شبهات "تبديد أموال عمومية".. هيئة لحماية المال العام تجر "INDH" بالجديدة للقضاء
klyoum.com
وضعت الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب شكاية لدى رئاسة النيابة العامة بالرباط، بخصوص شبهات اختلالات مرتبطة بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية على مستوى عمالة الجديدة بجهة الدار البيضاء -سطات.
وطالبت الهيئة النيابة العامة بفتح تحقيق معمق حول شبهة تبديد أموال عمومية وتضارب مصالح في مشاريع مرتبطة بالمبادرة، مشيرة إلى أنها وقفت، من خلال تقارير مفتشية الداخلية ومحاضر رسمية، على اختلالات واستغلال منصب في تدبير المشاريع.
وشددت الشكاية على أن جمعية استفادت من مبالغ مالية مهمة من صندوق المبادرة، مع تسجيل خروقات وتجاوزات مالية خلال الفترة 2019-2022، التي رصدت خلالها اعتمادات بلغت حوالي 522,5 مليون درهم، في حين لم تتجاوز النفقات المنفذة 269,7 مليون درهم عبر التلاعب بالفواتير وتقارير مكتب دراسات.
وأفاد التقرير أن جمعية حصلت على مليوني درهم لمشروع غير مؤهل ولم يعرض على اللجنة المختصة، كما استعملت أموال المبادرة في تغطية نفقات شخصية، في خرق لبنود الاتفاقيات.
وأوضحت المصادر نفسها أنه تعثر 12 مشروعا ممولا بسبب عجز الشركاء عن توفير العقارات والدراسات، مع احتكار مكتب دراسات لجميع الملفات.
وتحدثت الشكاية عن تكليف مباشر لعدد من الجمعيات بتنفيذ مشاريع دون المرور عبر طلبات العروض، واستفادة تعاونيات وجمعيات من الدعم رغم مخالفتها للقوانين، إضافة إلى عشرات المشاريع التي تبين أنها وهمية ولا وجود لها إلا على الورق.
والتمست الهيئة من النيابة العامة التحقيق في وجود خروقات جسيمة في تدبير المبادرة، بسبب الإخلال بالمساطر ومقتضيات المحاسبة والتتبع.
وفي هذا الصدد، أكد رضوان دليل، الممثل القانوني للهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب، أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (INDH)، التي أطلقها الملك محمد السادس سنة 2005، لم تكن مجرد برنامج عادي كباقي البرامج الحكومية، بل كانت مشروعا استراتيجيا ورؤية ملكية تهدف إلى مكافحة الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي، والحد من الفوارق المجالية والاقتصادية والاجتماعية بين مختلف شرائح المجتمع المغربي.
وأوضح دليل، في تصريحه لجريدة "العمق المغربي"، أن هذه المبادرة ارتكزت منذ انطلاقتها على محاور أساسية، أبرزها دعم المشاريع المدرة للدخل لفائدة الفئات الهشة، وتحسين الولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية مثل التعليم والصحة والماء والكهرباء، بالإضافة إلى تقوية قدرات الأفراد والجماعات، وتأهيل البنية التحتية في المناطق المهمشة. وهو ما جعلها، في بداياتها، محط أمل كبير لدى المواطنين الذين رأوا فيها مدخلا لتحقيق العدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي.
وشدد المتحدث عينه على أنه، ورغم الطموحات الملكية التي حملتها المبادرة، فقد كان من المفروض أن تتسم برامجها بقدر عال من الحكامة الجيدة، والتخطيط متعدد السنوات، والتتبع الصارم والتقييم الموضوعي لمختلف المشاريع، باعتبارها مبادرة مرتبطة بإرادة ملكية سامية وبمصير شريحة واسعة من المواطنين.
وفي هذا السياق، سجل دليل بأسف شديد أن إقليم الجديدة، على سبيل المثال، شهد اختلالات جسيمة في تنزيل هذه المبادرة، تمثلت -حسب قوله- في تبديد المال العام، واستغلال المناصب لأغراض شخصية، وتضارب المصالح، مع غياب شبه كلي للشفافية والحكامة الرشيدة.
واعتبر أن هذه الممارسات تعكس بوضوح حجم الفساد المستشري داخل بعض المؤسسات والهيئات المحلية، والتي حولت المبادرة من مشروع اجتماعي وتنموي رائد إلى وسيلة للإثراء غير المشروع وخدمة المصالح الضيقة.
وأضاف الممثل القانوني للهيئة أن هذه التجاوزات الخطيرة لا يمكن السكوت عنها، مؤكدا أن من الواجب ربط المسؤولية بالمحاسبة وتفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب، حتى يشمل كل المتورطين، مهما كانت مناصبهم أو مواقعهم داخل هرم السلطة أو الإدارة.
وختم دليل تصريحه قائلا: "إن الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب ستواصل نضالها المشروع بكل استماتة واتزان، مستندة إلى القوانين والوسائل الدستورية المتاحة، من أجل مواجهة الفساد والمفسدين.
وأردف أيضا: "لن نتوقف عن المطالبة بمحاسبة كل من ثبت تورطه في جرائم اختلاس أو تبديد للمال العام، لأن حماية ثروات الوطن مسؤولية جماعية، وكرامة المواطن المغربي فوق كل اعتبار".