وحدة عسكرية "نادرة" في ليبيا... هل هي رسائل الفاشر؟
klyoum.com
أخر اخبار ليبيا:
رسالة عسكرية من 100 جندي وضابط احتياط تصعق رئيس الأركان الإسرائيلياتفاق لتشكيل قوة مشتركة من معسكري الشرق والغرب ومحللون يرون أنها نتاج أميركي
في وقت تعيش مدينة مصراتة الليبية (غرب ليبيا)، على وقع توترات أمنية سببها انتشار السلاح خارج الأطر القانونية، ويشهد السودان القريب من الحدود الجنوبية الليبية سقوط مدينة الفاشر في قبضة قوات "الدعم السريع"، يخرج إعلان رئيس أركان القوات المسلحة الليبية الفريق أول خالد حفتر بتشكيل قوة عسكرية مشتركة لمكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية وحماية الحدود، وذلك إثر لقاء يعد الأول، في سرت (وسط)، بينه وبين عدد من قادة الكتائب المسلحة بمدينة مصراتة.
ويعد لقاء سرت الأول الذي يتمخض عن اتفاق تشكيل قوة عسكرية مشتركة في إطار الجهود الرامية إلى توحيد المؤسسة العسكرية الليبية المنقسمة منذ سقوط نظام الرئيس السابق معمر القذافي عام 2011 إلى معسكرين، واحد في الشرق والآخر في الغرب الليبي.
وفيما لم يصدر أي تعليق رسمي حتى اللحظة، سواء من حكومة الوحدة الوطنية أو من رئاسة الأركان العامة التابعة لها التي يقودها الفريق أول محمد الحداد، وصف عدد من أهالي مصراتة هذا الاجتماع الثنائي بالخيانة، إذ شهدت المدينة وقفة احتجاجية رافضة لتشكيل هذه القوة نظمها بعض الناشطين والمقاتلين الذين شاركوا في عمليات عسكرية سابقة على غرار "البنيان المرصوص" التي طردت تنظيم "داعش" من سرت عام 2016، وعملية "بركان الغضب" التي تصدت لقوات حفتر في حربها على العاصمة طرابلس عام 2019.
يقول المستشار العسكري السابق للمجلس الرئاسي ولجنة الأمن القومي للمجلس الأعلى للدولة العميد عادل عبدالكافي إن إعلان تشكيل قوة عسكرية مشتركة بين حفتر وقادة من مصراتة هو ثمرة تحرك الدبلوماسية الأميركية في ليبيا لتقريب المعسكرين من بعضهما بعضاً منذ ثلاث سنوات، إذ كانت البداية بزيارة مدير وكالة الاستخبارات الأميركية، وقائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، ومستشار الرئيس دونالد ترمب لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا مسعد بولس.
ويؤكد عبدالكافي لـ"اندبندت عربية" أن هذه القوة العسكرية المشتركة، مدفوعة بدعم أميركي على غرار "لواء الذنب" في الصومال، الذي أسس على يد قيادات من "أفريكوم"، وهدفها تحقيق استراتيجية الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب في ليبيا بالاستعانة ببعض الضباط الليبيين الذين عملت الولايات المتحدة على إشراكهم في تدريبات دولية عدة على غرار تدريب "الأسد الأفريقي" في تونس، إضافة إلى لقاءات أخرى في مصر وفرنسا وإيطاليا.
ويتابع أن "هذا الجهاز سيعمل ظاهرياً على حماية الحدود من الهجرة غير النظامية والجريمة المنظمة وعمليات تهريب الأسلحة والإرهاب، غير أن دوره الأساسي الذي ولد من أجله هو تقليص الوجود الروسي في ليبيا، بخاصة أن كلاً من قواعد القرضابية والجفرة والخادم، وصولاً إلى قاعدة معطن السارة في أقصي الجنوب الشرقي قرب المثلث الحدودي الليبي التشادي السوداني، الغني بالثروات المنجمية والمائية، أصبحت جميعها تحت سيطرة قوة الفيلق الأفريقي الروسي".
وأبرز أن مسارات تكوين هذه القوة العسكرية المشتركة بدأت منذ سنوات، غير أن اختيار الولايات المتحدة مدينة سرت لإجراء "مناورات فلينتلوك" هو من سرع إعلانها، مبيناً أن القيادات العسكرية الليبية لهذه القوة المشتركة ستكون في الواجهة، لكن المحرك الرئيس لها هو "أفريكوم" الأميركية التي ستتولى إصدار أوامر التحركات اللوجستية.
في المقابل يصف المحلل السياسي المقرب من معسكر الرجمة محمد قشوط اللقاء الذي حدث في مدينة سرت برعاية رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الفريق خالد حفتر، بـ"مبادرة الجيدة" هدفها بحث توحيد المؤسسة العسكرية الليبية مع بعض قيادات التشكيلات المسلحة في مدينة مصراتة.
ونفي قشوط أن يكون اللقاء الثنائي الأول بين خالد حفتر وعدد من قادة الكتائب المسلحة من مصراتة مدعوماً دولياً، مؤكداً أنه اجتماع ليبي - ليبي بعيد من أي تدخل خارجي أو تأثير دولة بعينها، فاللقاء كان من أجل تقريب وجهات النظر والمسافات للوصول إلى نقطة مشتركة وكلمة سواء قد تجمع القوى المسلحة في ليبيا بعيداً من لغة الحرب والاقتتال.
ونوه قشوط بأن اللقاء كان انعكاساً لدعوة المشير خليفة حفتر ومبادرته التي أطلقها منذ أيام، التي كان شعارها استدعاء الإرادة الشعبية والشعور بالمسؤولية، في وطن يراد له أن يستمر في أزماته بفعل التدخلات الدولية السلبية التي تستفيد من الانقسام السياسي والانشقاق الأمني.
وحول تزامن إعلان تشكيل قوة عسكرية مشتركة لمكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية، مع سقوط مدينة الفاشر السودانية في يد قوات "الدعم السريع"، يقول الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية محمد تورشين، إن القوة العسكرية المشتركة معنية بمكافحة الإرهاب مثلما أكد نجل حفتر، لكن الغرض الآخر منها هو منع تدفق اللاجئين السودانيين لاسيما بعد سقوط مدينة الفاشر، باعتبار أن السودان يعتبر من المسارات المهمة التي يتخذها عدد من اللاجئين والمهاجرين من دول القرن الأفريقي للمرور إلى أوروبا عبر ليبيا.
ويعتقد تورشين أن دور هذه القوة العسكرية المشتركة لن يقتصر على مكافحة الهجرة، بل وعصابات الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر التي ستنشط أكثر في منطقة الجنوب الليبي المحاذية للسودان بخاصة، والساحل الأفريقي عامة، لا سيما في ظل الاضطرابات الحالية.
ويرى أن السودان حاضر بقوة أثناء الاتفاق على تشكيل هذا الجسم العسكري المشترك بين الشرق والغرب، باعتبار أن المجموعات الإرهابية ستستغل انشغال قوات الأمن السوداني بسقوط الفاشر وستنشط على الحدود الليبية – السودانية، بل ستحاول التسلل إلى بعض النقاط الحدودية الغنية بالذهب على غرار جبل العوينات، وهو أمر ستعمل هذه القوة المشتركة الليبية على مكافحته من خلال صد الثغرات الأمنية التي ستستغل لتنشط في مجال تجارة السلاح والمخدرات والبشر.