اخبار المغرب
موقع كل يوم -بي بي سي عربي
نشر بتاريخ: ١٢ تشرين الثاني ٢٠٢٥
تتطلب متابعة ظاهرة كسوف الشمس الكثير من التفاصيل، من تحديد الموقع الأمثل إلى توفير المعدات اللازمة للحدث، ونستعرض في التقرير التالي بعض النصائح المفيدة التي تضمن لك معرفة أفضل المواقع في الوقت المناسب للاستمتاع بتلك الظاهرة الفريدة.
في الثامن من أبريل/نيسان عام 2024، جلست فوق تل مُغطى بالعشب في بلدة إمبريال بولاية ميزوري الأمريكية، مترقبة لحظة اختفاء الشمس، كان كسوف الشمس قد أوشك، وكنت في موقع يقع ضمن مسار كسوف بنسبة 99 في المئة.
كنت أشعر بقلق وابتهاج معاً، ونظراً لأنه فاتني كسوف الشمس الذي حدث في الولايات المتحدة عام 2017، أخذت عهداً على نفسي ألا أفوّت فرصة متابعة الظاهرة في المرة التالية، وفوق التل، لعبت أنا وعائلتي بالظلال، وكنا جميعاً نرتدي نظارات الرؤية الشمسية الرقيقة التي تمكّننا من مشاهدة مراحل الكسوف كلما اقترب ظل القمر من الشمس، كما تناولنا حلويات، من بينها كعكات 'أوريو ومون بايز'، احتفاءً بهذه اللحظة.
وتدريجياً خيّم ظلام في السماء، وسكنت أصوات الطيور، وتسلّل برد خفيف إلى الجو، ووقفت غزالان عند حافة الغابة بلا حركة، وساد الظلام قمة التل، وتجمّد الزمان والمكان بالكامل.
ثم أشرقت السماء من جديد، وعاد العالم كما كان بالسرعة ذاتها التي توقف بها، أصابتني رهبة عظيمة، ظل كل شيء كما هو، لكنني كنت أدرك أنني تغيّرت إلى الأبد.
لم تكن تجربتي استثنائية، ففي ذلك اليوم، كنت مجرد واحدة من بين العديد من الباحثين عن متابعة لحظة الكسوف الشمسي، وهواة البحث عن تجربة نادرة الحدوث بحق. فعلى سبيل المثال، خلال الفترة بين عامي 2026 و2030، لن يشهد العالم سوى بضع حالات من الكسوف الشمسي الكلي، مما يمنح المسافرين المهتمين بعلم الفلك فرصاً محدودة لرصد مسار الكسوف الكلي، وهذا ما يجعل التحضير المسبق للحدث، بدءاً من تحديد المواقع المثالية وحتى حجز أماكن الإقامة، أمراً بالغ الأهمية.
وبما أن ظاهرة كسوف الشمس الكلي ستمر فوق آيسلندا وإسبانيا ومصر وشمال أفريقيا في عامي 2026 و2027، يؤكد الفلكيون والمتخصصون في رحلات الفضاء أن الوقت المناسب للبدء بالتجهيز لتلك الرحلات يبدأ من الآن، وإليك الطريقة.
لماذا تشهد رحلات مشاهدة كسوف الشمس رواجاً؟
انبهر الناس على مدار آلاف السنين بكسوف الشمس، بدءاً من مراقبي السماء في بلاد الرافدين وصولاً إلى الباحثين عن الكسوف في القرن التاسع عشر، بيد أن كسوف الشمس عام 1970، الذي عبر الساحل الشرقي للولايات المتحدة، ثم أول رحلة بحرية لملاحقة الكسوف بعده بعامين، كان سبباً في تسليط الضوء على تلك الظواهر السماوية بوصفها مناسبات سياحية عالمية.
