الجمعية الدولية للسوسيولوجيا ترد على دعوات مقاطعة منتدى الرباط.. وباحثون يرفضون "الحياد الأكاديمي"
klyoum.com
أخر اخبار المغرب:
إدانة شابين بالسجن 8 سنوات نافذة بعد سرقتهما فندقا مصنفا بطنجةأثار بيان الجمعية الدولية لعلم الاجتماع (ISA)، الصادر ردا على دعوات مقاطعة المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا المرتقب عقده بالرباط في يوليوز المقبل، جدلا واسعا في الأوساط الأكاديمية، حيث اعتبره عدد من الباحثين محاولة لتبرير مشاركة أكاديميين إسرائيليين تحت غطاء "الحياد الأكاديمي"، فيما شددت الهيئة المغربية للسوسيولوجيا، بصفتها الجهة المستضيفة، على رفضها استقبال أي مشارك من الكيان الصهيوني.
ورغم أن الجمعية الدولية أكدت في بلاغها أنها "لا تحتفظ بأي علاقة مؤسسية مع الجامعات الإسرائيلية أو الحكومة الإسرائيلية"، إلا أنها رحبت بمشاركة الباحثين الإسرائيليين الأفراد، كما هو الحال مع الباحثين الروس، انطلاقًا من مبدأ حرية البحث الأكاديمي، وفق تعبيرها.
وفي الوقت الذي عبر فيه بلاغ الجمعية الدولية عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني، وندد بـ"الإبادة الجماعية" في غزة، منتقدا الاحتلال والاستيطان والتمييز العنصري، دافعت الجمعية عن موقفها المتمسك بعدم إقصاء أي باحث على خلفية جنسيته، معتبرة أن المنتدى "فضاء للحوار النقدي"، وأن "الحرية الأكاديمية" تقتضي عدم منع الباحثين الأفراد من المشاركة.
وأشارت إلى أن الجمعية الإسرائيلية لعلم الاجتماع، وهي هيئة غير حكومية، "كانت قد عارضت توسيع المستوطنات ودعمت زملاءها الفلسطينيين"، معتبرة أنه "في المقابل، لم تدعُ الجمعية الفلسطينية لعلم الاجتماع، وهي عضو جماعي في الجمعية الدولية، إلى مقاطعة المنتدى، وقد أعرب عدد من الزملاء الفلسطينيين صراحة عن دعمهم لموقفنا".
وأعلنت الجمعية الدولية للسوسيولوجيا، أنها بالمقابل عرضت التسجيل المجاني على الباحثين الفلسطينيين،ودعم من لم يتمكنوا من السفر، وستخصص عدة جلسات رئيسية خلال منتدى الرباط لمناقشة القضية الفلسطينية.
وشددت على أن التضامن مع فلسطين ومع الزملاء الفلسطينيين يشكل جوهر رسالتها، وسيكون حاضرًا بوضوح في كل محطات المنتدى، مضيفة: "ستؤكد مراسم الافتتاح والاختتام إدانتنا للإبادة في غزة وتضامننا مع المجتمعات التي تواجه العنف المنهجي والتجريد من الأرض والحقوق".
وأشارت في بلاغها الذي تتوفر جريدة "العمق" على نسخة منه، أنها لطالما دافعت عن "حماية حرية البحث العلمي وحرية التعبير للجميع، خصوصًا الأساتذة والطلبة الذين يدرسون أو يدرّسون أو ينددون بممارسات الحكومة الإسرائيلية العنيفة، سواء داخل إسرائيل أو على مستوى العالم".
إقرأ أيضا: باحثون مغاربة وأجانب ينسحبون من منتدى عالمي بالرباط رفضا للتطبيع الأكاديمي مع إسرائيل
وتابع البلاغ: "لقد دافعت الجمعية باستمرار عن حرية الأكاديميين الذين تعرضوا للاضطهاد بسبب مواقفهم من هذه القضية، بمن فيهم علماء اجتماع إسرائيليون نددوا بالحرب وتعرضوا لعواقب مهنية وشخصية جسيمة، بما في ذلك النفي"، معتبرة أن بعض هؤلاء مدرجون ضمن حملة المقاطعة التي أطلقتها PACBI".
