"جيل Z" يحتج خارج التنظيمات.. مطالب اجتماعية تضع الدولة أمام امتحان الإصغاء
klyoum.com
أخر اخبار المغرب:
منظمة تدعو إلى إطلاق سراح الشباب الذي تم إيقافهشهدت عدة مدن مغربية، يومي السبت والأحد 27 و28 شتنبر، خروج أعداد كبيرة من الشباب في تظاهرات سلمية استجابة لدعوة أطلقتها مجموعة رقمية حديثة العهد تُعرف باسم "Moroccan Youth Voice / GENZ212″، حيث تمحورت مطالب المحتجين أساسا حول قضايا التعليم والصحة والتشغيل والعدالة الاجتماعية، غير أن الرد الأمني جاء أكثر حدة من الشعارات المرفوعة، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة النقاش حول واقع الحريات، ومكانة الشباب في الفضاء العام، وطبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع.
جيل Z.. وعي سياسي جديد
منذ البداية، حرص الشباب المنظمون للاحتجاجات على التأكيد على طابعها السلمي، نافين أي ارتباط لهم بجهات سياسية أو تنظيمات حزبية، غير أنّهم في الوقت نفسه رفعوا شعارا سياسيًا بامتياز: "الشعب يريد إسقاط الفساد"، وهو الشعار نفسه الذي حملته حركة 20 فبراير ورددته حناجر حراك الريف، ما أعاد طرح تساؤلات حول الخط الفاصل بين المطالب الاجتماعية والبعد السياسي، خصوصا في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يواجهها الشباب المغربي.
ورغم سلمية الوقفات والطابع الاجتماعي للمطالب، لجأت السلطات إلى تفريقها بالقوة، مع تسجيل حالات توقيف واعتقال في مدن كبرى مثل الدار البيضاء، الرباط، فاس، ومراكش، حيث أعاد هذا المشهد إلى الأذهان المقاربات الأمنية التي اعتُقد أنها أصبحت من الماضي، خصوصا بعد دستور 2011، مما أثار موجة استنكار واسعة لدى نشطاء وحقوقيين وبعض الفاعلين السياسيين، الذين اعتبروا أن الدولة تكرر أخطاءها السابقة بدل الإصغاء لصوت الجيل الجديد.
شعارات اجتماعية
اعتبر القيادي في فيدرالية اليسار الديمقراطي، والأستاذ الجامعي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، محمد حفيظ، أن الاحتجاجات الأخيرة، رغم شعاراتها الاجتماعية، تحمل في جوهرها بعدا سياسيا، لأنها تستهدف الفساد المرتبط بمراكز القرار وآليات توزيع الثروة.
وأوضح حفيظ، في مقال تحليلي، أن الرد الأمني العنيف يعكس ارتباكا رسميا، مشددا على أن الاحتجاجات الاجتماعية لا تُجابَه بالقمع، بل بالسياسات العمومية العادلة. كما حذّر من أن القمع لا يصون الاستقرار، بل يهدده، لأنه يعمّق الفجوة بين الدولة والمجتمع.
وأضاف أن تعريف المنظمين لهويتهم باعتبارها "لا سياسية، لا حزبية، لا أيديولوجية"، يجمع بين الحذر والرفض، لكنه لا يلغي حقيقة أن السياسة، بما تحمله من قرارات حول توزيع الثروة والسلطة، تظل في صلب المطالب.
كما نبّه حفيظ إلى خطورة تكرار أخطاء الماضي، مذكّرا بأن مثل هذه المقاربات الأمنية غذّت التوترات في عهد الحسن الثاني، وتكررت في احتجاجات الريف سنة 2017، وهو ما جعل العلاقة بين الدولة والمجتمع تعود إلى مربع الانفصال والخوف.
رفض الصمت..
رأى رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، علي الغنبوري، أن خروج الشباب إلى الشارع "ليس مجرد محطة عابرة ولا شكلا احتجاجيا مألوفا"، بل يمثل "إنذارا قويا يؤكد أن المجتمع المغربي لا يزال نابضا بالحياة"، وأن جيل Z لم يعد مستعدا للقبول بسياسات التهميش والإقصاء.
وأوضح الغنبوري أن الدافع الأساسي وراء هذه التحركات هو الشعور المتزايد بانعدام العدالة الاجتماعية وغياب الأفق، مشيرا إلى أن "الأرقام تتحدث بوضوح: نسبة بطالة في حدود 13.3%، المغرب في المرتبة 99 عالميا في مؤشر الفساد، وانهيار شبه كلي في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم."
وأكد أن الاحتجاج لم يعد خيارا ظرفيًا، بل أضحى "ضرورة للضغط من أجل توزيع عادل للثروات والفرص"، لافتا إلى أن "فئة قليلة فقط تعيش في بلد آخر"، بينما يعاني أغلب المغاربة من واقع صعب ومغلق الأفق.
وحمل الغنبوري الحكومة الحالية المسؤولية السياسية، واصفا إياها بـ"حكومة الهمزة"، لأنها ـ بحسب تعبيره ـ أفرغت المؤسسات التمثيلية من مضمونها، وعجزت عن تقديم حلول حقيقية، لتتحول إلى "عبء على الدولة وكلفة على الاستقرار".
مع ذلك، شدد الغنبوري على أن المغاربة، رغم كل التحديات، ما زالوا متشبثين بوطنهم واستقراره، معتبرا أن الاحتجاج السلمي ينبغي أن يُفهم كفرصة لتصحيح المسار السياسي والاجتماعي، لا كمصدر تهديد.