اخبار المغرب

اندبندنت عربية

سياسة

هجرة عكسية من إسبانيا إلى المغرب... ما الذي يجرى؟

هجرة عكسية من إسبانيا إلى المغرب... ما الذي يجرى؟

klyoum.com

14 ألفاً غادروا في 3 أشهر وصعوبة الاندماج والعنصرية والغلاء وتعقيدات الإقامة والحنين إلى الوطن أبرز الأسباب

في ما يشبه "هجرة عكسية"، غادر زهاء 14 ألف مغربي الأراضي الإسبانية خلال الربع الأول من عام 2025، مما يعني تصدر المغاربة الجنسيات المقيمة بإسبانيا والأكثر مغادرة للبلاد، يليهم الكولومبيون، ثم الإسبان.

وأفادت أرقام رسمية للمعهد الوطني للإحصاء بإسبانيا أن 13.900 مغربي بالتحديد هاجروا من إسبانيا إلى بلدان أخرى أو عادوا إلى بلدهم الأصلي، يتبعهم الكولومبيون بـ13.500، ثم الإسبان 10.300، خلال الفترة الزمنية الممتدة من بداية العام الحالي إلى نهاية مارس (آذار) 2025.

ويرى مراقبون أن هذه الهجرة المعكوسة تعكس تحولات عميقة في أولويات المهاجرين، وقدرتهم على اتخاذ قرارات جديدة بناء على التحولات التي يشهدها العالم، كما أنها ناجمة عن عوامل مؤثرة أخرى منها مشكلات في الاندماج، وتزايد خطابات الكراهية ومشاعر العنصرية.

في بيانات رسمية حديثة، كشف المعهد الوطني للإحصاء بإسبانيا عن معطيات جديدة في شأن الهجرة من إسبانيا إلى بلدان أخرى أو إلى البلدان الأصلية لهؤلاء المهاجرين، حيث تم رصد تبوء الجنسية المغربية لقائمة الجنسيات المغادرة.

وأوردت البيانات الرسمية الإسبانية أن 13.900 مهاجر مغربي يقيمون بطريقة قانونية في المملكة الأيبيرية، اختاروا الهجرة نحو وجهات أخرى، فقط خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025.

ويعد المغاربة من بين الجنسيات العالمية الأكثر هجرة صوب إسبانيا بـ25.900 مهاجر جديد خلال الربع الأول من عام 2025، لكن الأرقام الحديثة عن "الهجرة العكسية" لآلاف المغاربة من إسبانيا في اتجاه جهات أخرى باتت تطرح أكثر من سؤال حول أسباب ودلالات هذه التحولات.

وشهدت إسبانيا ديموغرافياً أعلى رقم لعدد السكان في سابقة من نوعها بتاريخ إحصاء السكان في هذا البلد الأوروبي، حيث بلغ، وفق ذات المعطيات الرسمية، أكثر من 49 مليون نسمة في الأول من أبريل (نيسان) الماضي، بزيادة قياسية تصل إلى زهاء 76 ألف شخص خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية.

ويمكن تفسير ارتفاع عدد سكان إسبانيا في الفترة الزمنية الأخيرة إلى موجات الهجرة إلى هذا البلد، مقابل انخفاض لافت في عدد المواليد، مما يعكس تحولات ديموغرافية تعتمد على المهاجرين أكثر من "مواليد البلد".

يعزو مراقبون ظهور وتنامي الهجرة العكسية لآلاف المغاربة من إسبانيا خلال مدة زمنية وجيزة (ثلاثة أشهر) إلى أسباب مختلفة، تتوزع بين مشكلات اندماج المهاجرين في المجتمع الإسباني، وتزايد خطابات الكراهية والتمييز العنصري.

يقول كمال سباطة باحث مغربي في الهجرة مقيم بمدريد، إنه يمكن تفسير ما يمكن تسميته الهجرة المعكوسة أو العكسية للمغاربة وحتى لجنسيات أخرى مثل الكولومبيين والرومانيين، وحتى الإسبان أنفسهم، بصعوبات الحياة المعيشية التي تشهدها إسبانيا خلال السنوات القليلة الأخيرة.

