اللجوء إلى البصمات الجينية يثير سجالا في البرلمان ووهبي يبدد مخاوف النواب
klyoum.com
أعرب برلمانيون عن قلقهم بشأن استخدام البصمات والعينات البيولوجية والجينية في التحقيقات الجنائية بالمغرب، محذرين من خطر انتهاك حقوق الأفراد أو استغلال هذه البيانات لأغراض غير قانونية، مؤكدين على ضرورة تحديد الجهات المسؤولة عن جمع وتخزين العينات، مع وضع ضمانات قانونية لحماية الأفراد من إساءة استخدام هذه المعطيات الشخصية.
جاء ذلك خلال مناقشة المادة 49 من مشروع قانون المسطرة المدنية، التي تنص في فقرتها السابعة على أنه "يمكن للوكيل العام للملك، لضرورة البحث، الاستعانة بذوي الخبرة والمعرفة، ويمكنه أن يأمر بإجراء خبرة لتحديد فصيلة البصمات البيولوجية والجينية للأشخاص المشتبه فيهم الذين توجد قرائن على تورطهم في ارتكاب إحدى الجرائم".
في هذا السياق، أكد عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن النقاش حول استخدام البصمات والعينات البيولوجية والجينية في التحقيقات الجنائية في المغرب لا يزال مستمرا وسط غياب الضوابط الواضحة، مشيرا إلى أن غياب التشريعات قد يؤدي إلى انتهاك حقوق الأفراد، حيث يمكن للسلطات الأمنية جمع البصمات دون وجود معايير قانونية تحمي المعطيات الشخصية، ما يشكل خرقًا للدستور.
ولفت بووانو، خلال اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، اليوم الثلاثاء، لاستكمال المناقشة التفصيلية لمشروع قانون المسطرة المدنية، إلى مخاوف من استغلال البيانات البيولوجية والجينية لأغراض أخرى غير التحقيقات الجنائية، مشدداً على ضرورة وضع ضوابط قانونية تحمي حقوق الأفراد، وخاصة فيما يتعلق بالمختبرات المعتمدة لإجراء هذه الفحوصات.
وأشار بووانو، إلى أن والي جهة الرباط سلا القنيطرة أعلن هذا الأسبوع عن صفقة تشمل مرحلتين لنشر كاميرات مراقبة في شوارع وأزقة العاصمة، مضيفا أنه رغم وجود استثناءات قانونية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، فإننا نفتح المجال دون وضع حدود واضحة لحماية حريات الأفراد وخصوصيتهم، مبرزا أنه "صحيح أن لندن، على سبيل المثال، تحتوي على أكثر من مليون كاميرا مراقبة، لكننا في المغرب بحاجة إلى تريث ودراسة معمقة قبل تطبيق مثل هذه الإجراءات".
من جانبه، أشار سعد بنمبارك، البرلماني عن التجمع الوطني للأحرار، إلى أن السند القانوني المعتمد لاستخدام الخبرة الجينية هو اتفاقية بودابست، التي حددت المعايير المتعلقة بذلك، مبرزا أن هناك تباينا بين الدول في كيفية إجراء هذه الخبرة، حيث تطلب بعضها أمرا من المحكمة، بينما تقوم أخرى بها بشكل مباشر.
وأشار بنمبارك إلى ضرورة التفريق بين المتهم والمشتبه فيه، مبينا أنه في حالة إدانة المتهم، يتم الاحتفاظ بنتائج الخبرة الجينية، بينما يتم إتلاف معطيات الشخص الذي لم يكن محل متابعة قانونية.
من جهته، تساءل عبد الصمد حيكر عن الجهة المسؤولة عن تحديد الفصيلة البيولوجية والجينية، وما إذا كان يمكن الاكتفاء بالمختبرات العمومية أو اللجوء إلى مختبرات خاصة. كما أشار إلى أهمية ضمان عدم إساءة استخدام هذه المعطيات، التي تمثل تهديدا لخصوصية الأفراد، متسائلا بشأن التعاون الدولي في تبادل هذه المعطيات في إطار محاربة الجرائم العابرة للحدود.
كما أكد البرلماني عن فريق التجمع الوطني للأحرار، محمد بن الطيب على ضرورة وجود ضمانات لحماية خصوصية الأفراد، مشددا على أهمية تحديد المختبرات المعتمدة بدقة لضمان الموثوقية واحترام الخصوصية.
من جانبها، دعت قلوب فيطح، البرلمانية عن فريق الأصالة والمعاصرة، إلى ضرورة التنصيص في مشروع قانون المسطرة المدنية على وجوب أمر الوكلاء العامين بإخضاع المشتبه بهم للبصمة البيولوجية، مشيرة إلى أن ذلك يمكن أن يكون حاسما في إثبات براءتهم.
وفي رده على مداخلات النواب، قال وزير العدل، عبد اللطيف وهبي: "هل تعتقدون أن موضوع البصمات الجنائية وما يثار حوله من إشكالات، فيما يخص من سيستعملها وماذا سيفعل بها، سيمر عليّ مرور الكرام؟ هذه الأمور منصوص عليها في اتفاقية "بريم"، مضيفا أن هناك حكما صادرا عن محكمة النقض في "ملف شهير" (لم يذكر تفاصيله)، رفضت فيه البصمات الجنائية لأن المتهم وُضع على كرسي وتم تقييده قبل أخذ بصماته.
وأضاف وهبي أن اللجوء إلى البصمات الجينية يصب في مصلحة المشتبه به لإثبات براءته، لأن الوسيلة الوحيدة المتبقية له هي البصمات، مشيرا إلى أنه يتم اللجوء إلى هذا الإجراء في جرائم الاغتصاب وهتك العرض واللعان، مشيرا إلى أن هناك نقاشا بشأن البنك الوطني للبصمات الجنائية، حول مكان إحداثه، من سيتكفل به، ومن هم الأشخاص المعنيون به، مضيفا أن هناك نصا قانونيا في جميع الدول ينظم هذا البنك، وأنه سيعقد لقاء مع رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، عمر السغروشني، لمناقشة الصيغة التي وضعتها الوزارة، كما سيتم مناقشة الأمر مع المديرية العامة للأمن الوطني.