لا تقدم في محادثات ليبيا بجنيف صوب إجراء الانتخابات

تصريحات 'مثيرة' للسفير الأميركي تزامنا مع لقاء صالح والمشري

قالت مستشارة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالشأن الليبي ستيفاني وليامز في بيان إن المحادثات الليبية التي انعقدت في جنيف انتهت اليوم الخميس دون تحقيق تقدم كاف للمضي قدما لإجراء انتخابات.

وأضافت 'الخلافات لا تزال قائمة بشأن متطلبات التأهل للترشح في أول انتخابات رئاسية' مشيرة إلى أنها ستطرح توصيات بشأن البدائل المتاحة للمضي قدما.

وكانت خلافات بشأن أهلية العديد من المرشحين المختلف عليهم سببا في انهيار إجراء انتخابات في ديسمبر (كانون الأول).

وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قد مددت اللقاء الذي تشرف عليه بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولي خالد المشري، في جنيف، يوماً إضافياً، في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشراً على صعوبة المفاوضات الجارية بينهما، وأن أي اتفاق محتمل بينهما في شأن النقاط العالقة في المسار الدستوري لن يكون سهلاً وسيحتاج إلى ولادة قيصرية.

وفي الوقت الذي علقت فيه الأنظار على جنيف لمتابعة مستجدات الحوار الحاسم بين صالح والمشري، أطلق السفير الأميركي في ليبيا، ريتشارد نورلاند، تصريحات مثيرة للجدل في شأن الأزمة السياسية الحالية ومصير الانتخابات العامة، اعترض عليها معظم الأطراف الليبية واعتبرها تدخلاً جديداً غير مقبول في الشأن الليبي.

تأجيل يثير التساؤلات

كانت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، في ليبيا، ستيفاني وليامز، قد أعلنت تمديد مفاوضات جنيف بين صالح والمشري، وتوقعت اختتامها الخميس 30 يونيو (حزيران).

وأثار هذا التأجيل مخاوف جديدة في ليبيا من تعثر المفاوضات المهمة بين الرجلين، لحل الخلافات الدستورية لتجاوز مرحلة الانسداد الحالية، واعتبرت مؤشراً على صعوبة المفاوضات بينهما، بخاصة أن المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب، عبد الحميد الصافي، كان قد أكد أن صالح والمشري سيوقعان، الأربعاء، على توافقات المسار الدستوري والوثيقة الدستورية.

وقال الصافي، إن 'الإعلان عن هذه التوافقات سيفرح الليبيين، لأنه سينهي الفرقة والانقسام والخلافات، وستشمل المناصب السيادية والوثيقة الدستورية، وتأكيد تقديم الخدمات الضرورية للمواطن الليبي حتى موعد إجراء الانتخابات'.

وكانت وليامز صرحت، بأن 'هذه المباحثات مخصصة لمناقشة التدابير الانتقالية التي تشمل المواعيد والطرائق والمراحل الأساسية، لضمان مسار واضح لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن'.

حوار شاق

وتوقع عضو لجنة المسار الدستوري في مجلس النواب الهادي الصغير صعوبة في المفاوضات في جنيف بين صالح والمشري. وكشف أنها كانت قريبة من الفشل لولا تدخل أطراف دولية لم يسمها.

وقال الصغير، إن 'أطرافاً دولية تدخلت لإنقاذ المفاوضات، وصالح تراجع عن مغادرة جنيف بعد تواصل من المستشارة الأممية وبعض الأطراف الدولية معه'.

وأضاف، 'لا أظن أن من مصلحة أحد فشل مشاورات جنيف بين رئيس المجلسين، ولكن الإملاءات مرفوضة أيضاً'.

وأفصح الصغير عن بعض أسباب تعثر الإعلان عن الاتفاق النهائي بين الطرفين في موعده، قائلاً إنه 'جرى التوافق على شروط الترشح، خصوصاً بالنسبة إلى مزدوجي الجنسية، في جلسات القاهرة مع فريق مجلس الدولة، لكن المشري فتح الملف مرة أخرى في جنيف، على الرغم من التوافقات التي حدثت في اليومين الماضيين، وهذه الخلافات تسببت في تأجيل إصدار البيان الختامي لاجتماعات جنيف'.

بوادر مبشرة

وعلى الرغم من تعثر توقيع الاتفاق النهائي بين صالح والمشري في موعده المحدد، فإن مصادر مقربة من الطرفين كانت قد أكدت تحقيق تقدم كبير في المحادثات بينهما، بل وحسم عدد من النقاط الخلافية بشكل نهائي، إذ كشف رئيس اللجنة التشريعية في مجلس النواب، رمضان شمبش، أن 'عقيلة والمشري توافقا على شروط الترشح لرئاسة الدولة ونظام الحكم بالدولة'.

ورجح شمبش أن 'يتم التوقيع على الاتفاق في النهاية وأن نتائج لقاء عقيلة والمشري ستعرض على مجلسي النواب والدولة للتصويت عليها'.

