الانتخابات البلدية في ليبيا... استحقاق معلق على خيط الصراع
klyoum.com
أخر اخبار ليبيا:
واشنطن تعيد ليبيا إلى حساباتهاالمفوضية تتهم حكومتي حماد والدبيبة بوقف توزيع البطاقات ومحللون: مخاوف من تغلغل الموالين لسيف الإسلام
في حديثها عن تعليق الانتخابات البلدية في 11 بلدية معظمها يقع في مناطق خاضعة لسيطرة قوات المشير خليفة حفتر والحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب بقيادة أسامة حماد، وجهت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أصابع الاتهام إلى مديريات الأمن في حكومة حماد، المسيطرة على شرق وجنوب ليبيا، مؤكدة أنها هي المسؤولة عن توقف توزيع البطاقات الانتخابية في كل من بلديات بنغازي وطبرق وسرت.
المفوضية قالت في بيان لها أمس الإثنين إن "تعليمات من مديريات الأمن التابعة للحكومة المكلفة من مجلس النواب وجهت بإيقاف توزيع بطاقات الناخبين في تلك البلديات فوراً، من دون أن تخاطب المفوضية، أو توضح الأسباب التي دعتها إلى ذلك"، معللة الأمر بـ"سوء استعمال السلطة وتضليل عدالة المحكمة وارتكاب جرائم انتخابية".
الصراع السياسي
كذلك أقصى مواطنو بلدية جنزور التي تقع في المنطقة الغربية الخاضعة لسيطرة حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، إذ "توقفت عملية توزيع البطاقات الانتخابية على خلفية قيام رئيس المجلس التسييري للبلدية بقفل المراكز المخصصة لتوزيع البطاقات من أجل استمراره في السلطة من دون المرور على صناديق الاقتراع"، وفق توضيحات المفوضية التي أعلنت إقصاء أكثر من 150 ألف ناخب، وحرمان أكثر من 1000 مرشح ومرشحة من ممارسة حقهم الطبيعي في العملية الانتخابية، وطالبت باستئناف التصويت في تلك الدوائر وفقاً لقوانين المفوضية العليا للانتخابات، داعية مؤسسات الدولة بالإيفاء بالتزاماتها في إرساء قواعد الاستقرار.
حول تعليق الانتخابات البلدية في 11 بلدية ليبية يقول المحلل السياسي عبدالعزيز أغنية إن الأسباب الرئيسة هي لوجيستية بالأساس، فعملية الانتخاب عالقة ما بين وزارات الحكم المحلي في الحكومتين (في ليبيا توجد حكومتان على الأرض، واحدة في الشرق، والثانية في الغرب)، والمفوضية العليا للانتخابات، وهذا الأمر مرده إلى تصادم الاختصاصات ما بين حكومة حماد وحكومة الدبيبة.
ويضيف أغنية لـ"اندبندنت عربية" أن حرمان 150 ألف مواطن ليبي من حقهم الانتخابي هو نتاج للصراع السياسي المحتدم في ليبيا، الذي سيطاول كل المرافق في البلد المنقسم منذ انهيار نظام الرئيس السابق معمر القذافي عام 2011، إذ فشلت جهود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في إخراج البلد من عنق الجمود السياسي والذهاب نحو استحقاق انتخابي ينهي المراحل الانتقالية والفوضى الأمنية.
ويؤكد المحلل السياسي أن هذه الانتخابات تمثل تحدياً واضحاً للمفوضية العليا للانتخابات، بخاصة بعد تأجيلها إجراء انتخابات عام 2021، إذ لم توضح حتى اللحظة الأسباب الحقيقة وراء تأجيل الاستحقاق الانتخابي الماضي، مكتفية بالقول إن هناك قوة قاهرة أدت إلى ذلك.
يدعو أغنية إلى عدم التقليل من أهمية الانتخابات البلدية، فعلى رغم بساطتها في سلم الاستحقاق الانتخابي، قد تستغل من أحد أطراف الصراع السياسي ضد طرف آخر في ظل الصراع الحالي الذي سيلقي بظلاله على بقية العملية الانتخابية بشقيها البرلماني والرئاسي، موضحاً "ظاهرياً الجميع يطالب بالانتخابات، لكنها إذا لم تصب في مصالحهم تحضر العرقلة".