وحذرت الجمعية من أن تؤدي الدعوة إلى مقاطعة منتدى الرباط، بدلا من تعزيز صوت الفلسطينيين، إلى إسكاتهم، خصوصا أولئك الباحثين الفلسطينيين الذين ينوون عرض أبحاثهم وشهاداتهم أمام جمهور عالمي في الرباط، مضيفة: "لقد كان التزامنا بفلسطين واضحا في جميع مراحل التحضير للمنتدى، ومن المفارقات أن هذا الالتزام تحديدا هو ما يجعل المنتدى هدفا سهلا للضغط، رغم كونه فضاء نادرا ومفتوحا للتفكير النقدي والتضامن".
البلاغ الذي وقعته رئيسة الجمعية، جيوفري بلاييرس، ورئيسة المنتدى الخامس لعلم الاجتماع ونائبة رئيس الجمعية الدولية للبحث العلمي "أليسون-ماري لوكونتو"، ناشد الجهات الداعية إلى المقاطعة إلى "التأمل فيما إذا كان هذا المنتدى تحديدا -المنظم لأول مرة في العالم العربي، والذي يضم حضورا قويا لأصوات فلسطينية والتزاما واضحا بالعدالة والمعرفة المناهضة للاستعمار- هو الهدف الأنسب لمثل هذه الحملة".
وأمس الخميس، أعلنت الهيئة المغربية للسوسيولوجيا عن رفضها استقبال أي مشارك إسرائيلي في المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا، تحت إشراف الجمعية الدولية لعلم الاجتماع (ISA)، بشراكة مع جامعة محمد الخامس، وتحت الرعاية الملكية للملك محمد السادس، وذلك في ظل تصاعد موجة الرفض والمقاطعة ضد مشاركة أكثر من 30 أكاديميًا وباحثًا من جامعات إسرائيلية في هذا المنتدى العالمي.
كما دعت الجمعية الفلسطينية لعلم الاجتماع وعلم الإنسان، وهي عضو فاعل في الجمعية الدولية، إلى الالتزام ببيان الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (PACBI) الداع إلى استبعاد إسرائيل ومؤسساتها الأكاديمية المتواطئة من المنتدى الخامس لجمعية علم الاجتماع الدولية (ISA) في المغرب.
وطالبت جميع الجمعيات الوطنية النظيرة إلى الانضمام لطلب الحملة الوطنية بعدم مشاركة الأكاديميين الممثلين للمؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية المتواطنة، محذرة من أنه في حال لم تتجاوب الجمعية الدولية لعلم الاجتماع مع مطلب إلغاء مشاركة الأكاديميين الممثلين للمؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية المتواطئة، فإنها ستدعو إلى مقاطعة المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا.
رفض "الحياد الأكاديمي"
تطمينات الجمعية الدولية للسوسيولوجيا لم تمنع تصاعد الأصوات الأكاديمية المغربية والدولية الرافضة لمشاركة الإسرائيليين في منتدى الرباط، فقد حذر الدكتور عصام الرجواني، أستاذ علم الاجتماع بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، من أن الجمعية سقطت في فخ "الحياد الأكاديمي المزعوم"، معتبرا أن الفصل بين الباحث الفرد ومنظومته الاستعمارية يمثل تمييعا لمبدأ المقاطعة، خصوصا في ظل مشاركة باحثين من جامعات إسرائيلية تدعم الاحتلال علنا.
واعتبر الرجواني في تصريح لجريدة "العمق" أن الجمعية الدولية من خلال بلاغاتها، تتوسل بلغة مهادنة مع الاحتلال رغم تكرار إدانة الإبادة الجماعية، لكنها لا تحملها على اتخاذ موقف قاطع يقضي بعدم استقبال أي مشاركة إسرائيلية حتى من خارج المؤسسات الرسمية، لأنه في السياقات الاستعمارية لا يمكن فصل الفرد عن بنيته السياسية، والحالة هذه أننا أمام نظام قائم على الاستعمار الاستيطاني والإحلالي.
