اخبار المغرب

اندبندنت عربية

سياسة

المغرب يفاضل بين 3 عروض لامتلاك غواصة حربية

المغرب يفاضل بين 3 عروض لامتلاك غواصة حربية

klyoum.com

الخطوة تعزز القدرات الدفاعية للرباط والاختيار بين الفرنسية والألمانية والروسية

يقترب المغرب من اقتناء أول غواصة حربية ليلبي بذلك طموحاً راود كثيراً القوات العسكرية البحرية للمملكة التي تتبوأ الرتبة الـ25 في العالم بأسطول يضم 121 قطعة حربية، من بينها ست فرقاطات مجهزة بعتاد متطور، و18 سفينة دورية.

وفي الوقت الذي تنهال فيه العروض الفرنسية والألمانية وحتى الروسية على القوات المسلحة المغربية، تتجه الرباط إلى تفضيل العرض الفرنسي لأسباب جيوسياسية بصورة أكبر، في أفق تعزيز قدراتها العسكرية في البحر، بعد أن عمدت إلى تحديث قواتها الجوية والبرية عبر إبرام صفقات عسكرية عديدة مع شركاء متنوعين.

ويرى محللون أن امتلاك المغرب لغواصة حربية يعد خياراً استراتيجياً يرتبط بتحولات عميقة في البيئة الأمنية للمتوسط والأطلسي، ويمثل نقلة نوعية في قدراته الدفاعية، خصوصاً أن البلاد تتوفر على واجهة بحرية مزدوجة مديدة المساحة، الشيء الذي سيساعد في مراقبة أوسع للأنشطة البحرية، وتأمين مشاريع الطاقة البحرية.

كشفت منابر أوروبية متخصصة في الشؤون الدفاعية والعسكرية عن انخراط المغرب في مفاوضات اقتناء أول غواصة حربية، بالنظر إلى حاجة المملكة إلى هذا الصنف من العتاد العسكري لمراقبة سواحله الأطلسية والمتوسطية الممتدة على مساحات شاسعة.

وأفادت المصادر ذاتها أنه بامتلاك المغرب ما يقارب 3500 كيلومتر من السواحل الأطلسية والمتوسطية، وطرقاً بحرية حيوية، وجواراً متوتراً حول مضيق جبل طارق، يسعى إلى سد "ثغرات قدراته" تحت سطح البحر، بإبرام صفقة شراء غواصات حربية.

وتبعاً لهذه المواقع المتخصصة، استثمرت البحرية المغربية بالفعل في قدرات مكافحة الغواصات، مثل الفرقاطة المتعددة المهمات محمد السادس (FREMM)، وفرقاطات SIGMA المجهزة بأجهزة مسح (سونار) متطورة، لكن غياب الغواصات يحد من ديمومة الوجود في البحر، ومن قدرات جمع المعلومات الاستخبارية.

ويرى محللون أن امتلاك المغرب ما بين غواصتين إلى ثلاث غواصات حربية ضروري لضمان حضور مستمر في البحر، واحدة في الدورية، أخرى في الاستعداد، وثالثة في الصيانة، وذلك مثلما نجح في تعزيز قدراته العسكرية في الجو والبر.

وبخصوص الدول التي تعرض غواصاتها الحربية على المغرب، توجد على رأس القائمة فرنسا، إذ عرضت مجموعة "نافال" غواصات "سكوربين"، وهي غواصات تقليدية معروفة بقدراتها على التخفي والتعددية، وإضافة إلى الأداء التقني، يقترح المصنع الفرنسي "باقة" تشمل مشاركة محلية، ونقل للخبرات، وإمكانية إدارة ورش لبناء السفن في الدار البيضاء.

لكن السوق ليست حكراً على العرض الفرنسي، فالشركة الألمانية TKMS عرضت على المغرب فئات عدة مجربة، غير أن الدينامية السياسية الحالية ترجح كفة العرض الفرنسي، الذي يتناسق مع اختيارات الرباط الأخيرة في مجال الطيران، من قبيل صفقة مروحيات "كاراكال".

يعلق الخبير في الشأن الاستراتيجي والعسكري محمد الطيار بالقول إن امتلاك المغرب لغواصة حربية سيمثل نقلة نوعية في قدراته الدفاعية، إذ إن الغواصات تعتبر من أقوى أسلحة الردع بفضل قدرتها على التخفي والعمل في سرية تامة، مما يتيح للمغرب إمكانية توجيه ضربات دقيقة أو تعطيل أي تهديد محتمل من دون أن يجري رصده بسهولة.

وزاد الطيار "بحكم أن المغرب يحظى بواجهة بحرية مزدوجة على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، مما يجعله بحاجة إلى قدرات متقدمة لحماية سواحله الطويلة ومياهه الإقليمية، فإن توفره على غواصة سيمكن "البحرية الملكية" من مراقبة أوسع للأنشطة البحرية، وتأمين مشاريع الطاقة البحرية وطرق الملاحة الحيوية.

ولفت المحلل ذاته إلى أن مضيق جبل طارق يعد من أهم الممرات البحرية في العالم، إذ تعبره نسبة كبيرة من التجارة الدولية، وبالتالي فإن الغواصة ستعزز قدرة المغرب على مراقبة هذا الممر، والتحكم في أي تهديدات أمنية قد تمسه، مما يمنح المملكة وزناً استراتيجياً إضافياً في المعادلة.

وأكمل الطيار أن "إدخال سلاح الغواصات سيغير من طبيعة عمل البحرية المغربية، إذ يفرض تحديث أساليب التدريب، وتطوير أنظمة القيادة والسيطرة، واعتماد تقنيات جديدة في الاستشعار والقتال البحري"، مردفاً أن "هذه الخطوة سترفع من مستوى الجاهزية العملياتية وتعزز تحديث القوات المسلحة".

