وادي أوريكا.. واحة من الهدوء والطبيعة الخلابة على مرمى حجر من صخب مراكش
klyoum.com
أخر اخبار المغرب:
بنصغير يثير اهتمام أندية أوروبية عملاقةعلى بُعد 32 كيلومترا فقط من صخب ساحة جامع الفنا وأسواق مراكش المكتظة، يمتد وادي أوريكا كواحة من السكينة والطبيعة البكر عند سفوح جبال الأطلس الكبير، في مشهد يصعب تصديقه أمام الزخم الذي تعرفه المدينة الحمراء.
هذا ما كشفه تقرير لصحيفة "The Guardian" البريطانية، اطلعت عليه جريدة "العمق"، حيث روى الصحفي مارك إيفيليغ تجربته الشخصية، مستعرضا بتفاصيل دقيقة جمال المنطقة وتفردها.
من سطح إحدى الإقامات التقليدية بالمنطقة، حيث تنساب مياه نهر أوريكا بين حقول الزيتون وأشجار النخيل، لاحظ الكاتب مشهدا بديعا لعشرات المناطيد الهوائية تملأ سماء مراكش عند بزوغ الفجر، في مشهد يلخص النشاط السياحي المتواصل بالمدينة، وفق ما أوردته الصحيفة.
وأوضح الكاتب أنه اختار الإقامة في وادي أوريكا هربا من صخب المدينة، باحثا عن هدوء لا يعكره سوى خرير النهر ونهيق الحمير القادمة من الممرات الجبلية المجاورة.
وخلال جولة مشي داخل الجبال، رافقه عبد الكريم آيت علي، ابن حداد سابق ومرشد سياحي حاليا، حيث أطلعه على النباتات المحلية كأشجار الخروب وحبوب السرو المستخدمة قديما كتوابل للفقراء، وأوراق الدفلى التي كانت تحرق لتعقيم الهواء.
ونقل التقرير، كما اطلعت عليه "العمق"، مشهدا حيا لاقتحام خنزيرة برية مع صغارها الأدغال القريبة، في مشهد يعكس وفرة الخنازير البرية بالمنطقة.
وأشار إلى أن تراجع التساقطات الثلجية خلال السنوات الأربع الماضية أثر على طبيعة المشهد والأنشطة الاقتصادية، موضحا أن موسم التزلج بمحطة أوكايمدن القريبة كان شبه معدوم هذه السنة، حسب المصدر ذاته.
وسلط التقرير الضوء على معاناة سكان القرى المحلية مع الخنازير البرية التي تداهم حقولهم ليلا، في ظل غياب عمليات الصيد المنظم، بسبب حرمة تناول لحمها، مما يفاقم التحديات أمام الفلاحين.
كما تناول التقرير حدائق مراكش الشهيرة، وعلى رأسها "حديقة أنيما" التي أنشأها الفنان النمساوي أندريه هيلر شمال وادي أوريكا على أرض كانت قاحلة، مشيدا بجمالها الهادئ ومنحوتاتها الفنية. وزار أيضا "حديقة الزعفران" المجاورة، حيث تعلّم الكاتب طرق حصاد "الذهب الأحمر".
وفي الحديقة نفسها، تذوق الصحفي، وفق ما ورد في "The Guardian"، أنواعًا مختلفة من الشاي، منها شاي الزعفران، وشاي الزعتر، والمريمية، واللافندر، والشيح، والزعتر البري، التي تحظى بشعبية لدى الأمازيغ المحليين.
كما أشار التقرير إلى الأسواق القروية المتنقلة، مثل سوق الجمعة في قرية أغمات، حيث تذوق التمر القادم من ورزازات وعصير القصب بالزنجبيل، مبرزا أن الموقع الأثري بأغمات يعكس تاريخ القرية كعاصمة للمنطقة قبل تأسيس مراكش في القرن 11.
ولم يغفل التقرير الإشارة إلى آثار الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة في 8 شتنبر 2023 بقوة 6.8 درجات، وأسفر عن مقتل نحو 3000 شخص وتدمير أو تضرر نحو 60 ألف منزل. وأوضح أن الموقع الأثري بأغمات لم يتضرر كثيرا، بينما فقدت قرية تفزا القريبة من وادي أوريكا نصف منازلها.
وفي ورشة خزفية بقرية تفزا، التقى الصحفي بالحرفي خالد بن يوسف، الذي أخبره أن أعمال إزالة أنقاض الزلزال كشفت عن لوح حجري منقوش بالخط العبري يعود إلى سنة 1575، ويحمل اسم عائلته "بن يوسف"، في مصادفة اعتبرها الكاتب مثيرة.
وأشار التقرير إلى أن الطقس الجاف، رغم أثره السلبي على الفلاحة، ساعد في ازدهار صناعة الفخار التقليدي، حيث امتلأت أسطح المنازل بمنتجات الفخار من تانجيات وقدور وطواجن. وخاض الصحفي تجربة مباشرة مع الحرفي خالد بن يوسف لتشكيل وعاء تانجية، رغم كونه مبتدئا.
واختتم الكاتب رحلته بوصف الأجواء الحيوية على ضفاف وادي أوريكا العليا نهاية الأسبوع، حيث تنتشر المظلات الملونة والمقاعد الأرضية قرب المقاهي النهرية، وسط روائح أطباق الطاجين واللحم المشوي. كما سرد مغامرته عبر مسار الشلالات السبعة بستي فاطمة، حيث قاده المرشد عبد الكريم إلى الشلالات المتتالية وصولا إلى بحيرة طبيعية خلابة، بعيدا عن الزحام.
وفي ختام تقريره، اعتبر الكاتب، وفق ما اطلعت عليه "العمق"، أن وادي أوريكا، رغم قربه الشديد من مراكش، ما زال يحتفظ بسحره الخاص وسره الدفين حتى عن كثير من سكان المدينة أنفسهم.