هل تناول الباراسيتامول أثناء الحمل يسبب التوحد؟
klyoum.com
أخر لايف ستايل:
نجوى كرم تشعل دبي أوبرا في ليلة طربية مكتملة العددأثارت التحذيرات الأخيرة بشأن دواء الباراسيتامول جدلاً واسعًا، بعد الحديث عن احتمالية وجود مخاطر عند تناوله أثناء الحمل، وربطها بزيادة خطر الإصابة باضطرابات التوحد لدى الجنين.
ويُعرف عقار تايلينول، أو الباراسيتامول، بأنه من أكثر الأدوية شيوعًا بين الحوامل منذ عقود، لتسكين الألم وخفض الحمى. لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل هناك بالفعل علاقة بين استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل وظهور التوحد عند الأطفال؟
العلاقة بين الباراسيتامول أثناء الحمل والتوحد
رفض الأطباء المزاعم التي تربط بين الباراسيتامول ومرض التوحد، معتبرين أنها "ادعاءات" لا تستند إلى أدلة علمية قوية، مؤكدين أن هذا الدواء يظل من أكثر مسكنات الألم أمانًا للحوامل.
وجاء النفي الأول من الكلية الأمريكية لأطباء التوليد وأمراض النساء، التي أكدت عدم وجود دليل على أي رابط بين الباراسيتامول والتوحد، مشيرة إلى أن الادعاءات حول تسبب تايلينول بالتوحد "تبسط بشكل خطير الأسباب المعقدة للتحديات العصبية لدى الأطفال".
وقال رئيس الكلية، الدكتور ستيفن فليشمان، في بيان رسمي: لا تُظهر الدراسات التي أُجريت سابقًا أي دليل واضح يُثبت وجود علاقة مباشرة بين الاستخدام الحذر للأسيتامينوفين خلال أيٍّ من الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل ومشاكل نمو الجنين.
وفي سياق متصل، أوصت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) الأطباء بمراعاة الحد من استخدام تايلينول أثناء الحمل، مع التأكيد أنه يظل الخيار الأكثر أمانًا المتاح دون وصفة طبية لعلاج الألم والحمى لدى النساء الحوامل، مع مراعاة حماية صحة الأم والجنين على حد سواء.
وكتبت إدارة الغذاء والدواء: للتوضيح، على الرغم من أن العديد من الدراسات أشارت إلى وجود علاقة بين الأسيتامينوفين والتوحد، إلا أنه لم يتم إثبات وجود علاقة سببية، وهناك دراسات مُخالفة في الأدبيات العلمية.
وقالت مونيك بوثا، أستاذة علم النفس الاجتماعي والتنموي بجامعة دورهام في المملكة المتحدة: لا توجد أدلة قوية أو دراسات مقنعة تشير إلى وجود أي علاقة سببية.
من جانبه، أوضح البروفيسور إيان دوغلاس، أستاذ علم الأوبئة الدوائية في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي (LSHTM): إن محاولة قياس ما إذا كان التعرض للباراسيتامول أثناء الحمل يُسبب التوحد أو غيره من تأخر النمو العصبي أمرٌ بالغ الصعوبة.
وشرح: أولًا، من الصعب الحصول على قياس دقيق لما إذا كانت المرأة قد تعرضت بالفعل للباراسيتامول أثناء الحمل، نظرًا لصعوبة تذكر كل ما تم تناوله. ولكن بمجرد القيام بذلك بأفضل ما في وسعنا، فإن الخطوة التالية هي معرفة ما إذا كان أطفال النساء اللواتي تناولن الباراسيتامول أكثر عرضة للإصابة بالتوحد أو غيره من تأخر النمو العصبي، مقارنةً بأطفال النساء اللواتي لم يتعرضن للباراسيتامول.
وتابع: هنا تكمن المشكلة الثانية في مثل هذه الدراسات؛ فالنساء اللواتي يتناولن الباراسيتامول أثناء الحمل يختلفن عن النساء اللواتي لا يتناولنه لأسباب متنوعة. على سبيل المثال، علينا أن نتذكر أن الباراسيتامول لا يُتناول إلا لسبب محدد، وأن العديد من هذه الأسباب الكامنة قد تكون في حد ذاتها أسبابًا للتوحد.
واستطرد: على سبيل المثال، قد يُؤخذ الباراسيتامول بسبب عدوى أو حمى شديدة بما يكفي لتبرير العلاج، أو للمساعدة في إدارة حالة مرضية مزمنة. لذا، تقع على عاتق الباحثين مسؤولية دراسة هذه الاختلافات بأفضل ما يمكنهم، بحيث إذا لاحظنا وجود ارتباط، فقد يشير ذلك إلى سبب محتمل. من الصعب جدًا القيام بذلك، لأننا نادرًا ما نقيس هذه الاختلافات بدقة، والعديد منها غير مُقاس تمامًا، مثل العوامل الوراثية.
هل توصلت الدراسات لصلة بين الباراسيتامول والتوحد؟
حاولت العديد من الدراسات التحقق من وجود صلة بين الباراسيتامول والتوحد، لكن حتى الآن لم يحسم الأمر وجاءت النتائج متباينة.
في أغسطس/آب، أظهرت مراجعة بحثية أجراها عميد كلية تشان للصحة العامة بجامعة هارفارد أن الأطفال قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالتوحد واضطرابات النمو العصبي الأخرى عند تعرضهم لتايلينول أثناء الحمل.
ومن بين 46 دراسة شملتها المراجعة، حددت 27 دراسة منها صلة إيجابية بين تناول تايلينول وإصابة الأطفال باضطرابات النمو العصبي. وجادل الباحثون بضرورة اتخاذ بعض الخطوات للحد من استخدام الدواء، لكنهم أكدوا على أهميته لعلاج حمى الأم وآلامها.
لكن دراسة أخرى نُشرت عام 2024، وأُجريت على عينة سكانية من 2.4 مليون طفل وُلدوا في السويد بين عامي 1995 و2019، لم تجد أي علاقة بين التعرض لتايلينول والتوحد.
باختصار، بينما وجدت بعض الدراسات ارتباطات محدودة بين الباراسيتامول والتوحد، يجب أن نكون حذرين للغاية من القفز إلى علاقة سببية. لم تجد طرق أكثر دقة لدراسة هذه المسألة أي زيادة في الخطر.
وارتفعت حالات تشخيص التوحد بشكل حاد منذ عام 2000، وبحلول عام 2020، وصل المعدل بين الأطفال في سن الثامنة إلى 2.77%، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة.