هدم أقدم تجمع صفيحي بالدار البيضاء.. والساكنة تطالب بتسريع تسليم الشقق قبل الدخول المدرسي

شرعت السلطات المحلية بعمالة عين السبع الحي المحمدي، صباح يوم الجمعة، في تنفيذ عملية هدم أحد أقدم وأكبر التجمعات الصفيحية بالدار البيضاء، ويتعلق الأمر بـ"كاريان بيه"، وذلك في إطار البرنامج الوطني "مدن بدون صفيح" الرامي إلى القضاء على السكن غير اللائق.

وتمت مباشرة عملية الهدم باستعمال الجرافات، تحت إشراف السلطات المحلية وبمواكبة من مختلف المصالح الأمنية، حيث شملت العملية في مرحلتها الأولى الأزقة 41 و42 و43 داخل الكاريان، على أن تستمر لتشمل باقي البنايات الصفيحية.

وكانت السلطات قد منحت سكان "كاريان بيه" مهلة زمنية كافية للاستعداد لعملية الإفراغ والهدم، في إطار "مقاربة اجتماعية تراعي ظروف الأسر المعنية وتضمن انتقالًا سلسًا إلى سكن لائق".

وفي هذا السياق، دعا عدد من السكان إلى ضرورة الإسراع في استكمال أشغال البناء بالمشروع السكني الجديد المخصص لإعادة إيوائهم بحي مولاي رشيد، خاصة مع اقتراب موعد الدخول المدرسي لشهر شتنبر، حتى يتسنى لهم تسجيل أبنائهم في المؤسسات التعليمية الجديدة دون عراقيل.

وأكد كريم الكلايبي، النائب الأول لرئيس مقاطعة عين السبع، أن المقاطعة تعيش في هذه الأيام على وقع حدث تاريخي واستثنائي يتمثل في انطلاق عملية هدم أحد أقدم وأهم الأحياء الصفيحية بمدينة الدار البيضاء، ويتعلق الأمر بـ"دوار بويه"، الذي يعد معلمة عمرانية واجتماعية حملت في طياتها لعقود طويلة تاريخاً من الكفاح والصبر والمعاناة.

وأوضح الكلايبي، في تصريح لجريدة "العمق المغربي"، أن هذه العملية تأتي في إطار الورش الملكي الكبير الهادف إلى القضاء النهائي على دور الصفيح، ضمن برنامج وطني يروم تحسين ظروف عيش المواطنين، وضمان انتقالهم من السكن غير اللائق إلى فضاءات سكنية تضمن الكرامة والعيش الكريم.

واعتبر أن ما تشهده المقاطعة اليوم هو تجسيد حي لإرادة الدولة الراسخة في إرساء أسس العدالة المجالية والاجتماعية، من خلال توفير سكن لائق يحترم كرامة الإنسان المغربي.

وأضاف المتحدث أن "دوار بويه" لم يكن مجرد حي صفيحي، بل كان شاهداً على تحولات عميقة شهدتها مدينة الدار البيضاء، ومسرحا لقصص إنسانية عظيمة، أبطالها رجال ونساء عانوا من ظروف قاسية، لكنهم ظلوا متشبثين بالأمل والعمل والصبر، من أجل غد أفضل لأبنائهم.

وأضاف: "سكان هذا الحي كانوا مثالا في التضامن والتآزر، وتميزوا بإرادتهم القوية وعزيمتهم الثابتة في مواجهة التحديات".

واعتبر الكلايبي أن عملية الهدم لا ينبغي اختزالها في الجانب التقني فقط، بل يجب النظر إليها كرمز قوي لنهاية مرحلة المعاناة والتهميش، وبداية مرحلة جديدة عنوانها الكرامة، والمواطنة الكاملة، والاندماج الحضري السليم.

وقال: "نحن لا نهدم فقط البيوت، بل نزيل رموزاً عتيقة للمعاناة، ونفتح المجال أمام انطلاقة تنموية جديدة شاملة ومتوازنة".

ودعا النائب الأول جميع المتدخلين من سلطات محلية، ومجالس منتخبة، وجمعيات مدنية، إلى التعبئة الشاملة والمواكبة الميدانية لسكان "دوار بويه" خلال هذه المرحلة الانتقالية، التي تتطلب حسا عاليا بالمسؤولية الاجتماعية، من خلال تسهيل اندماج الأسر المستفيدة في بيئتها الجديدة، وضمان تيسير حصولها على مختلف الخدمات الأساسية.

كما شدد على أن نجاح هذا الورش مرتبط بتكامل الجهود وتعاون كل المتدخلين من أجل تحقيق هدف مشترك، يتمثل في بناء مدينة حديثة تحترم كرامة الإنسان، وتلبي حاجيات السكان في السكن، والخدمات، والبنية التحتية، دون أن تفقد روحها الثقافية والتاريخية.

وختم الكلايبي تصريحه بالقول: "نطمح إلى مدينة تنبني على قيم التضامن والعدالة الاجتماعية والمجالية، مدينة لا تقصي أحدا، وتعلي من شأن المواطن، وتفتح أمام الجميع آفاق الأمل والمستقبل الأفضل".

اخبار المغرب على مدار الساعة