اخبار المغرب

العمق المغربي

سياسة

مقاعد شاغرة وتشريعات مؤجلة.. تغيب النواب يهدد هيبة البرلمان ويعمق أزمة التمثيل

مقاعد شاغرة وتشريعات مؤجلة.. تغيب النواب يهدد هيبة البرلمان ويعمق أزمة التمثيل

klyoum.com

تطرح ظاهرة تغيب النواب البرلمانيين عن جلسات البرلمان، أو ما يطلق عليها بـ "السلايتية"، إشكالية سياسية وأخلاقية مركبة، تضع المؤسسة التشريعية برمتها أمام مرآة مساءلة علنية، حيث تتجلى أزمة الثقة بين الناخب والمؤسسة النيابية، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى برلمان قوي وفاعل يحمي الحقوق ويوازن السلط.

جدد رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، أسفه من استمرار ظاهرة “النواب السلايتية”، وذلك بعد أن سجلت الجلسة التشريعية ليوم الثلاثاء 22 يوليوز 2025، حضور 131 برلمانيا فقط من أصل 395 نائبا. بينما غاب 133 نائبا عن جلسةالتصويت على مشروع قانون المسطرة الجنائية، ووصف العلمي هذا الغياب بأنه “غير معقول ولكن الغالب الله”.

تغيب البرلمانيين لم يعد مجرد سلوك فردي أو اختلال عارض، بل أصبح ظاهرة هيكلية تعكس أعطابا عميقة في بنية العمل السياسي والحزبي بالمغرب، فالمتابع لأشغال الجلسات العمومية وأعمال اللجان النيابية يلاحظ، وبالوقائع والصور، مشهدا شبه دائم لمقاعد فارغة في وقت يفترض أن تكون فيه النقاشات داخل البرلمان محتدمة، خصوصا حين يتعلق الأمر بمشاريع قوانين تمس الحقوق الأساسية للمواطنين.

في هذا السياق، أكد أستاذ العلوم السياسية، بكلية الحقوق بالجديدة،  عبد الغني السرار،  أن استمرار هذه الظاهرة يؤدي إلى فقدان النواب لمصداقيتهم وشرعيتهم الانتخابية، مما يعزز عزوف المواطنين عن المشاركة السياسية والانتخابية، ويضعف المؤسسة التشريعية ككل، موضحا أن النواب يفضلون حضور الجلسات ذات الطابع الإعلامي والظهور أمام الرأي العام، بينما يتغيبون عن الجلسات التشريعية الجوهرية، مما يدل على تباين بين الأداء الإعلامي والواجب التشريعي.

وأكد وشدد السرار، في تصريح لجريدة "العمق المغربي"، أن ظاهرة غياب النواب عن جلسات البرلمان ليست مجرد خلل عرضي أو مؤقت، بل هي آفة متجذرة تتكرر عبر مختلف الدورات التشريعية، وتشكل إخلالا واضحا بالمهام النيابية والأخلاقية الملقاة على عاتق البرلمانيين، مشيرا إلى أن استمرار هذه الظاهرة رغم وجود نظام داخلي صارم يتضمن عقوبات تأديبية، ومنها التنبيهات الكتابية وخصم التعويضات المالية، يُظهر مدى عدم جدوى هذه التدابير في الحد من الغياب المتكرر.

ويُبرز السرار أن هذا الإخلال لا يقتصر على فئة محددة أو تيار سياسي بعينه، بل يشمل جميع النواب بمختلف انتماءاتهم، وهو ما يُعكس حالة من الضعف المؤسسي والالتزامي داخل البرلمان. كما يشير إلى أن تظافر عوامل ذاتية وموضوعية أفضى إلى ما وصفه بـ"الخلل الوظيفي" للمؤسسة التشريعية، وأن هذه الظاهرة تمثل تحديا فشل البرلمان، بمكونيه النواب والمستشارين، في مواجهته والحد منه.

ونبه السرار إلى أن خطورة الظاهرة تكمن في تأثيرها المباشر على سير عمل البرلمان كفضاء عام للتمثيل السياسي والتشريع. فغياب عدد كبير من النواب عن جلسات الدراسة والتصويت على مشاريع القوانين، خصوصا تلك المتعلقة بالحقوق والحريات الأساسية، يفتح المجال للسلطة التنفيذية للهيمنة على العملية التشريعية، ما يؤدي إلى تنازل النواب عن مسؤولياتهم الدستورية ويضعف دور البرلمان في مراقبة السياسات العمومية وحماية الديمقراطية.

وسلط السرار الضوء على ضعف الالتزام الحزبي لدى العديد من النواب، مشيرًا إلى أن الانتماء الحزبي في التجربة المغربية لا يرتبط في أغلب الأحيان بالكفاءة أو الاستحقاق أو الالتزام السياسي، بل بمصالح براغماتية تضرب في العمق التعاقد السياسي بين النائب وناخبيه، مؤكدا أن هذا الوضع ينعكس على جودة العمل البرلماني، حيث تفتقد أغلب الكتل النيابية لأطر حزبية مخلصة ومتقيدة بواجباتها داخل المؤسسة التشريعية.

علاوة على ذلك، أشار المتحدث إلى أن ضعف حضور النواب يؤثر سلبًا على عمل اللجان الدائمة، التي تُعتبر ركيزة أساسية في بناء التشريع والرقابة، مما ينعكس على نوعية القرارات والتشريعات التي يُنتجها البرلمان، ويقلل من تمثيل الفرق السياسية بشكل متوازن داخل هذه اللجان.

*المصدر: العمق المغربي | al3omk.com
اخبار المغرب على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com