الأكثر قراءة نهاية
تابعوا التغطية الشاملة من بي بي سي نيوز عربي
اضغط هنا
يستحق الانتباه نهاية
وتشهد السياحة المدفوعة بمشاهدة كسوف الشمس في الوقت الحاضر رواجاً، بل أصبحت قطاع أعمال يُقدّر بمليارات الدولارات، وأفادت وكالة ناسا الأمريكية الفضائية بأن ما يزيد على 300 ألف شخص شاركوا في أنشطة رسمية خلال كسوف الشمس في أمريكا الشمالية عام 2024، في حين يكتمل حجز جميع الجولات السياحية المخصصة لرؤية الكسوف خلال بضعة أسابيع فقط من طرحها.
وقال كيفن كيري، مدير 'نيو ساينتست ديسكوفري تورز'، وهي شركة سياحة متخصصة في جولات متابعة الكسوف: 'على الراغبين في السفر لمشاهدة الكسوف الشمسي الكلي ضرورة الحجز في أقرب وقت ممكن. وذلك لضمان تأمين مكان ضمن أفضل الجولات السياحية، أو، إذا كانت الرحلة مستقلة، في أفضل أماكن الإقامة، أي في موقع قريب من خط الكسوف الكلي'.
ويفسر الفلكي مارتن غريفيث زيادة الشغف بالكسوف بظروف وباء كورونا، معلقاً على أنه خلال فترة الإغلاق كان 'الشيء الوحيد المتاح للناس هو الخروج لمراقبة السماء ليلاً'.
ولا يقتصر تأثير الكسوف الشمسي على حلول ظلام على الأرض فحسب، بل يشهد المحيط تحوّلاً كاملاً خلال تلك الدقائق الثمينة، فخلال تجارب سابقة لمتابعة الكسوف، لاحظت لي كرين، محررة في مجلة 'نيو ساينتست'، ظهور 'خيوط من الضوء' على هالة الشمس، وسرعة اندفاع ظل القمر نحوها.
وقالت ستيفاني ديراميليار، المدير التنفيذي لمرصد روبرت فيرغسون في شمال كاليفورنيا: 'أصبحت سياحة الكسوف ظاهرة لأنها تمزج بين العلم والإعجاب والمغامرة في آن واحد، تجربة الكسوف الشمسي الكلي، ولو لمرة واحدة، لها القدرة على تغيير منظورك تجاه موقعنا في الكون'.
وتحدث هذه الظاهرة الكونية على مستوى العالم بمعدل يتراوح بين أربع إلى سبع مرات سنوياً، على شكل كسوف جزئي، أو كلي، أو حلقي (أي عندما يظهر القمر محاطاً بما يطلق عليه 'حلقة النار')، ومن المرجح ألا تتاح لنا فرصة مشاهدة كسوف شمسي في نفس المكان أكثر من مرة واحدة خلال حياتنا، ما يجعل كل تجربة فريدة من نوعها.
وقال غريفيثس: 'إذا لم يسبق لك أن شاهدت كسوفاً شمسياً، فلا تضيع فرصة رؤيته، إنه أمر سيظل عالقاً في ذاكرتك بقية حياتك'.
متى وأين نرى كسوف الشمس القادم؟
في عام 2026، سيقع الكسوف الشمسي الكلي في 12 أغسطس/آب، وسوف يمتد مساره عبر المحيط المتجمد الشمالي، شرق غرينلاند، غرب آيسلندا، وشمال إسبانيا.
إسبانيا: سيمر الكسوف الشمسي الكلي لعام 2026 فوق جزر مايوركا وماينوركا وإيبيزا، حيث يمكن للسائحين مشاهدة دقيقة ونصف إلى دقيقتين من الكسوف الكلي فوق بحر البليار، ووقع الاختيار على فندق 'جُميرا مايوركا' على المنحدرات كموقع محتمل ومميز لمشاهدة كسوف الشمس.
كما توفر المناطق الجبلية في شمال ووسط إسبانيا، بما في ذلك المدن التاريخية بورغوس وسوريا، مواقع مناسبة لمتابعة الحدث، وتُعد شركة 'وايلدرنس ترافيلز' للسياحة من بين العديد من الشركات التي تنظم جولات سياحية لمتابعة الكسوف في إسبانيا لعام 2026، بما في ذلك تجربة يوم الكسوف على مزرعة كروم على تل، ولقاءات مع عالم الفلك البارز، والعالم بشؤون الكسوف، أليكس فيليبينكو.
