تركيا تعمل على إجلاء رعاياها من ليبيا في ظل هدنة هشة
klyoum.com
أخر اخبار ليبيا:
وزير داخلية الاستقرار: الشرطة وظيفتها حماية المتظاهرين لا قمعهمالعشرات يقتحمون مقر حكومة الدبيبة في طرابلس وصدامات بين قوات الأمن والمتظاهرين
تستعد أنقرة الخميس لإجلاء رعايا أتراك مقيمين في العاصمة الليبية طرابلس التي تشهد هدنة هشة بعد اشتباكات استمرت ثلاثة أيام بين جماعات مسلحة.
وقالت السفارة التركية في طرابلس على صفحتها على "فيسبوك"، "ندرس تنظيم رحلة للخطوط الجوية التركية بين مصراتة وإسطنبول لمواطنينا الراغبين في مغادرة طرابلس". وأضافت السفارة أنها "تعمل على ضمان توفير النقل بالحافلات بين طرابلس ومصراتة"، المدينة الساحلية الكبيرة الواقعة على بعد 200 كيلومتر شرق العاصمة.
وتوقفت حركة الطيران في مطار طرابلس بشكل شبه كامل منذ الإثنين الماضي بسبب اشتباكات عنيفة اندلعت في الأيام الأخيرة في أحياء ذات كثافة سكانية عالية، بين جماعات مسلحة قوية تحاول حكومة طرابلس تفكيكها من جهة، وقوات موالية للحكومة من جهة أخرى.
ودعت تركيا الداعمة للحكومة في طرابلس مساء أمس الأربعاء، إلى هدنة "من دون تأخير" في ليبيا.
الأمم المتحدة قلقة
من جهتها، أعربت الأمم المتحدة الخميس عن قلقها من "تصاعد العنف الأخير" في طرابلس محذرة من "أخطار كبيرة لحصول نزوح جماعي" ومن "خطر على المدنيين" في ليبيا.
ودعت المنظمة الدولية للهجرة في بيان إلى "وقف فوري للقتال لضمان سلامة المدنيين ورفاههم بموجب القانون الدولي الإنساني".
ووفق البيان، فإن المنظمة "قلقة جراء التصعيد الأخير للعنف في طرابلس... ونحن قلقون أيضاً من حشد الجماعات المسلحة في المناطق المحيطة".
وقال المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة "نرحّب بالمعلومات التي تفيد بحدوث وقف لإطلاق النار وندعو إلى احترامه بشكل كامل وغير مشروط لحماية حقوق وكرامة جميع الأشخاص في المناطق المتضررة".
طلب رحيل الحكومة
وما إن خفت صوت الرصاص في شوارع وأحياء العاصمة الليبية بعد يوم وليلة داميين، حتى ارتفع صوت هتافات سكانها الذين ضاقوا ذرعاً بالأوضاع الأمنية في مدينتهم، وصراع الميليشيات المسلحة لبسط النفوذ فيها، الذي بدأ منذ سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011 ولم ينته إلى يومنا هذا.
المتظاهرون الذين خرجوا من أكبر مناطق العاصمة وتجمعوا في "ميدان الشهداء" أشهر وأكبر ميادينها، رددوا هتافات طالبت بإسقاط حكومة عبدالحميد الدبيبة، بينما اقتحم العشرات منهم مقرها الرسمي تحت أعين قواتها الأمنية التي ردت بإطلاق الرصاص عليهم، كما أظهرت مقاطع فيديو نشرها نشطاء على مواقع التواصل.
ودعماً لمطالب المتظاهرين أصدرت المجالس المحلية في مناطق سوق الجمعة وتاجوراء وبوسليم وفشلوم، وهي من كبرى مناطق طرابلس، بيانات طالبوا فيها برحيل حكومة الوحدة الوطنية، محملين إياها المسؤولية عن الاشتباكات الدامية التي شهدتها العاصمة في اليومين الأخيرين، وسقط فيها العشرات من القتلى من المسلحين التابعين لأطراف النزاع والمدنيين في الأحياء التي وقعت بها المعارك.
ويكشف هذا الحراك الشعبي في طرابلس عن فقدان حكومة عبدالحميد الدبيبة جزءاً كبيراً ومهماً من الحاضنة الشعبية في المدينة، مما يزيد صعوبة موقفها في السلطة، بعد إجماع نادر لكل الأطراف السياسية على التعجيل باستبدال حكومة جديدة بها، حتى الأطراف التي كانت مترددة في دعم هذا الخيار سابقاً مثل المجلس الرئاسي، بعد التطورات الخطرة الأخيرة التي شهدتها العاصمة، ودور الحكومة في إشعال فتيلها بترتيبات أمنية مثيرة للجدل.
لكن حاضنة أخرى مهمة أظهرت دعمها الدبيبة وحكومته وسط الأوضاع الحرجة والمصيرية التي تواجهها حالياً، وهي مدينة مصراتة أو جزء منها، حيث خرج عدد من المتظاهرين فيها لتأييد حكومة الوحدة الوطنية ورئيسها، وتوعد عدد منهم المناطق التي خرج سكانها في العاصمة للتظاهر ضده بالمواجهة، مما أثار مخاوف من تجدد الاشتباكات في طرابلس الأيام المقبلة.
مواجهات مع المتظاهرين
وفي تطور خطر يتوقع أن يزيد حدة غضب الشارع الطرابلسي على حكومة الوحدة الوطنية، أقدمت قوات موالية لها على إطلاق النار على المتظاهرين في أكثر من موقع، الذين ردوا بحرق بعض مدرعاتها العسكرية، بحسب ما أظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل.
وسائل إعلام ليبية قالت إن هذا الصدام بين المتظاهرين والقوات الأمنية التابعة لحكومة الدبيبة أدى إلى سقوط جرحى وقتلى من دون أن تكشف مصادر موثوقة عددهم، لكن مقطعاً مصوراً تُدوول على مواقع تواصل مختلفة أظهر إصابة متظاهر واحد في الأقل بجروح بليغة جراء هذا الصدام.
عصيان مدني
أول رد فعل على هذه الأحداث التي شهدتها طرابلس ليلة الأربعاء، جاء مما يعرف بـ"تيار بالتريس الشبابي"، وهو من الحركات المدنية الفاعلة في طرابلس، إذ بدأ عصياناً مدنياً في شوارع وأزقة طرابلس، للضغط على كل الأطراف لإنهاء التوترات الأمنية والاشتباكات بالعاصمة.
بينما أدان مجلس حكماء وأعيان طرابلس، الجسم الاجتماعي الأهم فيها، ما وصفه بـ"الحرب العبثية" الدائرة في شوارع العاصمة الليبية، محملاً المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية وأطراف الصراع مسؤولية حماية المدنيين وممتلكاتهم.
وطالب المجلس في بيان بـ"سحب كل التشكيلات المسلحة من مدينة طرابلس فوراً، مهما كانت مسمياتها"، داعياً إلى "وضع حد للاقتتال داخل المناطق السكنية"، كذلك وجه نداءً لعميد بلدية طرابلس والمجلس البلدي، داعياً إياهم إلى "اتخاذ موقف واضح، والعمل العاجل على إخراج التشكيلات المسلحة من العاصمة حفاظاً على أمن السكان واستقرار المدينة".
استهداف مسؤول بارز
على هامش هذه الأحداث، نجا نائب رئيس جهاز دعم المديريات التابع لحكومة عبدالحميد الدبيبة، علي الجابري، من هجوم مسلح استهدفه في منطقة أبوسليم، جنوب طرابلس، لتنفيذ مهام أمنية في المنطقة التي تعتبر مسقط رأس آمر جهاز الدعم والاستقرار الراحل عبدالغني الككلي الذي قتل في مناوشة مع بعض خصومه الثلاثاء الماضي، مما تسبب في اشتباكات عنيفة وتوتر أمني كبير في المدينة، ولم تتبين حتى الآن تفاصيل إضافية حول طبيعة الهجوم أو الجهات التي تقف خلفه.
تمديد تعليق الدراسة
استمرار التوتر الأمني في طرابلس دفع وزارة التربية والتعليم بحكومة الوحدة الوطنية إلى تمديد إيقاف الدراسة والامتحانات في جميع مراقبات التعليم داخل بلدية طرابلس الكبرى، حرصاً على سلامة الطلبة والكادر التعليمي، بحسب بيان صادر عنها.
وأوضحت الوزارة أن "القرار يأتي تقديراً للظروف النفسية والاجتماعية التي يمر بها التلاميذ وأولياء الأمور، إضافة إلى التهديدات الأمنية المحيطة بعد تصاعد الاشتباكات المسلحة في العاصمة، مؤكدة أن "سلامة الطلاب والمعلمين تأتي في المقام الأول بالنسبة إليها".
تجميد إجراءات الدبيبة
من جانبه، أصدر المجلس الرئاسي، برئاسة محمد المنفي، قراراً خاصاً بالمستجدات الأخيرة في طرابلس أكد في مادته الأولى "وقف إطلاق النار بشكل شامل في جميع المناطق، مع إلزام جميع الوحدات العسكرية العودة الفورية إلى مقراتها من دون أي قيد أو شرط".
وكلف المجلس الرئاسي في القرار رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي بمهمة مراقبة وتقييم الأوضاع، والإبلاغ عن أية خروقات قد تحدث، وتحديد المسؤوليات المترتبة على ذلك.
الجزئية الأهم في القرار أعلن فيها "الرئاسي" "تجميد كل قرارات حكومة الوحدة الوطنية التي تحمل طابعاً عسكرياً أو أمنياً، أو تلك المتعلقة بإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية أو تكليف أشخاص بمهام عسكرية أو أمنية، وذلك ضمن حدود الاختصاصات الانتقالية للحكومة".
"الرئاسي" اختتم قراره بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق برئاسة رئيس الأركان العامة الفريق محمد الحداد، تتولى مهمة تقصي الأحداث التي بدأت اعتباراً من الإثنين الماضي وما نتج منها من أضرار لحقت بالممتلكات العامة والخاصة.
ومن المتوقع أن تكتب إجراءات المجلس الرئاسي هذه فصلاً جديداً في العلاقة مع حكومة الوحدة الوطنية مختلفة عما سبق حيث كانا أقرب إلى الوفاق، وهذا لو حدث فمعناه أن رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة سيقاتل منذ الآن خصومه السياسيين وحيداً بعد فقدان آخر حليف سياسي قوي له في المشهد الحالي.