"قلب التعليم النابض".. خبراء وتربويون يحذرون من ارتجالية الأنشطة الموازية في المدارس
klyoum.com
أخر اخبار المغرب:
إطلاق مشاريع مائية بزاكورة بكلفة إجمالية تفوق 149 مليون درهمتلعب أنشطة الحياة المدرسية دورا محوريا في بناء شخصية المتعلم، وتعتبر الأنشطة الموازية شقا منها يهدف إلى كسر نمطية التلقي المعتادة وتحويلها إلى نشاط تفاعلي، تشاركي، وإبداعي، ما يتيح للتلميذ فرصة لإطلاق مواهبه، واكتشاف ميولاته الشخصية، والانخراط في العمل الجماعي.
وتحرص العديد من المؤسسات التعليمية بمختلف أسلاكها، على توثيق أنشطة الحياة المدرسية ونشرها عبر صفحاتها الإلكترونية الرسمية، من خلال فيديوهات حية وصور معبرة لأنشطة متنوعة تنظم في مناسبات عدة. وهو ما يدفع إلى التساؤل عن مدى أهمية هذه الأنشطة، وتأثيرها الفعلي على المتعلم داخل محيطه المدرسي وخارجه.
وفي هذا السياق أوضح الخبير التربوي سعيد أخيطوش في تصريح لجريدة "العمق"، أن الأنشطة الموازية تعد ركنا أساسيا من أركان الحياة المدرسية، تهدف بالأساس إلى تنمية شخصية المتعلم(ة) وجعلها منفتحة على طرق أخرى للتعبير والإفصاح، بسبل إبداعية تدمج كل المتعلمين رغم اختلافاتهم الصحية والجسدية والمعرفية والاجتماعية والعرقية.
وأضاف أخيطوش، أنها تخرج المتعلم من نمطية الاكتساب والتعلم، وفق طرق وتقنيات تلزمه باتباع خطوات المدرس ومراحل الارتقاء في سيرورة الدرس، لبلوغ الجميع هدف تخزين واسترجاع وتوظيف المعارف المدرسية في سياقات مشابهة لسياقات التعلم.
وأكد أن الأهمية القصوى للأنشطة الموازية، تتجلى في إكساب المتعلم مجموعة من الكفايات المنهجية والتواصلية والثقافية والفنية والتكنولوجية، وتحقيق التربية على القيم وحقوق الإنسان ومبادئها الكونية. بالإضافة إلى تكوين شخصية متزنة قادرة على الاختيار واتخاذ الموقف والقرار المناسبين حسب موقع المتعلم(ة) في أحداث أو مواقف حياتية حقيقية. ثم تحقيق المتعة وإشباع الفضول والرغبة في المشاركة الجماعية للحياة المدرسية.
وأضاف المتحدث أن هذه الأنشطة تلعب دورا هاما في حياة الفرد والمؤسسة وكذا المدرسين، فنظرا لطبيعتها الترفيهية التي تتجاوز العمل الروتيني العادي داخل الحجرات الدراسية، نجدها بمثابة فرصة للتحرر وتفجير الطاقة الإبداعية لدى كل فرد من الموارد البشرية المتواجدة داخل فضاء التمدرس بما في ذلك المتعلمين والمتعلمات.
وسجل الخبير التربوي، أن واقع حال الأنشطة الموازية في المدرسة المغربية يتسم بشيء من "الارتجالية"، فغالبا ما تعتمد الأنشطة المبرمجة على رغبة المدرس المؤطر للنادي أو النشاط بحيث يغيب البرنامج الكامل لتنفيذ الأنشطة. ثم "الاستعراضية"، فكثيرا ما يكون الهدف من وراء نشاط ترفيهي أو مواز داخل المؤسسة التعليمية هو إثبات الاحتفاء بيوم وطني أو دولي، وتبرير صرف قدر مالي هزيل يمنح لأي ناد من أندية المؤسسة.
ولعل ما يزكي هذا الطرح، يضيف أخيطوش، هو انتشار التصوير ونشر الصور التي توثق لذلك النشاط بشكل يتجاوز كل النصوص القانونية المعمول بها. وأخيرا "المناسباتية"، فغالبا ما يكون النشاط الموازي بمثابة استجابة تصدرها المؤسسة جراء توصلها بمراسلة تطالب بتخليد يوم وطني أو دولي أو الاحتفاء بحدث ما.
واقترح الخبير، مجموعة من السبل لتجويد ممارسة الأنشطة الموازية داخل المدرسة المغربية. وذلك من خلال تمكين المؤسسة من ميزانية خاصة بالأنشطة الموازية، وتعزيز دليل الحياة المدرسية لسنة 2019 ببطاقات تقنية تحدد التقاطعات الممكنة بين الأنشطة الموازية والمنهاج الدراسي.
إلى جانب مطالبة المؤسسة التعليمية ببرنامج سنوي يستدمج برامج الأندية والبرامج الفردية للمتعلمين ومختلف المنافسات الثقافية والفنية والتربوية الخاصة بالتشبيك الموضوعاتي. ثم إيجاد حل لمعضلة الزمن المدرسي وتحديد الزمن الخاص بالأنشطة الموازية بشكل واضح وملزم. وأخيرا توفير التكوين اللازم للموارد البشرية المكلفة بالتنفيذ وتحفيزها مادية جراء انخراطها.
في سياق متصل، أكد عدد من الأطر التربوية في تصريحات متفرقة لجريدة "العمق"، أن المشاركة في الأنشطة المدرسية تنعكس على سلوك وتفاعل المتعلم داخل الفصل الدراسي. وفي هذه الصدد تقول أستاذة اللغة العربية بإحدى الإعداديات، أن هذه الأنشطة تساهم في دعم المتعلمين على مستوى الانفتاح، وتعزيز التفاعل وكسب الثقة في النفس. كما تفتح له مجالات للتعبير وتحمل المسؤولية، إلى جانب تكوين شخصية متوازنة ومواطنة وواعية.
وأضافت المتحدثة قائلة:" يتم الحرص مع بداية كل موسم دراسي على تفعيل الأندية التربوية (نادي القراءة، نادي المواطنة، نادي المسرح والتنشيط…) ودعوة المتعلمين إلى الانخراط والمشاركة الفاعلة فيها."
ومن جانبها، شددت أستاذة بالتعليم الثانوي التأهيلي على أن الأنشطة المدرسية جزء مهم من "التربية الحديثة"، لا يمكن الاستغناء عنها، لما لها من قدرة على صقل وتنمية مهارات التلميذ خارج الدرس، وتشجيعه على الإبداع، مضيفة "لكن للأسف، نعاني من ضعف في الموارد، وغياب الدعم الكافي، ما يعيق تفعيلها بشكل جيد."