أشركي يطرح وصفة لترشيد الدفع بعدم الدستورية: أربع أفكار من فاس إلى "مطبخ التشريع"
klyoum.com
أخر اخبار المغرب:
إنقاذ 7 أشخاص من الغرق بشاطئ آسفيقدم محمد أشركي، الرئيس السابق للمجلس الدستوري وعضو أكاديمية المملكة، قراءة تحليلية معمقة في موضوع الدفع بعدم الدستورية، مستعرضا أبرز التحديات التي تواجه هذه الآلية، ومقترحا أربع توصيات عملية لتجويدها وترشيد استخدامها.
جاء ذلك خلال ندوة علمية احتضنتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، يوم الأربعاء 11 يونيو 2025، تحت عنوان “قراءة في الكتب التكريمية الجماعية الأربعة”، بمشاركة عدد من الأساتذة الجامعيين والباحثين، تكريما لمساهماتهم في تطوير الفكر القانوني والدستوري.
واستهل أشركي مداخلته بالتعبير عن امتنانه لهذه المبادرة الأكاديمية التي كرّمت ثلة من الأساتذة الباحثين عبر نشر أكثر من 100 دراسة قانونية، معتبرا إياها خطوة رمزية تُثمّن جهود رجال ونساء البحث العلمي في المغرب، وتعكس تقاليد أكاديمية راقية في الاعتراف بالعطاء العلمي.
وانتقل بعد ذلك إلى جوهر مداخلته التي ركز فيها على أهمية الدفع بعدم الدستورية، باعتباره أحد أبرز مكتسبات دستور 2011 في باب الحقوق والحريات، والذي يمنح المواطن الحق في الطعن في النصوص القانونية التي قد تتعارض مع الضمانات الدستورية، مؤكدا أن هذه الآلية تمثل تحولا نوعيا في علاقة المتقاضي بالنص، ولبنة إضافية في تكريس مبدأ سمو الدستور.
واستعرض أشركي السياق القانوني والتنظيمي الذي واكب ميلاد هذه الآلية، مذكرا بأن المحكمة الدستورية أصدرت في مارس 2018 قرارا بشأن المشروع الأولي للقانون التنظيمي المؤطر لها، تضمّن عدة ملاحظات شكلت دافعا للحكومة إلى إعداد صيغة جديدة تأخذ بعين الاعتبار مقتضيات القرار المذكور.
ورغم إشادته بأهمية الآلية ودورها في تطهير المنظومة التشريعية، أعرب أشركي عن تخوفه من بعض الانزلاقات المحتملة، وفي مقدمتها خطر "إغراق" المحكمة الدستورية بدفوعات غير جدية، مما قد يؤدي إلى تعطيل وظيفتها الرقابية ويثقل كاهلها بمنازعات فارغة، داعيا إلى عقلنة المسطرة من خلال أربع مقترحات عملية.
أولها، إحداث هيئة داخل المحكمة الدستورية تتكون من ثلاثة قضاة تُمنح لها صلاحية التقرير في مدى جدية الدفع، إما بقبوله وإحالته على الهيئة الموسعة، أو بردّه لعدم استيفائه الشروط القانونية، مشيرا إلى أن هذا الاقتراح مستلهم من تجارب دولية مثل ألمانيا وفرنسا، التي تتوفر على آليات تصفية أولية داخل المحاكم الدستورية.
ثاني المقترحات تَمثّل، بحسب المتحدث، في إقرار مسطرة تواجهية لدى المحكمة المحيلة، يتم فيها إشراك النيابة العامة أو المفوض الملكي، وكذا باقي الأطراف، لتقديم ملاحظاتهم ومواقفهم من الدفع، مما من شأنه تزويد الملف بمعطيات أوفى تساعد على التقدير الموضوعي لمدى جديته.
أما المقترح الثالث، فدعا فيه إلى التنصيص على إمكانية عقد جلسات علنية داخل المحكمة الدستورية كلما رأت ذلك مناسبا، تعزيزا لمبدأ الشفافية وضمانا لحق الجمهور في متابعة القضايا ذات الأثر العام، مع مراعاة مقتضيات النظام العام وما تفرضه طبيعة بعض الملفات من خصوصية.
والمقترح الرابع يتمثل في إدراج مقتضى قانوني يسمح بفرض غرامات مالية على من يثبت تعسفه في اللجوء إلى هذه الآلية، حماية لها من الابتذال وسوء الاستخدام، دون أن يعني ذلك الحد من الحق في التقاضي، بل العكس، يُسهم في ترشيده وصيانته.
وختم الأستاذ محمد أشركي مداخلته بالتشديد على أن هذه المقترحات لا تدّعي الامتلاك الحصري للحقيقة، وإنما تُقدَّم في سياق المساهمة في نقاش عمومي قانوني رصين، هدفه إرساء قانون تنظيمي متوازن وفعال، يمكن المواطن من حماية حقوقه الدستورية دون أن تتحول هذه الآلية إلى عبء على القضاء أو وسيلة للمماطلة.