لايف ستايل

الفن

مشاهير

مها بيرقدار الخال.. ورحلت "دواة الروح"

مها بيرقدار الخال.. ورحلت "دواة الروح"

klyoum.com

ولدت الأديبة والرسامة مها بيرقدار الخال، في مدينة دمشق عام 1947، والدها المقدم محمد خير بيرقدار صاحب شخصية صلبة، كان ضابطًا في الشرطة السورية، مثقفًا، يهوى الرسم ويمارسه، ووالدتها السيدة نظمية الأمين، ربة منزل تملك موهبة الرسم أيضًا.

نشأت مها بيرقدار الخال في عائلة مؤلفة من أربعة أولاد، تميزت عن أشقائها بهدوئها، وربحت عاطفة الوالد الجارفة والدلال اللامتناهي.

أطلقت مها مواهبها في سن الرابعة عشرة، وضعت باكورة أشعارها، ورسمت الخطوط الأولى على دفترها الأبيض، الذي ضم مجموعة كبيرة من رسومات بطاقات المعايدة.

ورثت موهبتها في الرسم من والدها، الذي بحكم عمله، تنقلت عائلته في معظم القرى والمدن السورية، ليتاح للصغيرة مها التجول بين سهول القمح والطبيعة، فكان هذا سبب توسع مخيلتها الفنية بعمر صغير.

دراستها

تلقت مها بيرقدار الخال دراستها الابتدائية في مدرسة "خديجة الكبرى"، ونالت شهادة "السرتيفيكا" بتفوّق، وتم نشر الخبر في الجريدة مع صورتها، ثم تابعت تلقي علومها في "الثانوية السادسة" في دمشق، ونالت شهادتي "البروفيه" و"البكالوريا" بدرجة جيد جدًا.

أحبت مها التمثيل، ورغبت في دراسة المسرح، ولكن قوبلت رغبتها بمعارضة شديدة من والديها، بإعتبار أنها من عائلة سورية عريقة ومحافظة.

إلتحقت مها في العام 1964 بمعهد الفنون الجميلة في دمشق، ودرست الرسم والنحت، ونالت دبلوم في الرسم بدرجة جيد جدًا في العام 1967 وهي السنة نفسها التي فازت فيها بلقب ملكة جمال دمشق، وسافرت بعدها إلى ألمانيا لمتابعة دروسها في الرسم ،إلا أن وصولها إلى هناك كان متأخًرا عن بدء العام الجامعي في معهد الفنون، فأجبرت على إستبدال الاختصاص، ودراسة إدارة الأعمال، وحصلت على الإجازة من المعهد العالي للترجمة والأعمال، في مدينة ميونيخ عام 1969.

توفي والدها الذي كان الشخص الأحب إلى قلبها، إثر سكتة قلبية، ما أجبرها على العودة إلى سوريا، والبقاء فيها. دخلت مجال الإعلام، وأعدت وقدمت برنامجًا شعريًا، عبر أثير إذاعة دمشق، وانضمت بعد سنوات إلى أسرة تحرير مجلة "فيروز"، الصادرة عن دار الصياد.

حياتها الخاصة والعاطفية

أثّر غياب والد مها بيرقدار الخال عليها بعد وفاته، وكان سعيها الدائم لإصدار أول ديوان شعري لها، طريقاً لمواجهة الشعور بالخسارة، ومحاولة للتعويض.

بعد كتابة مجموعة من القصائد المتفرقة، زارت مها بيروت برفقة صديق والدها، الذي كان يعرف الكثير في مجال الطباعة، وقد وجّهها إلى دار النهار للنشر، والتقت هناك بالشاعر والصحافي يوسف الخال، الذي كان مدير الدار آنذاك، وبدلّا من طباعة ديوانها الأول، طبعت سطور حياتها مع يوسف الخال، الذي أحبها من النظرة الأولى، وعشق شعرها.

وبعد مراسلات بين الشام وبيروت دامت ثلاثة أشهر، بهدف طباعة الديوان، لم يستطع يوسف الخال تحمل الفراق، فكتب لها في رسالته الأخيرة: "إحضري حين ينتصف تموز أو غيبي إلى الأبد".