مفتاح النجاح

وفي تعليق له على مسار الحوار الذي يتم في العاصمة السويسرية لحل الخلافات الليبية، اعتبر عضو مجلس النواب، مصباح دومة، أن 'الالتزام بما تم التوافق عليه في المسار الدستوري في القاهرة هو مفتاح نجاح اجتماع جنيف، وأن الرجوع عنها من أي طرف سيفسد اللقاء'.

وتابع، 'علينا أن نتقدم لا أن نتراجع لصنع أرضية صلبة لبناء الدولة وصولاً إلى انتخابات بعيداً من الشروط الإقصائية'.

بينما تخوفت عضو ملتقى الحوار السياسي آمال بوقعيقيص مما قد يحدث بعد توقيع الاتفاق بين الطرفين المتفاوضين بالمسار الدستوري، ورجوع أحدهما عنه في مرحلة لاحقة، مثلما تكرر في المفاوضات السابقة كلها، مطالبة بـ'إلزام صالح والمشري بالتوقيع على ما تعهدا به في جنيف، إضافة إلى توقيع المجلس الرئاسي كي لا يذهب الاتفاق سدى'.

وقالت بوقعيقيص، 'سيكون خيراً وبركة توافق المجلسين على استحقاقات ليبيا في هذه المرحلة الحرجة الراهنة، وتعهدا بتنفيذ خريطة الطريق، لكن هذا وحده ليس كافياً، فلا بد من تحديد مواعيد النفاذ، والنص على أن هذه المواعيد ملزمة وقطعية وليست تنظيمية'.

وشددت عضو ملتقى الحوار السياسي على 'ضرورة انخراط المجلس الرئاسي في تنفيذ خريطة الطريق بصفته وفقاً لنص المادة الرابعة منها ضامناً لتنفيذ كل ما جاء بها من التزامات، ويملك جميع صلاحيات التدخل عند عجز أي طرف عن الوفاء بالتزاماته'.

سفير واشنطن يثير الجدل

في سياق آخر، أثار السفير الأميركي في ليبيا، جدلاً جديداً بتصريحات له عن الآلية التي من الممكن عبرها أن يتم إجراء الانتخابات العامة في موعد يتفق عليه الأطراف.

وصرح نورلاند بأنه 'من الممكن إجراء انتخابات وطنية من دون حل المواجهة بين الحكومتين المتنافستين'، مشيراً إلى أن 'آلية للإشراف على الإنفاق قد تساعد في الحكم لفترة مؤقتة'.

وأعرب نورلاند، في مقابلة مع وكالة 'رويترز'، عن 'تفاؤله بأن تنهي محادثات جنيف هذا الأسبوع الأزمة'، لافتاً إلى 'وجود طرق للمضي قدماً من دون حكومة ليبية واحدة، بحيث يمكن للفصائل التي هيمنت على أجزاء مختلفة من البلاد أن تقود تلك المناطق بشكل منفصل نحو انتخابات وطنية'.

وأضاف، 'واقع المشهد السياسي الليبي هو أنه لا يمكن لأي جهة أن تنتج وحدها نتيجة، وأن الصيغة الوحيدة التي ستنجح هي أن يجتمع الفاعلون الرئيسون ويتفاوضون على حل وسط'.

وأكد أن 'الولايات المتحدة وشركاء دوليين عقدوا اجتماعات مع شخصيات ليبية للتوصل إلى اتفاقات في شأن أولويات الإنفاق والشفافية ومخصصات التمويل والإشراف على كيفية استخدام الأموال، وأن هذه الفكرة حظيت في وقت سابق بتأييد الفصائل في شرق البلاد وغربها، وأنها تتطلب مشاركة واسعة حتى تشعر مختلف الاتجاهات السياسية في البلاد بأن مصالحها أخذت بعين الاعتبار'.

اعتراض البرلمان

التصريحات الجديدة للسفير الأميركي قوبلت باعتراضات واسعة من أطراف كثيرة في البلاد، على رأسها البرلمان، الذي أعرب عدد من أعضائه، في بيان، عن 'قلقهم من تصريحات السفير الأميركي في شأن الانتخابات والحل السياسي التي تتضمن رسائل خطيرة شأنها تعميق الأزمة'.

ورفض النواب، في البيان، 'بشكل قاطع تصريحات نورلاند حول إجراء الانتخابات تحت إشراف حكومات متعددة بالدولة، لأنه سيشكل خطراً على سلامة العملية الانتخابية ونتائجها، وسيضفي الشرعية على جهات متعددة تغتصب السلطة'.

واعتبر النواب هذه التصريحات، 'تدخلاً مباشراً غير مقبول في الشأن الليبي بأي حال من الأحوال، وندعو البعثة الأممية وكل الدول إلى احترام سيادة ليبيا واستقلالها ووقف التدخلات السافرة والتصريحات المستفزة، والمقترحات المشبوهة لإدارة موارد البلاد وفرض الوصاية عليها'.