دعم السكن القروي.. هل تنجح خطة المغرب في تطويق الهجرة القسرية نحو المدن؟
klyoum.com
أخر اخبار المغرب:
يوتوبيا: قصة المدينة الفاضلة التي ولدت كبديل للطغيان والفسادتواجه المناطق القروية والجبلية في المغرب تحديات متنامية بسبب ارتفاع معدلات البطالة، وتوالي سنوات الجفاف، وما يترتب عن ذلك من هجرة متزايدة للأسر والشباب نحو المدن بحثاً عن فرص عمل وظروف عيش أفضل. كما تعاني هذه المناطق من هشاشة في البنيات السكنية وانتشار دور الصفيح، مما يفاقم أوضاع العيش فيها.
وفي إطار الجهود الحكومية لتحسين أوضاع الساكنة القروية، أطلقت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان مبادرات جديدة تهدف إلى دعم السكن القروي وتقليص الفوارق المحالية ضمن برنامج عملها العام 2025، وذلك بهدف تحقيق تنمية شاملة ومستدامة في المناطق القروية وتحسين جودة الحياة لسكانها.
وتركز هذه المبادرات على استهداف المناطق الأكثر هشاشة، حيث تم تحديد 542 مركزا قرويا صاعدًا للاستفادة من مشاريع السكن والتأهيل. وتسعى الوزارة من خلال هذه المشاريع إلى تحسين ظروف العيش لنحو 1.12 مليون نسمة، عبر تقديم دعم مباشر للمشاريع السكنية التي تلبي احتياجات سكان القرى، وتنفيذ خطط لتعزيز البنية التحتية، بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء والطرق، لتسهيل حياة السكان وتقليل المعاناة التي يواجهونها في التنقل اليومي
تهدف هذه المبادرات إلى تسريع التنمية في المناطق القروية غير تسهيل الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية والأسواق المحلية، مما يسهم في دعم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، ويعكس هذا التوجه رؤية الوزارة في الاستجابة لتحديات التوسع العمراني غير المنظم والهجرة القروية، حيث يسعى المشروع إلى خلق بيئة مشرقة للسكان للبقاء في مناطقهم الأصلية ما يساعد في الحد من الهجرة نحو المدن ويحفز النمو المحلي.
وكشف أديب بن ابراهيم، كاتب الدولة المكلف بالتعمير والإسكان،هذا الأسبوع أمام البرلمان، أن هذا البرنامج مكن من استفادة 3000 أسرة قروية، مشيراً إلى أن هذه المبادرة ستمثل رافعة لخلق دينامية اقتصادية محلية.
إقرأ أيضا: المنصوري: البناء في العالم القروي أولوية حكومية وآلاف الأسر استفادت من “دعم السكن”
وفي تعليق على أهمية هذا الدعم، أكد الخبير الاقتصادي بدر الزاهر الأزرق أن البرنامج يُشكل آلية فعالة للنهوض بالاقتصاد المحلي داخل الوسط القروي، عبر المساهمة في بناء طبقة متوسطة قروية، انسجاماً مع التوجيهات الملكية الداعية إلى تقوية هذه الفئة.
وأضاف الأزرق أن تجربة دعم المتضررين من زلزال الحوز أبرزت الأثر الإيجابي لمثل هذه المبادرات في تثبيت الساكنة وتوطينها، بل وتطوير أدائها الاقتصادي. وأوضح أن اشتراط معايير محددة للاستفادة من الدعم يسهم في تحفيز الاستثمار في قطاع البناء وتشجيع مقاولات البناء على الاشتغال في المناطق القروية.
واعتبر الخبير ذاته أن القطاع الفلاحي لم يعد لوحده قادراً على تحريك عجلة الاقتصاد القروي، داعياً إلى توسيع نطاق الاستفادة من برنامج دعم السكن ليشمل كافة المناطق الريفية، وألا يقتصر على الحواضر، خصوصاً وأن عدد سكان الوسط القروي بلغ سنة 2024 أزيد من 780 ألف نسمة.
وشدد الأزرق على ضرورة مراعاة خصوصيات البناء القروي، عبر إدماج الدعم حتى في المشاريع السكنية البسيطة والمبنية بما يتلاءم مع الطبيعة الجغرافية للمجال الجبلي، وعدم حصره في النماذج الحضرية الضخمة من البنايات والعمارات.
وفي السياق ذاته، اعتبر علي الغنبوري، رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، أن الهجرة القروية نحو المدن ترتبط في الأساس بالرغبة في تحسين مستوى العيش والبحث عن فرص عمل. وأوضح أن توفير دعم سكني ملائم بالمناطق القروية من خلال برامج السكن الاجتماعي أو التسهيلات المالية من شأنه تقليص دوافع الهجرة.
وأضاف أن تحسين جودة السكن وربط القرى بالماء والكهرباء والطرق، يرفع من جاذبية العيش في المجال القروي، كما أن مشاريع السكن المرتبطة بأنشطة اقتصادية مثل السياحة القروية أو الصناعات المحلية، توفر فرص شغل حقيقية للشباب.
وأشار الغنبوري إلى أن تقارير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تؤكد أن ضعف البنيات التحتية والخدمات يشكل أحد أبرز دوافع الهجرة من المناطق الجبلية، ما يجعل من دعم السكن مدخلاً مباشراً لمعالجة هذا الإشكال البنيوي.
وفي معرض حديثه عن دور الوكالات الجهوية للتعمير والإسكان، شدد الغنبوري على أن هذه الهيئات، التي جاء مقترح إحداثها ضمن مشروع قانون 64.23، تشكل أداة استراتيجية لتنزيل السياسة الوطنية للسكن والتعمير. وأبرز أنها ستضطلع بأدوار تنظيمية ومجالية من خلال إعداد الدراسات القبلية للمشاريع، وتنظيم التعمير، وتتبع مخالفات البناء، والمشاركة في تنفيذ برامج السكن الاجتماعي.
وخلص المتحدث إلى أن هذه الوكالات من شأنها تعزيز اللامركزية، وتحسين الحكامة في تدبير المجال الترابي، فضلاً عن بلورة مخططات تنموية تستجيب لخصوصيات المناطق القروية والجبلية، ما يضمن استدامة المشاريع واندماجها مع الحاجيات الحقيقية للساكنة.