كوسومار.. تحديث صناعي وابتكار فلاحي والتزام بيئي واجتماعي يعزز السيادة الغذائية
klyoum.com
أخر اخبار المغرب:
وفد فرنسي يستكشف فرص الاستثمار بجهة الداخلة-وادي الذهبفي وقت يواجه فيه المغرب على وجه الخصوص، والعالم بشكل عام، تحديات بيئية واقتصادية، يبرز اسم "كوسومار" كفاعل وطني استراتيجي في مجال الفلاحة والصناعة الغذائية، بشكل خاص في قطاع السكر، من خلال نموذج تنموي يربط بين الابتكار والاستدامة وتعزيز السيادة الغذائية.
تدبير المياه والابتكار الفلاحي
وتتخذ مجموعة "كوسومار" من المياه محورا جوهريا في استراتيجيها، إذ تبنّت مقاربة لتدبير الموارد المائية، تعتمد على تقنيات الري بالتنقيط التي ساهمت في خفض استهلاك الماء بنسبة تصل إلى 25% مقارنة بالطرق التقليدية، كما تستعمل مستشعرات ذكية تراقب رطوبة التربة بشكل آني وتضبط نظام الري لتجنب الهدر.
وتعتمد المجموعة أيضا على أجهزة رادار جوية تساعدها على التوقع الدقيق للاحتياجات المائية. وتتماشى هذه الجهود مع الرؤية الوطنية التي تراهن على تحلية مياه البحر، حيث تطمح المملكة إلى بلوغ طاقة إنتاجية سنوية تصل إلى 1.7 مليار متر مكعب بحلول 2050، من خلال استغلال الإمكانيات البحرية الهائلة.
وتراهن "كوسومار" على الابتكار الزراعي وتحديث الممارسات الفلاحية، عبر إدماج حلول الزراعة الذكية، من خلال استخدام الطائرات المسيّرة، والذكاء الاصطناعي، وتقنيات تحليل التربة والمزروعات، وهو تحول رقمي مكّن من تشخيص احتياجات الأراضي بدقة، وترشيد استخدام المدخلات الفلاحية، وتقليص كلفة الإنتاج، كما ساعد في رفع مقاومة المزروعات للآفات والظروف المناخية القاسية.
الفلاح شريك أساسي
واتخذت المجموعة الفلاح شريكا أساسي في سلاسل الإنتاج، واضعة إياه في صلب استراتيجيتها، وفي هذا الصدد تم سنة 2024، رفع أسعار شراء الشمندر السكري وقصب السكر، ما مكّن من زيادة مداخيل الفلاحين بنسبة تصل إلى 35%، وتوفير استقرار أكبر في أنشطتهم.
في السياق ذاته، عرفت المساحات المزروعة توسعا كبيرا، بلغت 35 ألف هكتار، بزيادة تفوق 50% مقارنة بالموسم السابق، وذلك بفضل تجديد الثقة في القطاع والمجهودات الهيكلية المبذولة.
أما على مستوى الاستدامة، فقد خطت كوسومار خطوات واثقة نحو تقليص البصمة البيئية، عبر تقنيات إنتاجية جديدة وتدابير طاقية مسؤولة. مسجلة انخفاضا بنسبة 73% في استهلاك المياه الصناعية بين سنتي 2013 و2023، كما تراجعت انبعاثاتها الكربونية بـ50% منذ عام 2016.
المجموعة ذاتها تمكنت من تخفيض استهلاك الطاقة في معامل الشمندر بنسبة 23% خلال سنة واحدة فقط، وتعتمد الشركة بشكل متزايد على الطاقات المتجددة، من خلال استغلال الكتلة الحيوية، وتشجيع الفلاحين على استخدام الطاقة الشمسية في عمليات الري والضخ.
وتكثف كوسومار جهودها من أجل التموقع القوي في الأسواق الدولية، حيث شهدت صادراتها من السكر الأبيض ارتفاعًا ملحوظًا خلال سنة 2024، لتصل إلى 653 ألف طن، بزيادة 10% مقارنة بسنة 2023، وتصدّره الشركة اليوم إلى أكثر من 80 دولة، مما يرسخ مكانتها كمرجع عالمي في صناعة السكر الأبيض المكرر.
مصفاة سيدي بنور
وشكّل دخول مصفاة سيدي بنور إلى الخدمة في شتنبر 2024 نقطة تحول كبيرة، بقدرة إنتاجية تصل إلى نصف مليون طن سنويًا، ما عزز قدرة المجموعة على الاستجابة للطلب المحلي والدولي.
في الإطار نفسه، وضمن استراتيجية "الجيل الأخضر"، وقّعت كوسومار عقد برنامج مع الدولة والمهنيين في أفق 2030، يهدف إلى رفع الإنتاج إلى 620 ألف طن سنويًا، وتوسيع المساحات المزروعة إلى 73 ألف هكتار، مع تخصيص استثمار إجمالي بقيمة 5.74 مليار درهم.
ويتضمن عقد البرنامج، الذي تم توقيعه خلال المعرض الدولي للفلاحة سنة 2023، أهدافًا تتعلق بإدماج الطاقات المتجددة، وتطوير الزراعة العضوية، والمساهمة في إحداث طبقة وسطى فلاحية، ودعم الشباب والمقاولات الفلاحية الناشئة.
وتظهر كوسومار التزامًا واضحًا بالتنمية الجهوية، من خلال تواجدها في خمس جهات فلاحية رئيسية، بسبع معامل ومصفاة في الدار البيضاء وأخرى في سيدي بنور، إضافة إلى شبكة شراكات واسعة تشمل أكثر من 80 ألف فلاح و370 شركة خدمية ولوجستيكية.
وقد انعكس هذا التموقع الجغرافي المتوازن في ضخ ما يقارب 3 ملايير درهم سنويا في الاقتصاد القروي، عبر برامج التمويل، التكوين، والدعم الاجتماعي، بما في ذلك منح التلاميذ، وتوفير التأمين والتقاعد للفلاحين، وتسهيل الولوج إلى المدخلات الفلاحية.