ويرى أن الجمعية الدولية "تقدم لنا المنتدى بوصفه منصة بديلة للمقاومة وفضاء لتعزيز الصوت الفلسطيني في نوع من التضليل المكشوف، لأن مشاركة أكاديميين إسرائيليين تفرغ هذا الفضاء من مضمونه النضالي كما تحوله إلى منصة للتطبيع الأكاديمي الناعم مع السردية الصهيونية، وهو ما يتعارض مع مطلب المقاطعة الصارم الذي يهدف إلى عزل الكيان الصهيوني على جميع الأصعدة".
وأشار الرجواني إلى خطورة هذا الأمر من خلال مضامين بعض الأوراق "العلمية" المبرمجة في المنتدى خاصة تلك التي جاءت تحت عنوان "مجتمع في طور الصمود بعد صدمة 7 أكتوبر 2023 في إسرائيل"، والتي يتناول من خلالها صاحبها تجربة الصدمة والنزوح بالنسبة لسكان مستوطنات غلاف غزة بعد 7 أكتوبر، حيث يقفز هذا "الباحث" عن السياق التاريخي والسياسي لطبيعة الصراع في فلسطين المحتلة، فيجعل الجلاد ضحية، والمقاومة المشروعة إرهابا، وكأن التاريخ بدأ مع 7 أكتوبر 2023 ولا علاقة للأمر بقيام دولة ومجتمع بالكامل على الاستعمار والإبادة والاستيطان.
وأضاف بأن الجمعية الدولية "حاولت من خلال هذا البلاغ أن توحي وكأن حملة المقاطعة الجارية قد تسكت الصوت الفلسطيني، بينما في الواقع أن الهدف الأساسي من وراء دعوة إلغاء مشاركة الصهاينة ومقاطعتهم هو حماية الصوت الفلسطيني من التوظيف السياسي والرمزي داخل منصات ومنتديات تستقبل ممثلين عن الاحتلال. ولذلك أقول أن المقاطعة اليوم هي أداة لصالح القضية الفلسطينية وليست ضدها".
وشدد الرجواني على أن الجمعية "حاولت الاستنجاد بمواقف الجمعية الإسرائيلية لعلم الاجتماع لصالح الفلسطينيين"، مردفا: "لكننا نعتبر بأن كل المؤسسات الأكاديمية داخل الكيان وإن رفضت الاستيطان فهي جزء لا تتجزأ من المنظومة الصهيونية الاستعمارية، وهذا مرتكز أساسي تأسست عليه دعوة المقاطعة الأكاديمية"، لافتا إلى أن الجمعية الدولية اليوم أمام اختبار حقيقي لمواقفها التضامنية مع القضية الفلسطينية من خلال ضرورة إبداء موقف حاسم إزاء التطبيع بكافة أشكاله بما فيها التطبيع الأكاديمي.
ودعا المتحدث كافة المشاركين المغاربة والعرب ومن مختلف الجنسيات إلى "مواصلة الضغط بكافة الطرق المشروعة والحضارية على الجمعية الدولية لإلغاء مشاركة الأكاديميين الإسرائيليين، وجعل هذه الدورة من المنتدى التي تحمل شعار العدالة فرصة لتعزيز مبادئ العدالة الأكاديمية ومنصة حقيقية لمقاومة اللاعدالة والظلم والاستعمار والإبادة".
إقرأ أيضا: “إبادة غزة” تدفع الهيئة المغربية للسوسيولوجيا لرفض استقبال الإسرائيليين في المنتدى العالمي بالرباط
من جهتها، وصفت ريما ماجد، أستاذة علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية ببيروت وخريجة جامعة أكسفورد، بلاغ الجمعية الدولية بأنه "مُضلل"، واتهمته بتشويه دعوة "PACBI"، مشيرة إلى أن دعوة المقاطعة لا تستهدف جميع الأفراد الإسرائيليين، بل فقط من يروّجون للسردية الصهيونية أو ينتمون لمؤسسات متواطئة، منتقدة استخدام الجمعية لما وصفته بـ"الرمزية المُخادعة لتقسيم الفلسطينيين والتشويش على نداء المقاطعة".
