اخبار ليبيا

اندبندنت عربية

سياسة

ظلال "النقد الدولي" تخيم بـ"الاستدانة" على ليبيا

ظلال "النقد الدولي" تخيم بـ"الاستدانة" على ليبيا

klyoum.com

تواصل الانقسام السياسي والإنفاق الموازي أثقلا كاهل الديون التي بلغت 3 مليارات دولار

تصاعدت المخاوف من تحول ليبيا من دولة مانحة إلى مديونة، لا سيما إثر حلولها في الترتيب 129 لقائمة الدين الخارجي لعام 2025، بديون بلغت ثلاثة مليارات و322 مليون دولار أميركي وفق تصنيف "غلوبال فايرباور" Global Firepower المتخصص في تتبع الدين الخارجي الذي نشر منتصف الشهر الجاري. 

ويرى متخصصون في الاقتصاد أنه إذا استمرت ليبيا في الانقسام السياسي والإنفاق الحكومي من دون مراعاة لعدم تنوع الاقتصاد الذي يعتمد على إيرادات النفط فحسب التي تشهد بدورها تذبذباً وعدم استقرار بسبب الإغلاقات النفطية وعدم تحييد ورقة النفط عن  المساومات السياسية، فإن البلاد ذاهبة لا محالة إلى حضن صندوق النقد الدولي، بخاصة إثر تأكيد الرقابة الإدارية في تقريرها عن الإنفاق والدين العام والمخالفات منذ عام 2011 حتى نهاية 2023 والصادر نهاية عام 2024 أن إجمالي الإنفاق العام منذ عام 2012 حتى 2023 بلغ أكثر من 722 مليار دينار ليبي (147 مليار دولار)، وفق المصرف المركزي.

الدين العام 

ويؤكد تقرير الرقابة الإدارية أن إجمالي الدين العام المحلي منذ عام 2011 بلغ أكثر من 154 مليار دينار ليبي (31 مليار دولار)، ويقول مدير مشاريع المجلس الأفريقي العربي للاستثمار والتنمية محمد امطيريد إنه إذا ما احتسبت الموازنات العامة التي تصرف من مصرف ليبيا المركزي للحكومات المتعاقبة على البلد، إضافة إلى تآكل الاحتياط العام نجد أن هناك عجزاً كبيراً للدولة الليبية بخاصة في نهاية العام الماضي، فسجلت عجزاً حتى في دفع رواتب الموظفين.

وأرجع ذلك إلى التضخم الكبير في عائدات النفط، إضافة إلى التقويض الذي حصل في مصرف ليبيا الخارجي، وتطورات خرجت على إثرها تحذيرات كبيرة من البنك الدولي في تقريره بخصوص الدولة الليبية على ضوء المصاريف العالية للحكومات المتتالية على ليبيا، وفق تعبيره.

ويضيف في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن حكومة عبدالحميد الدبيبة صرفت منذ عام 2021 حتى نهاية 2024 نحو 480 مليار دينار (98 مليار دولار)، ناهيك عن الدين العام الذي تجاوز 120 مليار دينار (24 مليار دولار)، في المقابل فإن عائدات الدولة الليبية لا تتجاوز 100 مليار دينار (22 مليار دولار). 

 

وينبه امطيريد من أنه إذا ما استمر الوضع على هذا النحو فمن المتوقع جداً أن نشاهد ليبيا على أعتاب باب صندوق النقد الدولي، منوهاً أن هذا الأمر ليس عشوائياً بل مخططاً له منذ فترة.

ويتابع أن فتح مكتب للبنك الدولي في ليبيا معناه أنه يقترب من ممارسة ضعوطاته المالية، محذراً من الانزلاق نحو هذا الأمر باعتبار أن جميع تجارب البنك الدولي هي تجارب فاشلة عرضت الدول للإفلاس والمديونية وأصبحت رهينة له.

ويقول امطيريد إن ازدياد عدد السكان في ليبيا يقابله عدم تطور في التنويع الاقتصادي الوطني الذي يعتمد على الإيرادات النفطية فقط، في بلد يُعد مصرفه المركزي مصرفاً جامداً لا يطور من نفسه إضافة إلى تنامي الانقسامات السياسية والأمنية، مما سيحول ليبيا إلى دولة مديونة. 

حكومة موحدة 

ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة مصراتة عبدالحميد الفضيل إنه نتيجة للانقسام السياسي الذي مرت به الدولة الليبية طوال الأعوام الماضية وما نتج منه من انقسام المؤسسات الاقتصادية والمالية، فأصبحت هناك حكومتان وما نتج من ذلك من إنفاق عام وآخر موازٍ، إضافة إلى الانقسام الحاصل في أعلى سلطة نقدية ممثلة بمصرف ليبيا المركزي، وكذلك الإغلاقات القسرية للحقول والموانئ النفطية والفساد المالي والإداري المستشري في جل مؤسسات الدولة، جميعها أحداث أدت بصورة مباشرة إلى انخفاض الإيرادات النفطية وعجز الموازنة العامة، مما ترتب عليه ظهور مشكلة الدين العام المحلي وتناميه بقيم كبيرة الدين العام المحلي وهي الأموال التي تقترضها الحكومات من الأفراد والمؤسسات لمواجهة أحوال طارئة ولتحقيق أهداف مختلفة عندما لا تكفي الإيرادات العامة لتغطية النفقات العامة.

