الفلاحة العائلية الصغيرة بالمغرب .. صمود في وجه الجفاف وحاجة ماسة للدعم الحكومي
klyoum.com
أخر اخبار المغرب:
أخنوش: نقص الأطباء إرث 10 سنوات سابقة.. وإصلاح الصحة على السكة الصحيحةيتساءل العديد من المهتمين بالقطاع الفلاحي عن واقع الفلاحة العائلية الصغيرة اليوم، خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تفرضها التغيرات المناخية. فمع توالي سنوات الجفاف، وندرة التساقطات المطرية، وارتفاع درجات الحرارة، تواجه هذه الفلاحة صعوبات جمة تتفاقم مع ارتفاع أسعار المدخلات واضطراب سلاسل التوزيع.
ورغم هذه التحديات، تظل الفلاحة العائلية الصغيرة تلعب أدوارا حيوية. فهي تمكّن الأسر القروية من تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، وتساهم في تنشيط الأسواق الأسبوعية بتصريف فائض الإنتاج، مما يسهم في خلق فائض فلاحي على المستوى الوطني. كما أنها ركيزة أساسية في التدبير المستدام للموارد الطبيعية، وتعزيز قدرة الاستغلاليات الفلاحية على الصمود في وجه التقلبات البيئية والاقتصادية.
وفي هذا السياق، أكد عبد العزيز الرماني، الخبير في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، أن هذه الفلاحة تشكل أساس النمو الفلاحي بالمغرب؛ بحيث تساهم بأكثر من 30 في المائة من القيمة المضافة الفلاحية، وتوفر فرص شغل لأكثر من 50 في المائة من الساكنة القروية النشيطة في استغلاليات تقل مساحتها عن ثلاث هكتارات؛ مما يساهم في استقرارها ويحد من نزيف الهجرة.
وأضاف الرماني في تصريح لجريدة "العمق"، بأن هذه الاستغلاليات تعمد إلى إدخال زراعات تكميلية، كالأشجار المثمرة والخضروات، إلى جانب الزراعات المعيشية، الأمر الذي يسفر عن تنويع في الأنشطة الفلاحية، مشيرا إلى كونها تساهم في الحفاظ على التراث الريفي المتمثل، أساسا في الطقوس التي تصاحب ممارسة هذه الأنشطة الفلاحية؛ من أهازيج وأمثال شعبية أثناء الحرث والحصاد، وتخزين المؤونة في "المخازن".
وتابع بأن تربية الماشية لها كذلك دور بالغ الأهمية داخل هذه الضيعات؛ حيث تضم عددا مهما من القطيع الوطني في الأبقار والأغنام والماعز، مبرزا أن هذه الفلاحة العائلية تضطلع أيضا بأدوار بيئية تتمثل، في الحفاظ على التنوع البيولوجي، مكافحة التصحر، الحفاظ على التربة، والتدبير المستدام للموارد المائية؛ وتعمل على توفير مشاهد طبيعية تعكسها الواحات والوديان، مما يقوي السياحة القروية مما؛ يحسين من الوضع المادي للساكنة.
ويرى المتحدث ذاته، أن هذه الفلاحة تواجه مجموعة من التحديات المرتبطة أساسا بندرة التساقطات المطرية، الأمر الذي يهدد المحاصيل الزراعية، وتدهور التربة بفعل انعدام عوامل الإنتاج كالأسمدة، علاوة على غياب المواكبة التقنية والتوجيهية لهؤلاء الفلاحين الصغار.
ودعا في هذا الصدد الوزارة الوصية إلى توفير الدعم اللازم للنهوض بهذه الفلاحة، وتيسير سبل التأمينات الزراعية، وتحسين ظروف الولوج إلى وسائل التمويل، وتشجيع الفلاحين على اعتماد ممارسات فلاحية مستدامة، ومحاربة الرعي الجائر. بالإضافة إلى ضرورة العمل على الحفاظ على السلالات المحلية والاعتراف بأهميتها داخل النسيج الاقتصادي الوطني.
وحذر الخبير الاقتصادي من أن التهاون في هذا المجال وعدم الاكتراث، سينجم عنه تدهور هذه الفلاحة المعيشية مما؛ سيؤثر على الاقتصاد الوطني والأمن الغذائي للساكنة القروية ويعطي ممارسات اجتماعية خطيرة.