خاص أصالة في عيدها

صريحة كشمس الظهيرة في الربع الخالي، رقيقة كفراشة تلهو وسط حقل من الورود، منطلقة كعصفور يغرد منفردا ، عنيدة كأم تدفع عن صغارها خطر محدق ، شامخة كشجرة تمردت على جذورها وحلقت لتكتب اسمها بين صفحات السماء ، قوية كجبل تمر عليه السنون والرياح والأمطار والعواصف ويظل راسخا، حرة كنسمة هواء تجوب العالم، لا تعرف أنصاف الحلول ولا تقنع بأشباه المواقف، هي كما اسمها، أعطت له وأعطى لها، يقولون أن للإنسان نصيبا من اسمه، هي أيضا كان لها من اسمها نصيبا وافرا، كما كان له نفس النصيب منها، اصالة.

في الفن يمكن الحديث كثيرا عن أصالة كفنانة استطاعت أن تخلق مكانا خاصا بها على القمة، لم تكتفِ بموهبة استثنائية حباها بها الله سبحانه وتعالى … بل كان اسمها صنيعة كدها وذكائها الفني الفذ.. مكنتها مَلكة قراءة الجمهور ومواكبة العصر ومجاراة التطور من الحفاظ عليه من الخفوت أو السقوط ، كما حدث لكثير من المطربين، استطاعت اصالة عبر رحلة ممتدة من الفن أن تحجز لنفسها مملكتها الخاصة على القمة، تعدد المنافسون، تعددت الأذواق والموجات، وتعدد معهم ما تقدمه 'اصالة' لتحافظ على مكانتها الخاصة، تابعوا 30 البوم غنائي ستجدوا التطور ليس فقط في النضج أو الإحساس أو المستوى، وإنما في مرونة فهم ذائقة الجمهور مع الحفاظ في نفس الوقت على مستوى من الفن أصبح كالعلامة المسجلة الخاصة بها، مستوى لم ينجر يوما للتنازلات في تطبيق لنظرية 'الجمهور عاوز كده'، وإنما استطاع مع الوقت أن يجعل الجمهور 'عاوز ما يسمعه' في خلطة خاصة فقط بها.

بعيدا عن الفن كان لأصالة الانسانة دور كبير في صنع مكانتها التي تحدثنا عنها سابقا، يتفاعل الناس مع نجومهم ومع الوقت إما يتكون حاجز شخصي ما بينهم وبين الفنان الذي يحبونه، أو يتفاعلون معه ليصبح 'انسان' قريب منهم، هذا الانسان قد يختار صورة مختلفة عنه ليصدرها للناس، نعرف الكثير من النجوم الذي رسموا لانفسهم بعناية الصورة التي يريد الناس معرفتها عنهم، صورة يصدرون فيها أفعال وأفكار وآراء مختلفة عما يؤمنون به، بعضهم حتى يتعمد تصدير صور غير حقيقية من باب كسب التعاطف أو غير مثالية من باب كسب التريند، بعضهم حتى قد يشرف بنفسه على اختراع الاشاعة ونشرها وازدهارها ليبكي لاحقا في نفيها، اصالة وعبر الزمن رسخت للناس مدرسة مختلفة، فهي واحدة منهم، تستقبل الأحزان والآلام دون نكران، دون أن تتعاطى المسكنات لتجمل من صورتها أمام الناس، يراها الناس في لحظات سعادتها وحزنها، تكتب لهم أوجاعها بكل صدق بدون أن تحاول تصدير صورة مختلفة عما تشعر به، ترى في الألم، كما في السعادة، فرصة للبحث عن الشغف بالحياة، حتى الآلام تعطيك فرصة لتشعر أنك انسان.

البحث عن سبب أو سر تلك 'المكانة' يحتاج لأكثر من مقال، ولكني متأكد أن تجاربها الشخصية وصدقها في التعامل مع الناس سيكون لهم خط موازي له نفس الاهمية في صناعة نجاحها.

أما أول ما يخطر في بالي فهو دروس مهمة أكررها لنفسي دائما، الأول من رسالة كتبتها لابنتها شام منذ سنوات طويلة قالت لها فيها 'مثّلي الفرح والسعادة ستصدقيها وتصبح واقع' جربت الخلطة أكثر من مرة ونجحت.

الثاني له علاقة بالإهتمام بالتفاصيل الصغيرة لكل من حولك، كل من اقترب من اصالة ولو لدقائق لاحظ عنايتها واهتمامها بالتفاصيل الصغيرة التي تضفي السعادة على حولها، بالمناسبة حتى لو كان قربك منها يتمثل في متابعة حساباتها على السوشيال ميديا، ستلحظ كيف تهتم بتفاصيل عائلتها الصغيرة، كيف تهتم بإظهار الحب لهم والمشاركة في كل تفاصيل حياتهم، أيضا ستجد أنها، قد تكون الوحيدة ممن في نفس نجوميتها، التي اهتمت بالتواصل مع الناس عبر لقاءات مباشرة على حسابها على انستجرام، لقاءات كانت تمتد لأكثر من ساعة تقرأ فيها تعليقات الناس وتجيب عن اسئلتهم وتلبي طلباتهم، هل هناك نجم آخر في حجم أصالة قام بمثل هذا؟

الثالث له علاقة بالتفاؤل، لاقي ما تلاقيه وأنت مؤمن إن كل مر سيمر، إنه وقت وسيمضي، ولأنه وقت وسيمضي فحتى الأوقات السيئة فهمها لروحك حتى تعرف مذاقها والذي سيعطيك وقودا لروحك في باقي الأيام.

الرابع له علاقة بالصراحة، في أحد المرات وصفتها في مقدمة حوار صحفي بأنها صريحة مثل شمس الظهيرة في الربع الخالي، هي صريحة، لا تكذب ولا تتجمل، لا تضع فلتر على أحاسيسها أو لسانها، نحن بشر، ولإننا بشر فنحن خطاؤون، ما المشكلة؟

الخامس له علاقة باكتشاف نفسك، لا تمل أبدا من اكتشاف نفسك وإعادة حساباتك، لا يأخذك الكبر ولا تتمسك بالعزة بالإثم، افهم نفسك حتى يرتاح بالك، الحياة تجربة نعيشها مرة واحدة.

الكلام عنها كسيرتها لا يمكن أن ينتهي.. وفي عيد ميلادها اخترت أن أعايدها بِ كل سنة وأنت كما أنت.

حمل آبلكيشن FilFan ... و(عيش وسط النجوم)