اتهامات بالابتزاز والإهانة في مستعجلات ابن رشد.. هل تحول حراس الأمن الخاص إلى سلطة موازية؟
klyoum.com
أخر اخبار المغرب:
الخطوط الملكية الأردنية تطلق خطا مباشرا بين عمان والدار البيضاءيشهد المستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، أحد أكبر المؤسسات الاستشفائية في المملكة، موجة من الانتقادات والشكاوى من طرف المواطنين القادمين من مختلف جهات المغرب، بسبب ما وصفوه بـ"الإهانة والابتزاز وسوء المعاملة" التي يتعرضون لها من طرف عناصر الأمن الخاص عند باب مصلحة المستعجلات.
ففي الوقت الذي يفترض فيه أن يكون الأمن الخاص ركيزة لضمان النظام والأمان داخل المرفق، يتهم هؤلاء الحراس بتجاوز دورهم المهني، وتحولهم إلى "سلطة موازية" تفرض سلوكا متعسفا على المرضى وذويهم، وتتحكم في ولوجهم إلى خدمات العلاج، بل وفي بعض الحالات، إلى مواعيد الفحوصات والرحلات العلاجية.
ويقول أحد المواطنين القادمين من نواحي جهة الدار البيضاء سطات في تصريح لجريدة "العمق المغربي": "رافقت زوجتي إلى مستعجلات ابن رشد على وجه السرعة، ففوجئت بحارس أمن يصرخ في وجهي، ويطالبني بالوقوف بعيدا عن الباب بطريقة مهينة، وكأن المستشفى العمومي المذكور يملكه ملكا خاصا."
وتتكرر الشكاوى من أسلوب المعاملة "الفوقي"، حسب وصف كثيرين، من طرف عدد من حراس الأمن الذين يفترض أن يراعوا الحالة النفسية والجسدية للمرضى، خاصة في مصلحة المستعجلات التي تستقبل حالات حرجة ومستعجلة.
وأخطر ما جاء على لسان بعض المرتفقين هو اتهام بعض حراس الأمن بابتزاز المرضى أو مرافقيهم من أجل تسهيل الولوج إلى الطبيب أو تسريع الإجراءات، في مشهد يضرب في العمق مبادئ المرفق العمومي وتكافؤ الفرص.
وتطرح هذه الشكاوى المتكررة تساؤلات حول الجهة المسؤولة عن مراقبة أداء شركات الأمن الخاصة داخل المؤسسات الصحية.
فرغم أن هذه الشركات تشتغل بعقود مبرمة مع وزارة الصحة أو إدارة المستشفى، فإن الرقابة على تصرفات عناصرها غالبا ما تكون غائبة، وهو ما يترك المواطنين عرضة لتجاوزات لا إنسانية.
ويرى مراقبون أن استمرار هذه التجاوزات يعود بالأساس إلى غياب شكايات رسمية أو ضعف التفاعل معها، إلى جانب صمت بعض الإدارات الصحية، إما تجنبا للإحراج أو تهاونا في فرض الانضباط.
ودعا عدد من المواطنين والهيئات الحقوقية إلى فتح تحقيق نزيه وشفاف في هذه الممارسات، والعمل على إعادة تأهيل وتكوين عناصر الأمن الخاص، بما ينسجم مع حساسية المرفق الصحي وكرامة المواطنين.
كما طالبوا بإحداث آليات للتبليغ الفوري عن التجاوزات، سواء عبر أرقام شكاوى أو مكاتب استقبال فعالة داخل المستشفيات.
وعبر الفاعل المدني بمدينة الدار البيضاء، عبد العزيز شاعق، عن بالغ استيائه لما وصفه بـ"الانزلاقات الخطيرة" التي تعرفها بوابة مستعجلات المستشفى الجامعي ابن رشد، خاصة في الفترات الليلية وخلال عطلات نهاية الأسبوع، حيث تتحول هذه المؤسسة الصحية إلى مسرح يومي للفوضى والتسيب وسوء المعاملة.
وفي تصريح لجريدة "العمق المغربي", أوضح شاعق أن أسر المرضى يعانون بشكل يومي من تصرفات لا تمت بأي صلة لأخلاقيات المهنة ولا لاحترام كرامة المواطن.
وقال: "بكل أسف، أصبح محيط مستعجلات ابن رشد يعكس صورة قاتمة عن المنظومة الصحية ببلادنا، فبدل أن يجد المواطن سندا واحتواء في لحظات حرجة، يصطدم بجدار من القمع واللامبالاة والابتزاز، والفاعل الرئيسي في هذه التجاوزات هم بعض عناصر الأمن الخاص، الذين استباحوا سلطة لا يملكونها".
وأضاف المتحدث ذاته أن الأمر لا يتعلق فقط بسوء المعاملة أو العنف اللفظي والجسدي، بل يتعداه إلى ممارسات أكثر خطورة، من قبيل تدخل حراس الأمن في أمور إدارية وطبية بحتة.
وأردف: "المؤسف أن هؤلاء الحراس أصبحوا يقررون نيابة عن الممرضين والأطباء، يقومون بجمع الوثائق، وتحديد مواعيد الفحوصات، بل وأحيانا يوجهون المرضى حسب مزاجهم أو حسب معايير غير مفهومة، وهذا اختلال كبير يضرب في العمق مبدأ التخصص والمسؤولية داخل المرفق العمومي".
وحمل شاعق المسؤولية للمندوبية الجهوية للصحة بالدار البيضاء ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، داعياً إلى فتح تحقيق جدي حول هذه الممارسات، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في تعطيل السير العادي للمرفق أو إهانة المواطنين.
كما شدد على ضرورة إعادة تنظيم طريقة اشتغال عناصر الأمن الخاص داخل المؤسسات الاستشفائية، وتحديد مهامهم بدقة دون السماح بأي شكل من أشكال تجاوز الصلاحيات.
وتابع الفاعل الجمعوي: "نهيب بالجهات المعنية إلى التدخل العاجل لوضع حد لهذا العبث. المستشفى ليس ثكنة، ولا ينبغي أن يشعر المواطن بالخوف بدل الطمأنينة عندما يلج إليه. خصوصا أننا على أعتاب أحداث رياضية دولية كبرى، مثل كأس إفريقيا وكأس العالم 2030، مما يستوجب الرفع من جودة الخدمات الصحية وتقديم صورة حضارية تعكس تقدم بلادنا".
وختم شاعق تصريحه بالتأكيد على أن كرامة المواطن المريض فوق كل اعتبار، وأن المؤسسة الصحية يجب أن تكون فضاء للرعاية والرحمة، لا ميداناً للإذلال والإهانة.