إصلاح هيئة ضبط الكهرباء.. المغرب يراهن على الطاقة لتأمين الاقتصاد
klyoum.com
أكد الخبير في استراتيجيات التنمية الاقتصادية والطاقية، هشام قصراوي، أن إصلاح الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، تحت قيادة الملك محمد السادس، يعد مؤشرا ملموسا على النضج الوطني والمؤسساتي في التعامل مع التحديات الخاصة بقطاع الطاقة.
وعين الملك محمد السادس، أمس الأربعاء زهير شرفي خلفا عبد اللطيف برضاش على رأس الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء.وأصدر الملك بالمناسبة توجيهاته قصد "الانكباب على إجراء إصلاح عميق لهذه الهيئة، وتحويلها إلى هيئة وطنية لضبط قطاع الطاقة، عبر مراجعة القانون المتعلق بها، وتوسيع اختصاصاتها لتشمل كل مكونات قطاع الطاقة، لتشمل فضلا عن الكهرباء، الغاز الطبيعي والطاقات الجديدة، على غرار الهيدروجين ومشتقاته، وكذا مجالات الإنتاج والتخزين والنقل والتوزيع، وذلك بما يساير مستوى النضج الذي بلغه قطاع الطاقة ببلادنا، وطبقا للممارسات الدولية الفضلى في هذا المجال".
وتأتي الدعوة الملكية لإصلاح مؤسسة ضبط الكهرباء، في سياق إنجازات ملموسة حققها المغرب في قطاع الطاقة، حيث وصلت نسبة الطاقة المتجددة في المزيج الكهربائي إلى 45 بالمئة في عام 2024، متجاوزة الأهداف المقررة لعام 2030. وتسعى المملكة إلى رفع هذه النسبة إلى 56 بالمئة بحلول عام 2027، ما يعزز مكانتها كأحد أبرز اللاعبين في التحول الطاقي على المستوى العالمي.
وقال قصراوي: "بالإضافة إلى تعيين رئيس جديد لهذه الهيئة الوطنية، فإن الإصلاح الجديد للهيئة التنظيمية الطاقية، تحت قيادة الملك، يستحق اهتماما خاصا".وأوضح أن "الطاقة هي العمود الفقري للاقتصاد، لأنها رافعة قوية للتنافسية الصناعية وقطاع استراتيجي للسيادة والنفوذ".
وأضاف المستشار الشاب لدى مكاتب بارزة، أن هذا الإصلاح "يجسد إدراك المغرب بأهمية المسألة الطاقية في نموذجه التنموي الاقتصادي".وأشار قصراوي إلى أنه “على الصعيد الدولي، يمر سوق الطاقة اليوم باضطرابات كبيرة وسيستمر في ذلك في السنوات المقبلة، وذلك في إطار الانتقال الطاقي الجاري”،
ويشهد المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، إصلاحا جذريا في قطاع الطاقة يعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز الاستقلال الطاقي والاستدامة. وفي إطار هذه الجهود، تم الإعلان عن تحويل الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء إلى هيئة تنظيمية شاملة.
ويشكل تعيين زهير الشرفي على رأس "الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء" (ANRE) نقطة تحول مهمة في مسار إصلاح القطاع الطاقي. وبتوجيهات ملكية، سيتم توسيع صلاحيات الهيئة لتشمل جميع قطاعات الطاقة، بما في ذلك الكهرباء، الغاز الطبيعي، الهيدروجين، والطاقة المتجددة، وفقا لأفضل الممارسات الدولية.
وسجل قصراوي، أن هذا الأمر من شأنه توليد المزيد من الابتكارات لإنتاج طاقات تنافسية منخفضة الكربون، والقواعد للتصديق على المنشأ المتجدد للطاقات، والمزيد من التقنيات لإدارة شبكات الطاقة الذكية، فضلا عن الرهانات المالية المناخية مع إدخال أرصدة الكربون في خطط أعمال مشاريع الطاقة الجديدة.
وأضاف أنه على المستوى الوطني "من الضروري أن يكون للمغرب هيئة تنظيمية ليس فقط على دراية جيدة بهذه الرهانات، بل أيضا قادرة على مواكبة التطورات في القطاع وإعداد الإطار التنظيمي اللازم لتحقيق طموحات المملكة في مجال الطاقة، سواء من الناحية الكمية أو النوعية".
وقال إن إحدى النقاط الرئيسية للإصلاح الذي أطلقه الملك هو توسيع اختصاصات الهيئة لتشمل كل مكونات قطاع الطاقة، لتشمل فضلا عن الكهرباء، الغاز الطبيعي والطاقات الجديدة، على غرار الهيدروجين ومشتقاته، "وهذا مؤشر ملموس على النضج الوطني والمؤسساتي فيما يتعلق بالتحديات الخاصة بقطاع الطاقة".
وخلص قصراوي إلى القول إن هذه الإشارات "لن يفوت المشغلون العالميون في مجال الطاقة أن يلتقطوها، وهو الأمر الذي سيشجعهم أكثر على مواصلة وتسريع استثماراتهم في المغرب، وبالتالي تعزيز دوره كرابط إقليمي رائد في مجال الطاقة".
هذا، وبفضل موقعه الجيوستراتيجي الذي يربط أفريقيا بأوروبا، يلعب المغرب دورا محوريا كممر طاقي فريد. وهو البلد الأفريقي الوحيد الذي يرتبط بشبكات الكهرباء والغاز الأوروبية، مما يعزز دوره في مشاريع استراتيجية كخط الغاز نيجيريا-المغرب والصفقة الخضراء الأوروبية.وتحظى هذه الإنجازات باعتراف دولي، حيث صنف المغرب كأول وجهة استثمارية للطاقة المتجددة في أفريقيا، وتم اختياره ضمن أهم خمسة موصلين للطاقة على المستوى العالمي وفقا لتقارير "بلومبرغ".
وبلغت القدرة المركبة للطاقة المتجددة 4600 ميغاوات بحلول نهاية 2023، موزعة بين 1771 ميغاوات للطاقة الكهرومائية، 1430 ميغاوات لطاقة الرياح، و830 ميغاوات للطاقة الشمسية. ومن المتوقع أن تزداد هذه القدرة بمقدار 3000 ميغاوات إضافية بحلول عام 2030. كما ساهمت هذه الجهود في تقليص التبعية الطاقية من 98 بالمئة في عام 2008 إلى 89 بالمئة في 2024، وهو تقدم يعكس نجاح السياسات الطاقية للمملكة.
ويمثل الهيدروجين الأخضر ركيزة أساسية في الاستراتيجية الطاقية المغربية، حيث يسعى المغرب إلى أن يصبح مركزا عالميا لإنتاج هذه الطاقة بتكاليف منخفضة، وفقا لتقارير دولية. ويعد هذا التوجه جزءً من استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز مكانة المملكة في الاقتصاد الأخضر العالمي.
كما يمتلك المغرب موارد طبيعية متميزة في مجال الطاقات المتجددة، لا سيما في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مما يمنحه القدرة على إنتاج طاقة نظيفة بتكاليف منخفضة تنافسية. بالإضافة إلى ذلك، يعد المغرب عنصرا محوريا في إعادة هيكلة سلاسل الإمداد العالمية، بفضل موقعه الاستراتيجي كممر طاقي وتجاري يربط بين أوروبا وأفريقيا والمحيط الأطلسي.