لم تستطع مها مقاومة مشاعرها تجاه الإنسان المثقف، والشاعر الذي كانت تقرأ شعره عبر أثير إذاعة دمشق بشغف، فحضرت إلى لبنان مرة أخرى، وكان اللقاء هذه المرة حميمًا، وتزوجا مدنيًا في قبرص عام 1970، غير مكترثين لغضب الأهل والعادات والتقاليد واختلاف الدين، وفارق السن بينهما والذي كان 31 عامًا، وأثمر زواجهما إبنين، طبعا إسميهما بين نجوم الصف الأول في العالم العربي، ورد الخال ويوسف الخال.

مؤلفات مها بيرقدار الخال

أمضت مها بيرقدار مع يوسف الخال، سبعة عشر عامًا من الحياة السعيدة والنجاح والتألق، وأسسا معًا عائلة منسجمة ومتماسكة، بالرغم من إختلاف الدين والمجتمع بينهما، عائلة يحيطها الإبداع الشعري والفني. سار يوسف الخال رائد الحداثة الشعرية ومها بيرقدار الشاعرة والرسامة الحالمة، معًا على طريق الشعر والإبداع والنجاح، قبل أن يرحل يوسف الخال في عام 1987.

تمحورت أعمال مها بيرقدار، من كتب ودواين شعر، حول الحب والإنسان والوطن والخوف، ونذكر من مؤلفاتها "عشبة الملح"، "جيل العناصر"، "الصمت"، "دواة الروح"، "عشبة الملح"، "رحيل العناصر"، "الصمت"، "علاج الروح"، وصولًا إلى "حكايا العراء المرعب"، إضافة إلى كتب للأطفال والتي بدورها إحتوت على رسومات من توقيعها.

كما و كتبت مها كلمات لأغنية "الأكواريوم" و التي غنتها الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي ضمن البومها المخصص للأطفال، بالإضافة إلى أغنية إبنها الفنان يوسف الخال الجديدة و التي تحمل عنوان "كل شي تغيَّر" و اغنيته التي طرحت عام 2006 بعنوان "لبنان يا توب الحرير"، و غيرها من الاغاني و الأناشيد الدينية التي كتبتها.

خطوط مها بيرقدار الخال في الرسم

نال الرسم حصة متوازية مع الشعر في حياة مها بيرقدار الخال، خصوصًا أنها لا تنتمي إلى مدرسة فنية محددة، ولها أسلوبها الخاص، ولوحاتها تتميّز باللمسة الروحانية.

تبدأ مها في رسوماتها من الواقع لتنتهي بالحلم، وأبطالها بالتالي ليسوا من هذا الزمان ولا من هذا المكان.

تعتبر مها بيرقدار الخال أن "الشعر يحتاج إلى قلم وورقة، بينما اللوحة تحتاج إلى صفاء ذهن، فهي مثلث أضلاعه القلب والفكر واليد".

أقامت مها معارض للوحاتها، في "غاليري 1" في زقاق البلاط، والذي كانت تديره، ويملكه زوجها يوسف الخال.

تتالت معارض مها الـ 15 الخاصة في لبنان وسوريا والخليج العربي، بالإضافة إلى المعارض الجماعية التي كان عددها 37.

الدراما مع إبنيها ورد الخال ويوسف الخال

إستثمرت الرسامة والأديبة مها بيرقدار الخال، مخيلتها الواسعة ومواهبها، في الدراما التلفزيونية، فقدمت عملين من تأليفها، هما "الطائر المكسور" و"نقطة حب"، من بطولة ورد الخال ويوسف الخال، وغيرهما من الممثلين.

حب يوسف الخال بعد رحيله

كانت علاقة مها بيرقدار بزوجها يوسف الخال قوية جداً، وهي التي كتبت: "لكل مبدع قيمة لا تموت. لقد كان ثائراً رافضًا مجددًا ككل كبار التاريخ. في البال هو ماثل دائمًا وهو حاضر بولدَي "ورد" و"يوسف" كما في كل نتاجه من شعر ونثر ونقد، وترجمات".

تقول مها بيرقدار إن قصائدها تنبع من أعماقها، وتترجمها على حقيقتها، ولذلك تأتي أحياناً حزينة داكنة.

عندما يغلبها النوم تصلي، خشية أن تكون هذه نومتها الأخيرة، أو أن تستيقظ على قتل هنا وعلى استباحة هناك، إذ قالت: "الحياة صارت موتاً والموت صار الحياة".

*المصدر: الفن | elfann.com
لايف ستايل على مدار الساعة