مقاطع الجرائم تغزو الفضاء الرقمي.. هل يتبدد شعور المغاربة باستتباب الأمن؟
klyoum.com
أخر اخبار المغرب:
الموت يفجع حارس المنتخب الوطنيشهدت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الإلكترونية، خلال الأسابيع الأخيرة، تزايدا ملحوظا في نشر مقاطع فيديو توثق حوادث إجرامية، كالسرقة والاعتداء الجسدي واللفظي، في مدن مغربية مختلفة.
وأعاد هذا التواتر في نشر المقاطع، والتفاعل الواسع الذي تثيره، النقاش حول حقيقة معدلات الجريمة في المغرب، ودور التغطية الرقمية المكثفة في تضخيم الوقائع ومنحها بعدا عاما، خصوصا في ظل التباين بين شعور المواطنين بانعدام الأمن والمعطيات الرسمية التي تشير إلى انخفاض معدلات الجريمة بالمملكة.
وأفاد تقرير وزارة الداخلية لسنة 2024 بأن الوضع الأمني في المغرب "عادي ومتحكم فيه"، مشيرا إلى أن مؤشرات محاربة الجريمة تؤكد أن البلاد لا تزال بعيدة عن المعدلات العالمية للجريمة. كما أشار التقرير إلى أن الجرائم تُسجَّل بشكل أكبر في المدن، حيث تمثل 69 في المئة من إجمالي القضايا المسجلة.
بالموازاة، تشهد الوسائط الرقمية تداولا متزايدا لمقاطع توثق جرائم بمختلف الأصناف، والتي غالبا ما ترافقها عناوين مثيرة أو توصيفات بتدهور الوضع الأمني. حيث يطرح هذا النوع من التغطية الإعلامية لهذه الظواهر الاجتماعية تساؤلات حول مدى تأثير الفضاء الرقمي على شعور المواطنين بالأمن، ودورها في تشكيل تصورات أو مواقف قد لا تتوافق مع المعطيات الرسمية أو الواقع المعاش.
وفي هذا السياق، يرى الخبير النفسي، الدكتور عادل الحسني، أن شعور المواطن بارتفاع الجريمة لا يمكن فصله عن الدور المتنامي الذي باتت تلعبه وسائل الإعلام الرقمية، وخاصة منصات التواصل الاجتماعي. وأضاف المتحدث: " نحن نعيش في زمن "التكثيف الشعوري"؛ فقد أصبحت مشاهد العنف، من طعن وسرقة واعتداء، قريبة وصادمة، كما لو أنها تقع أمام بيتنا، حتى وإن كانت في مدينة بعيدة تماما، أو كان المقطع قد أعيد نشره، أو صور في دولة أخرى، أو حتى مولدا بتقنيات الذكاء الاصطناعي."
وهبي يتوعد حملة السيوف والسكاكين بـ”عقوبات صارمة” لتطويق انتشار الأسلحة بشواع المملكة
ويفسر الحسني في تصريح لجريدة "العمق" هذا التأثير بما يسمى في علم الاجتماع بـ “الواقع المتصور"، حيث يعتقد الفرد أن الجريمة منتشرة أكثر مما عليه فعليا، و "الأخطر" حسب تعبير الخبير، هو ما أشار إليه بـ “نظرية التعلم الاجتماعي"، والتي تشير إلى أن تكرار مشاهد العنف قد يؤدي إلى تطبيعها نفسيا، لدى الفئات الهشة أو من لديهم استعداد للعنف، خاصة إذا كانت مصحوبة بتفاعل قوي من سخرية أو تشجيع.
ويحذر المصدر ذاته من أن هذا المناخ يخلق ما يسمى بـ "القلق الجمعي" أو "الهلع الأخلاقي"، حيث يصبح الخوف مشتركا، بل وظاهرا في سلوكيات الأفراد وتعاملهم مع الاخرين، وقد يصل للمطالبة المتزايدة بتشديد الأمن، حتى وإن كانت غير ضرورية.
ويخلص الخبير إلى أن "الإعلام الرقمي" له دور محوري في تشكيل التصورات الذهنية، معتبرا أن هذا الدور “دقيق وخطير". ما يتطلب حسب رأيه وعيا نقديا من الصحفيين والمهنيين الاجتماعيين، كي لا يتحولوا، على حد تعبيره، "من متابعين للواقع إلى أسرى لأشباحه".