وبخصوص ما اعتبرته الجمعية الدولية من كون الجمعية الإسرائيلية قد عارضت التوسع الاستيطاني ودعمت الفلسطينيين، أوضحت ماجد أن الجمعية الإسرائيلية لم تصدر أي بيان يدين فيه بوضوح الاحتلال أو الإبادة الجماعية منذ عام 2023، فيما كانت قد أصدرت بيانا واضحا تدين فيه الحرب الروسية في أوكرانيا، لكنها فشلت في إدانة الإبادة الجماعية واحتلال دولتها، وفي تعبيرها.
وعبرت الباحثة اللبنانية عن أسفها من استخدام الجمعية الدولية لـ"الرمزية" للتلاعب بالفلسطينيين، والتحريض في بيان عام الزملاء الفلسطينيين ورابطة علم الاجتماع الفلسطينية ضد الحملة الفلسطينية الأكثر مصداقية وقوة في العقد الماضي (BDS)"، مضيفة: "حتى الآن، أصدرت الجمعية الفلسطينية السوسيولوجية والأنثروبولوجية دعوة واضحة للالتزام بدعوة PACBI للمقاطعة، لذلك هذا رد قوي على بيان الجمعية الدولية".
أما الدكتور عز الدين العزماني، الباحث المغربي المقيم في أمريكا، فقد ثمّن ما تضمنه بلاغ الجمعية الدولية من "شجاعة أخلاقية نادرة في السياق الأكاديمي الدولي، وتُحسب للجمعية ضمن سجلها المناصر للعدالة الاجتماعية"، لكنه شدد على أن الدفاع عن الحرية الأكاديمية لا يجب أن يُستخدم كغطاء لتبييض الاحتلال، داعيا الجمعية إلى التزام أخلاقي أعمق يتجلى في رفض التطبيع الأكاديمي واتخاذ موقف واضح ضد تبرير الاستعمار.
وقال العزماني إن بلاغ الجمعية الدولية "يغفل عن أحد المبادئ الجوهرية في التضامن الفاعل والملتزم مع الشعوب المضطهدة، وهي المقاطعة بوصفها أداة نضالية مشروعة وفعالة"، معتبرا أن السماح بمشاركة أكاديميين إسرائيليين يروّجون للسردية الصهيونية الاستعمارية، حتى وإن كانوا أفرادًا غير مرتبطين رسميًا بمؤسسات الدولة، يُعدّ تطبيعًا معرفيًا مع منظومة عنف ممنهج ومؤسسي".
ويرى العزماني أن الحرية الأكاديمية حق يجب صونه، لكنها لا ينبغي أن تتحول إلى غطاء لتمرير خطابات استعمارية إبادية وتبريرها العلمي تحت مسمى "النقاش الحر"، معتبرا أن "المقاطعة الأكاديمية، كما تدعو إليها "PACBI"، لا تستهدف الأفراد بناءً على هويتهم أو انتماءهم، بل على أساس مواقفهم وسلوكهم الأكاديمي والسياسي. لذا، فإن مطالبة الجمعية بامتناعها عن استضافة مداخلات لأكاديميين يبرّرون أو يساهمون في إعادة إنتاج الرواية الصهيونية، لا يتنافى مع مبدأ الانفتاح، بل يرسّخ الالتزام الأخلاقي والمعرفي ضد هيمنة الاستعمار وسياساته".
وتابع: "ندرك تمامًا حرص الجمعية على أن يكون المنتدى مساحة حوار مفتوحة، ونتفهّم التخوف من أن تؤدي المقاطعة إلى تهميش أصوات الفلسطينيين المشاركين. لكننا نرى أن هذا التخوف يمكن تجاوزه من خلال التزام الجمعية بدعوة ومساندة أصوات سوسيولوجية ناقدة للاستعمار الاستيطاني -من داخل فلسطين وخارجها- بدلًا من إتاحة المجال لأكاديميين يساهمون في تبرير الاحتلال أو يغضّون الطرف عنه".
وختم قوله: "نأمل من الجمعية الدولية لعلم الاجتماع، وهي التي أظهرت شجاعة ووضوحًا نادرين، أن تنسجم بشكل أعمق مع هذه القيم، وذلك من خلال تبنّي سياسات أكثر وضوحًا في رفض التطبيع الأكاديمي مع الاحتلال، وتوفير منصة حقيقية للأصوات التي تعمل على تفكيك بنيات الاستعمار المعرفي والسياسي في المنطقة".