مجلس المفوضية
المنسق السابق للتوعية والتواصل في مكتب المفوضية الوطنية العليا للانتخابات محمود الكاديكي يقول إن المفوضية تحاول أن تكون على مسافة واحدة من الأطراف الليبية المتصارعة، سواء حكومة الدبيبة أو حكومة حماد، إذ سعى رئيس المفوضية عماد السايح إلى إجراء تشبيك بين مختلف الفرقاء الليبيين، ولكن المفوضية لم تنتبه للقصور في التنسيق المباشر مع مختلف مؤسسات الدولة، سواء التي تتبع حكومة حماد أو حكومة الدبيبة.
وأرجع الفشل في إجراء الانتخابات إلى بقاء مجلس المفوضية لأكثر من 14 عاماً من دون تغيير، مما جعله يتلاعب بسياسة الدولة من خلال التواصل مع رؤوس السلطة مقابل إهمال باقي المؤسسات الليبية كالأحزاب السياسية والمجتمع المدني، وهي طريقة خاطئة لأن رؤوس الحكم غير دائمة.
ويقول الكاديكي إن بيان المفوضية يوضح أنها حتى الآن لا تعلم سبب توقف العملية الانتخابية في سبها وبنغازي وسرت، إذ أكدت أن أوامر وقف توزيع البطاقات الانتخابية صدر شفوياً من مديريات الأمن في حكومة حماد.
ويوضح أن مكوث المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من دون الكشف عن أسباب تعليق الانتخابات يدل على أنها لا تعلم كيف تعمل في هذه البيئة بصورة صحيحة، مما يؤثر سلباً في الاستحقاقات الانتخابات المقبلة، مطالباً البرلمان باستبدال مجلس جديد قادر على تسيير العمل كما هو مطلوب بمجلس المفوضية، ومشيراً إلى أن اللجنة الاستشارية التي رعتها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا طالبت هي الأخرى باستبدال مجلس المفوضية العليا للانتخابات أو استكماله، لأنه يعاني نقصاً في تركيبته التي كانت تضم 7 أعضاء لم يتبقَّ منهم الآن سوى 4، وإذا ما استقال أو توفي أحدهم سيفقد مجلس المفوضية شرعيته.
ويكشف الكاديكي عن أن مفوضية الانتخابات لم تُفعِّل قانون تشكيل فروع المكاتب الانتخابية التي نص عليها قانون إنشاء المفوضية الوطنية العليا للانتخابات رقم 8 المعدل عام 2013، والذي كان سيسهل عمل المفوضية ويخرجها من دائرة الإحراج مع المترشحين والناخبين.
ويختم متسائلاً "إذا كانت حكومة حماد هي السبب في تعليق الانتخابات البلدية بكل من سبها وبنغازي وسرت لما واصلت كل من مديرية أمن المرج وأجدابيا والكفرة وجالو وأوجلة عملها على تأمين مراكز توزيع بطاقات الانتخابات، وجميعها مناطق تقع تحت سيطرة الجيش الليبي وحكومة حماد.
سيف الإسلام
يرجع الناشط المدني جمال الفلاح تعليق الانتخابات البلدية في سرت وسبها وبنغازي إلى ترشح موالين لتيار سيف الإسلام القذافي، ابن الرئيس السابق، وهو ما لم يرُق لسلطات الشرق الليبي التي تتخوف من تغلغل الموالين لسيف الإسلام في المشهد الليبي.
ويضيف أن الذهاب نحو تشكيل حكومة جديدة أو إمكان سيطرة حكومة حماد على الغرب الليبي هي من بين أحد أبرز العوامل الكامنة وراء تعليق الانتخابات البلدية، بخاصة أنها تزامنت مع وصول شخصيات موالية لسلطات الشرق إلى الغرب الليبي للمشاركة في المشاورات التي عقدها رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري في شأن تشكيل الحكومة الجديدة.
وسبق أن أخفقت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في إجراء الانتخابات الوطنية في ديسمبر (كانون الأول) 2021، بسبب ما وصفته بـ"القوة القاهرة"، لتذهب بعدها إلى تحديد موعد آخر لإجرائها في يناير (كانون الثاني) عام 2022، مشترطة زوال العقبات الأمنية والسياسية والقضائية التي شكلت القوة القاهرة ومصادقة البرلمان، لكنها فشلت بعد ذلك في الذهاب نحو انتخابات شاملة تنهي المراحل الانتقالية.