وأضاف المتحدث ذاته، أن تعقيدات الحياة وارتفاع الأسعار وتزايد الغلاء عوامل يمكن أن تدفع المهاجر إلى توديع إسبانيا صوب بلد آخر يضمن حياة أيسر، خصوصاً لدى المهاجرين الذين لا يرتبطون بالتزامات مهنية أو أسرية وثيقة في إسبانيا.

ولفت إلى آفة العنصرية التي باتت تقض مضجع المهاجرين المغاربة في بعض المناطق الإسبانية، والتي يؤجج نيرانها ترويج خطابات محرضة على العنف والكراهية، لا سيما من الأحزاب اليمينية المتطرفة في إسبانيا.

وعلى رغم أن الأرقام الرسمية تظهر هجرة عكسية للمغاربة من إسبانيا إلى وجهات مختلفة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2025، أي قبل حادثة الاعتداء على مهاجرين مغاربة في بلدة طوري باتشيكو بإقليم مورسيا الإسباني، فإن الخطاب العدائي ضد المهاجرين المغاربة ليس جديداً، بل هو تراكمي يفضي إلى ارتفاع الضغوط النفسية والتخوفات الأمنية لدى المهاجرين، مما يفسر رغبتهم وقرارهم في الهجرة العكسية، وفق الباحث نفسه.

وفي إطار إشكالات التعايش كان مسن من أصول إسبانية تعرض لاعتداء شنيع من طرف ثلاثة شبان مغاربة في التاسع من يوليو (تموز) الجاري بمنطقة مورسيا، حيث تم ضربه وتعنيفه وتصوير الواقعة، وهي الحادثة التي فجرت سجالات سياسية واجتماعية ساخنة حول علاقات المهاجرين بالسكان المحليين.

من جهته أرجع رئيس مرصد التواصل والهجرة والناشط السياسي المترشح لانتخابات البرلمان الهولندي جمال الدين ريان، أن الهجرة العكسية للمهاجرين المغاربة من إسبانيا إلى أسباب متشابكة، أبرزها تدهور الأوضاع الاقتصادية في إسبانيا.

ويشرح ريان أن إسبانيا تعاني أزمات اقتصادية متعاقبة، حيث شهدت فترات من الركود وصعوبات اقتصادية أثرت بصورة خاصة على العمال الأجانب"، مشيراً إلى انخفاض فرص العمل، إذ تراجع الطلب على اليد العاملة، خصوصاً في القطاعات التي يشتغل فيها المغاربة مثل الفلاحة والبناء والخدمات، وهو الواقع الذي دفع عديدين إلى التفكير في الرحيل.

السبب الثاني، وفق ريان، يتمثل في تحديات قانونية واجتماعية تتمثل في صرامة قوانين الإقامة والعمل، إذ أصبحت إجراءات الإقامة وتجديد الوثائق أكثر تعقيداً، مما زاد من صعوبة الاستقرار، وأيضاً في صعوبات الاندماج، حيث واجه مهاجرون مغاربة تحديات في الاندماج الاجتماعي، أو الشعور بعدم الأمان والاستقرار.

ولم يفت ريان الإشارة إلى عوامل مشجعة في المغرب من قبيل تحسن ظروف المعيشة بالمملكة، حيث تم تسجيل تحسن نسبي في بعض القطاعات الاقتصادية، مما جعل خيار العودة أكثر جاذبية للبعض، علاوة على الدوافع العائلية والاجتماعية من قبيل قوة الروابط الأسرية والحنين إلى الوطن، إضافة إلى رغبة البعض في الاستثمار أو بدء حياة جديدة في المغرب.

واستطرد الباحث في ملف الهجرة أن "هناك عاملاً رئيساً آخر هو الهجرة نحو دول أوروبية أخرى، إذ إن جزءاً من المهاجرين المغاربة يبحثون عن آفاق أفضل في دول أخرى توفر ظروف عمل ومعيشة أكثر ملاءمة".

وخلص ريان إلى أن "الهجرة المعكوسة للمغاربة من إسبانيا ليست نتيجة سبب واحد، بل تعكس مجموعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والقانونية، سواء في بلد الإقامة أو في الوطن الأم"، مبرزاً أن "هذه الظاهرة تعكس تغيراً في أولويات المهاجرين، وقدرتهم على اتخاذ قرارات جديدة بناء على التحولات التي يشهدها العالم من حولهم".

*المصدر: اندبندنت عربية | independentarabia.com
اخبار المغرب على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com