الهيئة المغربية للسوسيولوجيا
عبد الفتاح الزين، منسق الهيئة المغربية للسوسيولوجيا، اعتبر أن موقف الهيئة الرافض لاستقبال أي مشارك إسرائيلي في المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا، المرتقب تنظيمه بالرباط من 6 إلى 11 يوليوز 2025، هو قرار نابع من التزام أخلاقي وقيمي يعكس ثوابت الدولة المغربية، وعلى رأسها رفض المس بحقوق الشعب الفلسطيني.
وقال الزين، في تصريح خص به جريدة "العمق"، إن الهيئة المغربية للسوسيولوجيا، بصفتها الطرف المستضيف للمنتدى وليست الجهة المنظمة الرسمية، شددت منذ البداية على أن "كل من يعادي الشعب الفلسطيني لا يمكن أن نستقبله"، مبرزا أن الهيئة لا تخشى مناقشة الأفكار أو مقارعة الحجة بالحجة، مضيفا أن "للمغرب ثوابت يجب احترامها، وقيم لا يمكن التنازل عنها، وفي مقدمتها الدفاع عن الشعب الفلسطيني".
وأوضح عبد الفتاح الزين، أن الهيئة المغربية للسوسيولوجيا كانت تتابع منذ البداية قضية مشاركة الإسرائيليين في المنتدى، ونبهت إلى ضرورة احترام أخلاق الضيافة المغربية، وقيم الدولة التي لا تقبل استقبال من يعادي مواقفها، سواء ما يخص فلسطين أو الوحدة الترابية، وفق تعبيره.
وأضاف أن تنظيم هذا المنتدى العالمي يتم من قبل الجمعية الدولية للسوسيولوجيا (ISA)، بينما تتولى الهيئة المغربية دور الاستضافة والمواكبة، مذكرا بأن هذا الحدث الذي يُنظم كل سنتين، يُعقد لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مشيرا إلى أنه لا يوجد أي تمثيل للدول العربية فيه، باستثناء المغرب.
وأوضح أن الجمعية الدولية قامت بتعميم بلاغ الهيئة المغربية للسوسيولوجيا على المشاركين، بمن فيهم الإسرائيليون، وأن بلاغ الهيئة كان واضحا في رفض التأكيد على أن لا مكان في المنتدى لمن يمس حقوق الشعب الفلسطيني أو يسيء لمواقف وثوابت المغرب.
واعتبر الزين أن الدولة المغربية بدورها "لا يمكن أن تمنح تأشيرة دخول لأي شخص يعادي مواقفها السيادية"، مشددا على أن موقف الهيئة "لا ينبني على الشعبوية أو المزايدة، بل على التماهي مع توجهات الدولة المغربية، والحرص على سمعة المغرب ومكانته الدولية".
وأشار إلى أن قرار الجمعية الدولية باختيار المغرب جاء بعد مجهود دبلوماسي وأكاديمي مكثف قادته الهيئة وشركاؤها، بدعم من ساري حنفي، الرئيس السابق للجمعية الدولية، وهو أكاديمي فلسطيني معروف، حيث جرى التصويت على احتضان المغرب للنسخة الخامسة من المنتدى، وسط معايير صارمة.
إقرأ أيضا: منسق هيئة السوسيولوجيا يوضح خلفيات رفض استقبال الإسرائيليين: لا مكان لمن يمس الفلسطينيين
وأضاف أن الهيئة كانت حريصة منذ البداية على أن لا يتم استغلال المنتدى للتشويش على إشعاع المدرسة المغربية في علم الاجتماع، موضحا أن الهدف من استضافة المنتدى هو "تسليط الضوء على التنوع والغنى الذي تتميز به السوسيولوجيا المغربية، ومنحها مكانتها المستحقة دوليا، تحت مظلة العلم والمعرفة".
وقال إن الهيئة كانت تأمل ألا تُضطر إلى إصدار هذا البلاغ، لو بقي النقاش داخليا حول تفاصيل التنظيم، لكنه تحول إلى قضية رأي عام، مضيفا: "هناك من يستغلون هذه اللحظة للتشويش على المغرب، وهم من المغرضون والمزايدون الذين لا يعجبهم ما يحققه الأساتذة المغاربة من حضور دولي واعتراف علمي".