آيسلندا: سيكون أقصى مدة كسوف كلي، والتي تستمر دقيقتين و18 ثانية، في خليج بريدافيوورد الواقع بين فيوردات الغرب وشبه جزيرة سنيفيلسنس، ويمكن لعشاق التنزه الانضمام إلى جولة على الأنهار الجليدية، ومشاهدة الكسوف من قمة نهر سنيفيلسجوكول الجليدي، أو المشاركة في جولة لمدة ستة أيام لمتابعة الكسوف من أرنارستابي، قرية صيد نائية على الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة، وستشكل الأنهار الجليدية والبراكين وشواطئ الرمال السوداء خلفية ساحرة للحدث.
غرينلاند: سيمتد مسار الكسوف الكلي، الذي يستمر لنحو دقيقتين و17 ثانية، على مناطق نائية وغير مأهولة من الساحل الشرقي لغرينلاند وبحرها، وأفضل وسيلة لمشاهدته هي الانضمام إلى رحلة بحرية تعبر مضيق سكورسبي لمشاهدة مثالية يوم الكسوف.
كما تنظم شركة 'بولار لاتيتيود إكسبيديشن' رحلات بحرية للكسوف في غرينلاند، لنقل السائحين إلى ساحل بلسفيل البري لمتابعة الكسوف بين الأنهار الجليدية.
'الأقصر وطنجة وجهتان مثاليتان'
أما في عام 2027، سيقع الكسوف الشمسي في الثاني من أغسطس/آب، وسوف يمر بجنوب إسبانيا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط، وسيكون هذا أطول كسوف تشهده الأرض في القرن الحادي والعشرين، إذ تصل مدته القصوى إلى ست دقائق وثلاث وعشرين ثانية في مدينة الأقصر بمصر.
مصر: تنظم شركات السياحة رحلات نهرية على نهر النيل لمتابعة كسوف عام 2027، بما في ذلك رحلة استكشافية مدتها 11 يوماً مع مؤسسة 'سميثسونيان جورنيز' لتنظيم الرحلات، وستقع واحة سيوة وأسيوط ضمن خط الكسوف الكلي أيضاً، كما أعلنت شركة 'وايلدرنس ترافيل' للسياحة عن تنظيم رحلة بحرية لمشاهدة الكسوف الشمسي في الأُقصر عام 2027.
المغرب: تقع طنجة بالكامل ضمن مسار الكسوف الكلي لمدة تقارب أربع دقائق وخمسين ثانية، ما يجعلها الوجهة الأساسية لمتابعة الكسوف في المغرب، وتنظم شركة'إكلبس ترافل' للسياحة برنامجاً مدته 11 يوماً لمشاهدة الكسوف الشمسي الكلي لعام 2027، يشمل جولات في مناظر الصحراء والمدن التاريخية إلى جانب متابعة الحدث نفسه.
جنوب إسبانيا: ستكون كل من مالقة وكاديث، الواقعتين ضمن مسار الكسوف الكلي لمدة دقيقة وخمسين ثانية وما يقارب ثلاث دقائق على التوالي، مواقع مثالية للمشاهدة، وهناك جولات لمتابعة الكسوف في جنوب إسبانيا، مثل رحلة تابعة لمؤسسة 'سميثسونيان جورنيز' البحرية لعام 2027 على طول سواحل إسبانيا والبرتغال، مع محطات توقف في كاديث وكويمبرا.
وللباحثين عن الرحلات الاستكشافية، تقدم شركات مثل 'أنتيمد بوردرز' رحلات لمتابعة كسوف 2027 في الجزائر وليبيا وبونتلاند، والتي ستقع كلها ضمن خط الكسوف الكلي لعدة دقائق، وسوف تكون تجربة فريدة لن ينساها كل من يشارك فيها.



