ونوه الفضيل إلى أن إجمال الدين العام المحلي للفترة الممتدة بين عام 2014 وعام 2020، لجميع الحكومات المتعاقبة والموازية بلغ ما قيمته 154.052 مليار دينار (31 مليار دولار)، وناهز الدين العام المحلي المترتب على الحكومات الموازية ما قيمته 69.9 مليار دينار (14 مليار دولار) بحسب تقرير ديوان المحاسبة الليبي لعام 2020.

وأضاف أن هذه الفترة خالية من أي دين عام محلي ترتب على الإنفاق العام لحكومة الوحدة الوطنية، إذ تجاوزت الإيرادات العامة حجم الإنفاق العام طوال هذه الأعوام، مؤكداً أنه لا توجد أي بيانات من جهات رسمية عن الدين العام المترتب على نفقات الحكومة المكلفة من البرلمان باستثناء تصريحات لوزير الاقتصاد في حكومة الوحدة الوطنية محمد الحويج الذي ذكر أن الدين العام المحلي الكلي بلغ 200 مليار دينار (44 مليار دولار).

وأكد أنه يستنتج من ذلك أن هناك ديناً عاماً محلياً جديداً ترتب على الحكومة الموازية نتيجة تراكم خلال الفترة الممتدة من عام 2021 إلى أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 الذي بلغ ما قيمته 45.9 مليار دينار (9 مليارات دولار)، ولا توجد أي مصادر تبين حجم الدين العام المحلي للحكومة المكلفة من البرلمان لعام 2024.

وأوضح أن تمويل نفقات الحكومة المكلفة من البرلمان، وبحسب تقرير شركة "ديلويت" تمثل في استخدام ودائع المصارف التجارية إضافة إلى طباعة عملة محلية بقيمة 13 مليار دينار (2.56 دولار).

الإقراض 

ويرى المتخصص في الشأن الاقتصادي أنه على رغم تراكم الدين العام المحلي طوال الأعوام الماضية والفساد المالي المستشري في جل مؤسسات الدولة، فإن ذلك لا يعني أن الدولة الليبية قريبة من الاقتراض من صندوق النقد الدولي في الأجلين القريب والمتوسط لأسباب عدة أهمها، أن هذا الدين محلي وليس خارجياً (بالنقد الأجنبي، إضافة إلى فوائد الاقتراض) كالاقتراض من صندوق النقد الدولي أو إحدى المؤسسات النقدية الدولية الأخرى، كذلك فليبيا لا تزال تمتلك احتياطات كبيرة تجاوزت خمسة مليارات دولار، بحسب تقرير صندوق النقد الدولي.

وحول أبرز الخطوات التي يمكن لليبيا أن تسلكها حتى تسلم من الانزلاق نحو فكي الإقراض الدولي، يوصي الفضيل بالعمل بصفة استعجالية على إنهاء الانقسام السياسي والذهاب نحو حكومة واحدة، مشدداً على أن توحيد السلطة التنفيذية يمثل الخطوة الأولى للاستقرار الاقتصادي، إذ سيترتب على ذلك توحيد للمؤسسات المالية والنقدية في البلد، مما سينتج منه وجود جهة تنفيذية واحدة تقوم بعملية الإنفاق من خلال قانون موازنة يصدر من الجهة التشريعية.

وطالب الفضيل بترشيد الإنفاق العام ومكافحة الفساد المالي والإداري في ليبيا، خصوصاً أنها تعتبر من أكثر 10 دول فساداً في العالم خلال الأعوام الماضية، بحسب مؤشر مدركات الفساد الذي يصدر عن منظمة الشفافية الدولية.

وبخصوص بروز مخاوف من الإقراض الدولي ارتبطت بعودة البنك الدولي لليبيا، يقول الفضيل إنه لا مجال لهذه المخاوف لأن وظيفة البنك الدولي الرئيسة هي مساعدة البلدان في الحد من ظاهرة الفقر من خلال المساندة الفنية والخبرات المتخصصة التي يقدمها البنك إلى الدول بخاصة النامية منها، وكذلك إعطاء المشورة لتحسين الخدمات وكيفية مجابهة أوضاع الهشاشة ومواقف الصراع، إضافة إلى تشجيع وتحفيز الاستثمار، إلى جانب أن الدول المعنية بالدرجة الأولى بالإقراض هي الدول التي لديها عجز مستمر ومزمن في ميزان مدفوعاتها، فتكون احتياطاتها غير كافية لتلبية حاجاتها من السلع والخدمات لمدة لا تتجاوز بضعة أشهر، مما لا ينطبق على الحال الليبية.

ويُذكر أن نسبة الفقر في ليبيا النفطية بلغت 32.5‎ في المئة، وفقاً لدراسة نشرت في مجلة دراسات الاقتصاد والأعمال بكلية الاقتصاد في جامعة مصراتة منتصف فبراير (شباط) الجاري. 

*المصدر: اندبندنت عربية | independentarabia.com
اخبار ليبيا على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com