سعيد بدر: "إيمي ن إغرم" نموذج فريد لحل الأزمات عبر الحوار الجماعي (فيديو)
klyoum.com
شدد المحلل السياسي سعيد بدر، على أهمية "إيمي ن إغرم"، الساحة التقليدية التي تجمع المواطنين في القرى والأقاليم الأمازيغية لمناقشة القضايا الأسرية والقبلية والحياتية اليومية، معتبرا إياها نموذجا فريدا للحوار الجماعي والحكمة المحلية.
وأشار بدر إلى أن "إيمي ن إغرم"، والتي تعني بالأمازيغية "باب القصر أو الدوار"، كانت تاريخيا مركزا لحل المعضلات الاجتماعية والسياسية، حيث يجتمع سكان الدواوير، خاصة بعد الصلاة في المساجد القريبة، لمناقشة قضاياهم وإيجاد الحلول المناسبة.
وأوضح المتحدث ضمن الحلقة الأولى من برنامج "إيمي ن إغرم" على جريدة "العمق"، أن هذه الساحة التي تكون في الغالب قرب مسجد القرية تتميز بمشاركة الجميع دون أي إقصاء، إذ يمنح كل شخص الحق في التعبير عن رأيه ومقترحاته، لتتوصل المجموعة في النهاية إلى قرار جماعي متوافق عليه.
قوة هذا التقليد، بحسب المحلل السياسي، تكمن في شخصيات قيادية محلية تعرف بـ"أمغار ن إغرم"، والتي تحظى بهيبة واحترام سكان الدوار، نتيجة تاريخها ونزاهتها وصدق نواياها، مبرزا أن هذه الهيبة تمنح القرارات الجماعية مصداقية، وتمكن القبائل من إنجاز مشاريع محلية حتى في ظل نقص الموارد، وهو ما لم يتحقق أحيانا في أوقات توافرت فيها الظروف المادية دون هذا التنسيق الجماعي.
وأوضح بدر أن هذا التقليد لا يزال حاضرا في بعض المناطق البعيدة عن المراكز الحضرية، مثل بعض دواوير درعة تافيلالت وبني ملال-خنيفرة، حيث يُستمر في مناقشة القضايا وحل المشكلات المحلية. لكنه أشار إلى أن الساحات القريبة من الطرق الرئيسية والمراكز الجماعية لم تعد تحظى بنفس الزخم، نتيجة عوامل عدة أثرت على لجوء السكان إلى "إيمي ن إغرم"، منها التحولات الاجتماعية والثقافية وتغير نمط الحياة.
وبحسب المتحدث، فإن "إيمي ن إغرم" يعتبر أكثر من مجرد تقليد، إذ يمثل آلية متوارثة لتعزيز التماسك الاجتماعي والتعاون الجماعي وحل النزاعات، كما يعكس قدرة المجتمع الأمازيغي على تنظيم شؤونه محليا، بمشاركة كل الفئات والأجيال، مع الحفاظ على قيم العدالة والمساواة في التعبير واتخاذ القرار.
في هذا السياق، يرى سعيد بدر أن استمرار هذه العادة في بعض المناطق يظهر أن المجتمعات القروية ما زالت تحتفظ بأدواتها الثقافية والاجتماعية الفعالة، القادرة على مواجهة التحديات المحلية والحفاظ على استقرار القبائل، رغم التغيرات والتحولات الحديثة التي شهدتها القرى المغربية.