وتابع قوله أن هذه ليست المرة الأولى التي يثار فيها مثل هذا النقاش، "فقد شهد مونديال قطر 2022 نقاشا مماثلا حول القيم بين الغرب والعالم العربي"، مؤكدا أن الهيئة المغربية للسوسيولوجيا حرصت على أن تكون الفعالية منسجمة مع ثقافة البلد المضيف، مردفا "نحن لا نمارس السياسة، بل نحن باحثون وأكاديميون، لكننا نشتغل داخل إطار أخلاقي يحترم قيم وثوابت المغرب".
وفي معرض حديثه عن المنتدى، أبرز الزين أنه سيكون أكبر تظاهرة أكاديمية في تاريخ علم الاجتماع، إذ من المرتقب أن يشارك فيه 4500 باحث وأكاديمي من أكثر من 100 دولة، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ المنتدى، مردفا أن الهيئة تريد، من خلال هذا المنتدى، "أن تُعيد وهج المدرسة المغربية في علم الاجتماع، وتحافظ على إشعاعها العلمي، وتُبرز صوت المغرب الأكاديمي على المستوى الدولي".
هذه التطورات يأتي في ظل تصاعد موجة الرفض والمقاطعة ضد مشاركة أكثر من 30 أكاديميًا وباحثًا من جامعات إسرائيلية في المنتدى العالمي للسوسيولوجيا بالمغرب، من بينها الجامعة العبرية، وجامعة تل أبيب، وبن غوريون، وبار إيلان، والجامعة المفتوحة، وهي مؤسسات تُصنفها حركة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (PACBI) ضمن الكيانات المتورطة في دعم الاحتلال والفصل العنصري، بل وتُساهم في تطوير عقائد عسكرية إسرائيلية مثل "عقيدة الضاحية"، وتحتضن قواعد تدريب عسكري داخل حرمها الجامعي.
وكانت "الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (PACBI)"، قد هددت بمقاطعة المنتدى المذكور، معتبرة أن السماح بتمثيل مؤسسات إسرائيلية في مؤتمر يُعقد على أرض عربية يشكل خرقا لمعايير المقاطعة الأكاديمية ومبادئ مناهضة التطبيع في العالم العربي، ويمثل "تواطؤا أكاديميا خطيرا مع نظام يمارس الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني، لا سيما في قطاع غزة".
ودعت حملة "PACBI" في ندائها، جامعة محمد الخامس، الجهة المضيفة للمنتدى، إلى احترام نداء المقاطعة الفلسطيني، والاصطفاف إلى جانب القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، محمّلة الجامعة "كامل المسؤولية الأخلاقية والعلمية عن تبييض الاحتلال عبر هذا المنتدى".
كما لوّحت الحملة بالدعوة إلى مقاطعة شاملة للمنتدى من طرف الأكاديميين الفلسطينيين والعرب والدوليين، في حال لم تُلغ الجمعية الدولية لعلم الاجتماع (ISA) مشاركة المؤسسات الإسرائيلية، والتي تُعد، حسب البيان، "جزءا بنيويا من منظومة الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري الإسرائيلي".
يُشار إلى أن هذا الحدث الدولي يُنظم بشراكة بين الجمعية الدولية للسوسيولوجيا وجامعة محمد الخامس بالرباط والهيئة المغربية للسوسيولوجيا، حيث أعلن المنظمون في بلاغ سابق أن هذه الدورة، التي تحمل شعار "معرفة العدالة في الأنثروبوسين"، ستجمع أكثر من 4500 باحث من حوالي 100 دولة لمناقشة تحديات العالم المعاصر.
ومن المقرر أن يُقام حفل افتتاح المنتدى بالمسرح الوطني محمد الخامس، فيما ستُعقد الجلسات الأكاديمية بكلية علوم التربية وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمدينة العرفان، بينما سيحتضن الحفل الختامي المدرسة المحمدية للمهندسين. كما يشهد المنتدى لأول مرة تنظيم مهرجان للفيلم السوسيولوجي، سيُقام في المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي.