التوفيق: التعامل بالفوائد عقد تراض والدولة مسؤولة عن حماية المقترض من الظلم والاستغلال
klyoum.com
أخر اخبار المغرب:
حريق بسوق في الدار البيضاء يخلف خسائرشدد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، على أن التعامل المالي بالفوائد على القروض يتعلق بـ"التشرع" أي التعاقد والتراضي الكفيل بالعدل، أكثر مما يتعلق بـ"التعبد"، مشددا على أن العدل يقتضي ألا تتحول الضرورة إلى فرصة حيف وإجحاف بالمقترض، وهذا ما يستدعي تدخل الإمارة لحماية المال بقواعد ومؤسسات.
التوفيق الذي كان يتحدث الأربعاء 3 يوليوز 2025، خلال انطلاق المنتدى الـ23 للاستقرار المالي الإسلامي الذي تحتضنه الرباط، إن العدل يقتضي ألا تتحول الضرورة إلى فرصة حيف وإجحاف، مشددا على أن القرض ضرورة من ضرورات الحياة، لكنه يصبح ظلما حين يتحول إلى وسيلة لاستغلال حاجة الناس، موضحا أن الإسلام قدم نظاما ماليا متكاملا لا يمكن فهم أي جزء منه إلا في إطار نسقه الشمولي، حيث تتكامل القيم الروحية مع القواعد العملية لضبط المعاملات.
وفي مستهل كلمته، هنأ التوفيق رؤساء المؤسسات المالية المشاركين في المنتدى على ما وصفه بـ"المبادرة المتميزة" التي انخرطت فيها المملكة في النسيج المالي العالمي، مؤكدا أن المغرب ساهم فيها عبر مؤسستين أساسيتين: بنك المغرب كمؤسسة مالية، والمجلس العلمي الأعلى كمؤسسة علمية، مبرزا أن التنسيق الوثيق بين المؤسستين أفضى إلى انفتاح الفاعلين البنكيين على ضوابط التأطير الفقهي، كما انفتح الفقهاء على واقع المعاملات المالية الحديثة التي لم تكن معهودة من قبل.
واستحضر التوفيق السياق التاريخي لانخراط المغرب في تجربة المالية التشاركية، مشيرا إلى أن والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، كان من أوائل من بادروا إلى فتح هذا الورش، منذ حوالي عشر سنوات، في وقت كانت فيه الصيغة التشاركية قد بدأت تفرض نفسها عالميًا. وقال إن الجواهري واجه حينها تحديا كبيرا في إقناع الفاعلين بإمكانية الجمع بين النجاعة الاقتصادية والضوابط الشرعية، خاصة في ظل بعض التحفظات ذات الأبعاد السياسية.
وفي إطار حديثه عن الربا والفوائد، استحضر التوفيق نصا فلسفيا من كتاب السياسة للفيلسوف الإغريقي أرسطو، كان يعتمده في تدريسه لتاريخ اليونان في الجامعة في سبعينيات القرن الماضي، بعنوان: "النقود لا تلد"، وهو نص يستنكر فيه أرسطو ظاهرة القروض الربوية في المجتمع الأثيني، والتي كانت تؤدي إلى استعباد المدين العاجز عن السداد.
وأكد المسؤول الحكومي، أن القرآن الكريم جاء بعد أكثر من ألف عام ليدين هذا الشكل من القروض، ويحرم الربا المضاعفة، لا من منطلق تعبدي محض، بل من منطلق رفع الظلم وتحقيق العدل، مضيفا أن المال، بحسب القرآن، ليس غاية بل وسيلة، وهو وسيلة خطيرة إذا لم تُضبط وظيفته، فهو للتداول والإنفاق، لا للتكديس والاستغلال.
كما اعتبر أن المال يجب أن يُدار في إطار العدل والمقاصد الكبرى للشريعة، مبرزا أن العدل في العقود والمعاملات هو الذي يحقق التوازن ويحفظ كرامة الإنسان، داعيا إلى عدم ترك الإنسان يفعل في المال ما يشاء خارج مقصد المعروف والعدل، مردفا بقوله: "من الواجب استحضار الأبعاد الروحية في المعاملات المالية، والحرص على ألا تتحول الحاجة إلى فرصة للشيطان كي يشارك في المال".
وأكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أن الدولة، بوصفها حامية للمصلحة العامة، ينبغي أن تتدخل لضبط السوق المالية، عبر قواعد واضحة ومؤسسات صارمة، تحول دون الظلم أو الاستغلال، مضيفًا أن المال أمانة لا يجب أن تُترك في يد السفهاء أو المتلاعبين، ولا يجوز أن يتحول إلى أداة للطغيان والتجبر.