اخبار المغرب

العمق المغربي

سياسة

العثماني يدعو لحفظ كرامة مرضى السرطان بالعلاجات التلطيفية.. ويعتبر "الرحمة دواء أساسي"

العثماني يدعو لحفظ كرامة مرضى السرطان بالعلاجات التلطيفية.. ويعتبر "الرحمة دواء أساسي"

klyoum.com

شدد الدكتور سعد الدين العثماني، الطبيب النفساني ورئيس الحكومة المغربية السابق، على أن الطب في مواجهة السرطان لا يقتصر على البحث عن الشفاء، بل يتجاوز ذلك ليصبح "رسالة إنسانية لحفظ الكرامة وتحسين جودة حياة المريض وأسرته"، مؤكدا أن العلاجات التلطيفية تمثل بُعدا أساسيا في هذا المسار، وأن التحدي الحقيقي هو أن مداواة الألم بالرحمة لا فقط بالدواء.

العثماني، الذي كان متحدثا رئيسيا في الجلسة الافتتاحية للملتقى السنوي الثامن لرابطة أطباء التخدير والإنعاش في شمال المغرب (AMAREN)، المنعقد يومي 20 و21 يونيو الجاري بمدينة طنجة تحت شعار "علاج المريض المصاب بالسرطان"، أبرز أن الحديث عن السرطان لا يجب أن يظل حبيس النظرة البيولوجية أو العلاجية الصرفة، بل يجب أن يُنظر إليه باعتباره أزمة نفسية وإنسانية واجتماعية وروحية يعيشها المريض ومعه محيطه العائلي.

وقال العثماني: "حين يصل المرض إلى مراحل متقدمة، يصبح لزاما على الطب أن يتحول من مجرد معركة للشفاء إلى رسالة للتخفيف وحفظ الكرامة وتحسين جودة الحياة، لذلك الهدف من العلاجات التلطيفية هو جودة الحياة، أي أن يعيش الإنسان مع المرض ولكن بحياة فيها كرامة وجودة".

وأضاف رئيس الحكومة السابق، أن هذه الرؤية تجد سندها في تعريف منظمة الصحة العالمية التي تعتبر الرعاية التلطيفية نهجا شاملا يهدف إلى تحسين نوعية حياة المرضى وأسرهم.

ويوضح العثماني أن العلاجات التلطيفية هي نهج ووسائل لتحسين حياة المرضى وأسرهم، وتمثل نوعا من التكفل والرعاية لمرضى في مراحل متقدمة وصعبة من المرض، لافتا إلى أن هذا الموضوع غاية في الأهمية والحساسية، وله أبعاد متعددة، بُعد إنساني ووطبي ووعلمي ووديني.

وأفاد العثماني بأن أزيد من 163 ألف مغربي يحتاجون سنويا إلى هذا النوع من الرعاية، وفق تقارير وطنية ودولية، وهو رقم مرشح للارتفاع بسبب تزايد الشيخوخة والأمراض المزمنة وانتشار السرطان.

وقال إن هذا الرقم يُحيل إلى مسؤولية جماعية تتقاطع فيها أدوار السلطات العمومية، والمهنيين، والمجتمع المدني، مؤكدا في هذا السياق أن الأسرة المغربية تمثل سندا إنسانيا عظيما في احتضان المريض، داعيا إلى الحفاظ على هذه القيمة وتأطيرها لمواجهة بعض الأفكار المجتمعية المغلوطة.

ويرى العثماني أن معاناة مريض السرطان تكون مشتركة دائما مع أسرته، حيث تنقلب حياة الأسرة بمجرد أن يمرض أحد أفرادها، فيتغير برنامج وحياة ونظام ومالية الأسرة.

وشدد المتحدث على أن العلاجات التلطيفية مهمة جدا في التخفيف من الأعراض السلبية للمرضى، خاصة الآلام والتعب والأرق والقلق والاكتئاب، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بمعاناة وأعراض عضوية ونفسية واجتماعية.

وتابع قوله: "هذا لا يعني أن المستفيدين من العلاجات التلطيفية هم فقط من في المراحل النهائية لحياتهم، بل يمكن أن يكون لهم مرض مقعد ومسبب لآلام كبيرة دون أن يكونوا في نهاية حياتهم، لأن الموت بيد الله، ويجب التخفيف عن المرضى" وفق تعبيره.

وأشار العثماني إلى وجود نقص كبير في أخصائيي العلاجات التلطيفية بالمغرب، مسجلا تفاوتا جهويا في هذه الخدمات، مشددا على ضرورة تعميم التكوين الطبي في هذا المجال على جميع مهنيي الصحة، ورفع الوعي المجتمعي بأهمية هذه العلاجات.

واعتبر العثماني أن العلاجات التلطيفية "ليست مرحلة متأخرة من الطب، بل مسار موازٍ للعلاج الطبي، لما لها من دور أساسي في التخفيف من الأعراض الجانبية للأدوية، خاصة الأرق، والقلق، والاكتئاب، والتعب المزمن"، مضيفا أنه حتى إن لم نكن نملك الشفاء، يمكننا أن نمنح الراحة والأمل والكرامة.

وأشار إلى أن المغرب أحرز تقدما في العلاجات التلطيفية منذ سنة 2015، حيث اعترفت وزارة الصحة رسميا بهذا التخصص، وتم إعداد دليل وطني بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومؤسسة للا سلمى، كما تم إحداث وحدات متخصصة داخل عدد من المستشفيات، لكن "الطريق لا تزال طويلة"، على حد تعبيره.

واختتم العثماني مداخلته بالدعوة إلى تعبئة جماعية، تجمع بين المعرفة والرحمة والاحترافية، قائلاً: "مرافقة مرضى السرطان ليست فقط مهمة طبية، بل مسؤولية إنسانية سامية".

يُشار إلى أن رابطة أطباء التخدير والإنعاش في شمال المغرب (AMAREN) تنظم سنويا ملتقى علميا يجمع مهنيي قطاع الصحة من مختلف التخصصات، ولا سيما التخدير، الإنعاش، علاج الألم، وطب الطوارئ.

وتهدف النسخة الثامنة، التي تقام بمدينة طنجة، إلى تسليط الضوء على الرعاية المتكاملة لمرضى السرطان، مع تخصيص جوائز تشجيعية لأفضل المداخلات العلمية في صيغتي العرض الشفوي أو الملصق الإلكتروني.

وتتميز هذه التظاهرة بانفتاحها على قضايا دقيقة في المسار العلاجي، من بينها تحديات التشخيص، وضبط المضاعفات، والمرافقة النفسية، في أفق ترسيخ مقاربة إنسانية متكاملة في الممارسة الطبية داخل المغرب.

*المصدر: العمق المغربي | al3omk.com
اخبار المغرب على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com