم القيوين سابعة 3%.

الكويت

وفي دولة الكويت، أطلق وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب عبد الرحمن المطيري، في 8 نوفمبر 2021، استراتيجية الهيئة العامة للرياضة للأعوام (2022 – 2028) التي تعتمد على تسخير الموارد والنظم لتنمية ورعاية النشاط الرياضي، ورفع قدرات وطاقات الشباب وتنظيم بيئة العمل الرياضي بالبلاد.

وقال الوزير المطيري، في كلمة ألقاها في حفل إطلاق الاستراتيجية، إنها تهدف إلى تشجيع الشباب للإقبال على ممارسة الرياضة مع المواظبة والاستمرارية لتنتقل من جيل إلى جيل بدرجة عالية من الكفاءة والإتقان والتميز؛ لخلق رياضيين طموحين للأفضل دائماً.

وكانت صحيفة 'الجريدة' الكويتية قد نشرت دراسة متخصصة، في 10 أبريل 2021، أظهرت أن الكويت التي تضم عدداً من المغتربين يفوق عدد مواطنيها انضمت إلى قائمة الدول الأكثر كسلاً حول العالم، مشيرة إلى أن عدد الوافدين قد يكون أحد الأسباب الرئيسية التي تجعلها تتصدر هذه القائمة.

وأشار تقرير منشور في 'نيوز باترولينج' إلى أنه قد يكون للتوجهات الثقافية دور في جعل المواطنين الكويتيين الأكثر كسلاً في العالم، موضحاً أنه مقارنة بمعايير النشاط البدني الموصوفة، فإن الشعب الكويتي يقصّر في ممارسة الرياضة بنسبة هائلة تصل إلى 67%.

ولفت التقرير إلى أن الفوائد الصحية لممارسة الرياضة البدنية موثقة ومقبولة على نطاق واسع، إذ تقلل خطر الإصابة بالأمراض غير المعدية مثل السمنة وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكري وأنواع معينة من السرطان مثل سرطان القولون وسرطان الثدي، كما أن لها تأثيراً إيجابياً على الصحة العقلية.

البحرين

وفي مملكة البحرين أكدت وزيرة الصحة، فائقة الصالح، أن الوفيات أثناء ممارسة الرياضة في ممرات المشاة والصالات الرياضية لا تعتبر ظاهرة في المملكة، وذلك بسبب ضآلة نسبة ممارسي الرياضة.

ونقلت صحيفة وطن المحلية عن الوزيرة قولها إن حالات وفاة حدثت لبعض المواطنين أثناء ممارسة الرياضة في الممرات والصالات الرياضية وهي نسبة ضئيلة للغاية في البحرين، لكن الأمر دعا إلى ضرورة البحث عن الأسباب وتقديم برامج تثقيفية وتوعوية لممارسة الرياضة بأمان.

وأكدت الوزيرة تميز البحرين على مستوى العالم بوجود مراكز صحية لممارسة الرياضة، حيث تم التعاقد على أكثر من 12 مركزاً تجارياً للسماح بالتمارين الرياضية في الفترة الصباحية.

سلطنة عمان

وتحتفي سلطنة عُمان بالرياضة، في الثاني من أكتوبر كل عام، بهدف تعزيز أهمية ومفهـوم النشاط البدني لمختلف أفـراد المجتمع، وذلك تزامناً مع احتفال دول العالم في هـذا الشهر بيوم المشي العالمي.

وقالت الدكتورة ليوثة بنت خلفان الصبحية، الأستاذة المساعدة في جامعة السلطان قابوس، في حديثها لصحيفة وطن العمانية في 3 فبراير 2021، إنَّ الوضع في السلطنة يحتاج إلى تكاتف الجهود من أجل المصلحة العامة لتعزيز صحة الأفراد في المجتمع؛ إذ يشير آخر مسح وطني قامت به وزارة الصحة عام 2017 إلى أنَّ 41% من العمانيين لا يمارسون نشاطاً بدنياً كافياً، أو أنهم لا يمارسون أي نشاط بدني على الإطلاق خلال اليوم، مؤكدة أن أكثر من 60% من العمانيين يعانون زيادة الوزن أو السمنة.

أسباب وحلول

يقول الناشط الاجتماعي أمجد الراشدي إن من 'الأسباب الأساسية التي أدت إلى عزوف معظم المواطنين في دول الخليج عن ممارسة الرياضة، هي عدم توفر ثقافة ممارسة الرياضة بشكل عام، بالإضافة إلى قلة الأماكن المخصصة للرياضة'.

وأشار، في حديثه مع 'الخليج أونلاين'، إلى أن 'هناك تأخراً لدى بعض الدول الخليجية في الجانب الرياضي، حيث ما تزال معظم الأندية مقتصرة على مجموعة معينة من الرياضات، ولا تتيح للمواطنين ممارسة المشي والركض وغيرها'.

ويضيف أن 'قلة الأماكن التي تساعد على ممارسة الرياضات الجماعية، مثل الشوارع المخصصة للمشي، سواء في المنتزهات أو الحدائق الطبيعية أو الشواطئ، أيضاً تعد ضمن أسباب ضعف ممارسة الرياضة لدى المجتمع الخليجي'، مؤكداً أن هناك حاجة كبيرة إلى التوعية التي تكون حافزة لممارسة الرياضة.

ويلفت الراشدي إلى أن 'عدم ممارسة الرياضة يمكن أن يكلف الدولة كثيراً، مثل توفير أنواع متعددة من الأدوية والعلاجات في المستشفيات، إذ إن الرياضة هي التي تقي الإنسان من أمراض القلب والسكري والضغط ومجموعة مختلفة من الأمراض التي تنتشر في دول الخليج والتي من أبرز أسبابها عدم ممارسة الرياضة وتناول الوجبات غير الصحية'.

ويبين أن الحكومات الخليجية ماضية بتوفير أماكن مخصصة للمشي وللرياضة سواء في المنتزهات أو في الحدائق العامة، وكذلك تفعيل دور الأندية الرياضية بشكل أكبر، وتنظيم الفعاليات المتنوعة بين حين وآخر، مثل التجمعات أو المشي أو الرياضة الجماعية.