نهاية درامية لقضية التازي.. الاستئناف يخفف الأحكام ويؤكد البراءة من الاتجار بالبشر
klyoum.com
أخر اخبار المغرب:
بين شح المياه واستمرار الجفاف.. هل تنقذ الأنظمة الذكية الفلاحة المغربية؟أسدلت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، مساء الجمعة، الستار على واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل في الأوساط الطبية والإعلامية، والمتعلقة بطبيب التجميل الشهير الدكتور حسن التازي ومجموعة من المتابعين في الملف ذاته، بعد مسار قضائي دام أكثر من ثلاث سنوات شمل مرحلتي الابتدائي والاستئناف.
وقضت المحكمة بتأييد الحكم الابتدائي القاضي ببراءة جميع المتهمين من تهمة الاتجار بالبشر، وهي التهمة التي شكلت محورا أساسيا في الملف، كما تم تأييد البراءة من جنحة الاستفادة غير المشروعة من أموال التبرعات في حق كل من زينب بنزاكور، وعبد الرزاق التازي، ومونية بنشقرون.
من جانبها، قررت الهيئة القضائية تخفيض العقوبات السجنية الصادرة في حق عدد من المتابعين، حيث تم تقليص الحكم الصادر ضد مونية بنشقرون من أربع سنوات إلى ثلاث سنوات حبسا نافذا، كما تم تخفيض عقوبة شقيق الدكتور التازي من خمس سنوات إلى ثلاث سنوات ونصف، في حين خُفض الحكم الصادر في حق زينب بنزاكور، المساعدة الاجتماعية التي كانت تلعب دور الوسيط بين المحسنين والمرضى، إلى ثلاث سنوات ونصف سجنا نافذا.
وشمل التخفيض أيضا المتهمة سعيدة، المسؤولة عن قسم المحاسبة بمصحة الشفاء، حيث تم الحكم عليها بثلاث سنوات حبسا، منها سنتان نافذتان، كما قضت المحكمة بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في حق كل من فاطمة.ح، المكلفة سابقاً بقسم الاستقبال، وأمينة.ف، الممرضة بالمصحة.
أما فاطمة الزهراء.ك، المستخدمة في قسم الفوترة، والتي كانت المتهمة الوحيدة التي تابعتها المحكمة في حالة سراح، فقد تم الحكم عليها بعقوبة حبس موقوف التنفيذ.
وألقى المحامي الأستاذ المسكيني مرافعة مطولة نيابة عن دفاع المتهمتين سعيدة علو وعزيزة فنان، بسبب تعذر حضور زميله الأستاذ السناوي لأسباب صحية.
وشدد المحامي على أن الغالبية العظمى من المرضى الذين ولجوا مصحة الشفاء، فعلوا ذلك طوعًا ودون أي إكراه، بل بدافع الاستشفاء بعد أن استنفدوا محاولات العلاج في مؤسسات أخرى. وأوضح أن شهادات المرضى وأولياءهم تُفنّد رواية الاستدراج أو الاستغلال.
واستشهد المسكيني بحالة عائلة جاءت من بوجدور مرورًا بالداخلة وصولًا إلى العيون، في رحلة بحث عن علاج لحروق خطيرة، قبل أن يُحالوا إلى مصحة التازي لوفرة تجهيزاتها. كما تساءل: "إذا كانت المصحة استقبلت الآلاف، فلماذا تُحصر القضية في 17 ملفًا فقط؟"
وأشار الدفاع إلى أن ما حدث في بعض الحالات هو أن المريض تلقى العلاج، ثم ادعى العجز عن الأداء لحظة الفاتورة، مستنكرًا تحميل الطاقم الطبي المسؤولية عن هذا الوضع.
وفي ما يخص المتهمة سعيدة علو، أكد المحامي أنها كانت مجرد وسيطة تربط المرضى بالمحسنين لتوفير كلفة العلاج، وليست مسؤولة عن أي استغلال. ولفت إلى أن المتهمة زينب.ب، التي كانت بدورها تنسق الدعم، تعاني اليوم من مرض السل داخل السجن، وهو ما يعكس معاناة المتهمين وظروف اعتقالهم.
وأضاف قائلًا: "الضحايا الحقيقيون هم هؤلاء الأشخاص الذين خسروا حياتهم ومستقبلهم، وتم الزج بهم في السجون، رغم أنهم سعوا لمساعدة المحتاجين بوسائلهم الخاصة".
ونفى الدفاع بشدة وجود أي حالة تم فيها إجبار مريض على التسول بالصور كما تدعي النيابة، مؤكدًا أن كل إجراءات الخروج كانت رسمية وموثقة.
وتساءل إن كان تصوير الحالات يهدف إلى الاستغلال، أم إلى توثيق الوضعيات لتأمين الدعم من المحسنين، مضيفًا: "اليوم لا أحد يتبرع دون أن يتيقن من مصير ماله".
وفي ختام مرافعته، وصف المحامي القضية بـ"مأساة التازي"، معتبرًا أنها ليست مجرد محاكمة، بل انهيار شامل طال العائلات والمصحات والأفراد، مطالبًا بفك الحصار ورفع التجميد عن ممتلكات المتهمين.
ثم استمعت المحكمة إلى الكلمات الأخيرة للمتهمين، التي جاءت مشحونة بالعاطفة والألم. فقد تحدثت زينب.ب والدموع تملأ عينيها عن معاناتها في السجن بعد وفاة زوجها وابتعاد أبنائها، مشيرة إلى أنها لم تكن سوى باحثة عن المساعدة للمرضى المحتاجين.
أما مونيا، زوجة الدكتور التازي، فانهارت باكية، مؤكدة أنها لم تكن على دراية بتفاصيل المرضى، وأنها كانت مجرد محاسبة في مركز التجميل، قبل أن تنقلب حياتها رأسًا على عقب.
وقالت المتهمة سعيدة علو: "كل ما فعلته هو مساعدة الناس"، فيما اعتبرت المتهمة عزيزة فنان ما وقع "ابتلاء من الله"، طالبة الفرج.
أما فاطمة، البالغة من العمر 76 عامًا، فتكلمت وسط دموعها، مؤكدة أنها كانت تعمل بما يرضي الله، وتلتمس الرحمة من المحكمة.
كما عبّر المتهم عبد الرزاق عن امتنانه لصبر المحكمة، قائلاً: "أنا لست مجرمًا، بل ضحية… أطلب من الله العدالة، وأتساءل: أين كرامتي وشرفي؟"
وفي نهاية الجلسة، لم يتمالك الدكتور حسن التازي نفسه، فانهار باكيًا أمام الهيئة قائلاً: "خسرت كل شيء… الصدقة كانت هدفي، وكنت أتشبث بالوسام الملكي كدافع لفعل الخير". وختم بتوجيه برقية ولاء وشكر لجلالة الملك محمد السادس، مؤكدًا ثقته في عدالة المحكمة.