ومن جهة أخرى، امتلاك الجزائر لغواصات روسية، وتشغيل إسبانيا لغواصات متطورة، وولوج المغرب لنادي الدول المالكة للغواصات، عوامل تعيد إرساء التوازن البحري في المنطقة، وتمنع اختلال موازين القوى على مستوى غرب المتوسط.

ونبه المحلل نفسه إلى أن أية صفقة غواصات مع فرنسا أو ألمانيا أو روسيا ليست عملية شراء سلاح فقط، فهي تفتح الباب أيضاً أمام تعاون استراتيجي يشمل التدريب ونقل الخبرات والدعم التقني، الشيء الذي سيجعل المغرب أكثر اندماجاً في شبكات التعاون الأمني والعسكري مع القوى الكبرى.

ولم يفت الخبير عينه الإشارة إلى أن الغواصة هي وسيلة أيضاً لجمع المعلومات الاستخبارية، ورصد التحركات البحرية المشبوهة، وهذا يجعل المغرب لاعباً محورياً في جهود مكافحة الإرهاب والتهريب والهجرة غير النظامية عبر البحر، مما يعزز مكانته كشريك موثوق في استقرار المنطقة.

يتفق أستاذ العلاقات الدولية والباحث في الشأن الاستراتيجي مولاي هشام معتضد مع رأي الطيار في كون "اعتزام المغرب دخول نادي الدول المالكة للغواصات الحربية ليس قراراً تقنياً صرفاً، بل خيار استراتيجي يرتبط بتحولات عميقة في البيئة الأمنية للمتوسط والأطلسي، فالمغرب، الذي يملك أطول واجهة بحرية على المحيط الأطلسي في شمال أفريقيا، يدرك أن تأمين هذه المساحات الشاسعة يتطلب قدرات ردع تحت سطحية، قادرة على العمل بعيداً من أنظار الخصوم.

السياق الأول جيوسياسي، فحسب معتضد يجد المغرب نفسه في بيئة معقدة، جنوب أوروبا يعزز حضوره العسكري في المتوسط، والجزائر استثمرت في غواصات روسية متقدمة، والتهديدات غير التقليدية مثل شبكات التهريب أو القرصنة لم تعد قابلة للردع بالوسائل السطحية فقط، بالتالي كما أن الغواصة تمنح المغرب عنصر توازن إقليمي وردع صامت في مواجهة معادلات متغيرة.

وأما السياق الثاني، وفق المتحدث ذاته، فيتعلق بالتحولات في العقيدة الدفاعية المغربية، "إذ إنه منذ أكثر من عقد، يعمل المغرب على الانتقال من الدفاع التقليدي إلى بناء قدرات قادرة على الاشتغال في مسارح بعيدة المدى"، متابعاً بأن "الغواصة تمثل هنا أداة سيادية للتخفي، وجمع المعلومات الاستخبارية، وإظهار قدرة على ضرب أهداف استراتيجية من دون إعلان مسبق".

وطرح معتضد السياق الثالث، وهو اقتصادي واستراتيجي في آن واحد، إذ إن المغرب بات فاعلاً أساسياً في أمن الطاقة والموارد العابرة من غرب أفريقيا إلى أوروبا، وبالتالي امتلاك غواصة يعني القدرة على مراقبة وتأمين الممرات البحرية الأطلسية، التي ستزداد أهميتها مع مشاريع الغاز والنقل البحري العالمي، وهي رسالة بأن المغرب يحمي ليس فقط سواحله، بل أيضاً مصالحه الحيوية في العمق الأطلسي.

يكمل معتضد بأنه "على المستوى الدبلوماسي تضع هذه الخطوة المغرب في دائرة شركاء أوروبيين وأطلسيين أكثر قرباً، فالعروض من فرنسا وألمانيا وروسيا تعكس تنافساً على تموقع استراتيجي داخل شمال أفريقيا"، لافتاً إلى أن "اختيار المورد لن يكون قراراً عسكرياً فقط، بل ورقة سياسية توظف لتعزيز موقع الرباط داخل ميزان القوى الدولي".

ومن الناحية التكتيكية، تمنح الغواصات الجيش المغربي قدرة ردع غير متماثلة، ففي حال نشوب أزمة، يمكن لغواصة واحدة أن تغير الحسابات البحرية للخصم عبر تهديد غير مرئي، وهذه القدرة التخويفية (Deterrence by Uncertainty) تمنح المغرب مساحة مناورة أكبر من دون الدخول في سباق تسلح مفتوح.

وأشار معتضد في هذا الصدد إلى أن "إدماج الغواصة داخل منظومة الدفاع المغربي يتطلب بنية تحتية، وتدريباً متخصصاً، ودمجاً تقنياً مع القوات البحرية والجوية، بمعنى أن القرار لا يتعلق باقتناء قطعة عسكرية فقط، بل بعملية تحديث شاملة للعقيدة البحرية المغربية نحو قوة أكثر استقلالية واحترافية".

وخلص المحلل عينه إلى أن امتلاك المغرب لغواصة سيكون تحولاً استراتيجياً يوازي إدخاله طائرات F-16 أو أنظمة الدفاع الصاروخي، فهو إعلان بأن المغرب بات ينظر إلى نفسه كقوة بحرية أطلسية، وليس فقط متوسطية أو إقليمية، وهذه الرؤية تنسجم مع مبادراته الأخيرة لجعل الفضاء الأطلسي مجالاً استراتيجياً جديداً للتعاون والدفاع عن مصالحه الوطنية".

*المصدر: اندبندنت عربية | independentarabia.com
اخبار المغرب على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com