المحادثات النووية بين واشنطن وطهران: بين التقدم الدبلوماسي وقلق التصعيد العسكري
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
دواء شائع لتساقط الشعر يسبب مشاكل جنسية ونفسية!في خضم تصاعد التوتر الإقليمي والمواقف المتناقضة من الأطراف المعنية، تشهد المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران تطورات متسارعة وغير متوقعة، حوّلت الملف النووي الإيراني مجددًا إلى بؤرة الاهتمام الدولي. فبين جولتيْ مسقط وروما، برزت ملامح تقارب نادر، يترافق مع تحذيرات من أن أيّ تقدم دبلوماسي لا يزال هشًا، وقابلًا للانهيار في أي لحظة.
من مسقط إلى روما: خطوات محسوبة نحو تفاهم تقني
عُقدت الجولة الثانية من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة في العاصمة الإيطالية روما، السبت، وسط أجواء تفاؤل حذر عبّر عنها الطرفان. فبينما تحدث المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف عن "تقدم جيد جدًا"، وصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اللقاء بأنه "إيجابي"، مشيرًا إلى اتفاق على بدء مفاوضات تقنية الأربعاء المقبل في مسقط، بحسب تصريحات أدلى بها لكل من CNN ووسائل الإعلام الإيرانية.
وكانت الجولة الأولى قد أُجريت قبل أسبوع في العاصمة العُمانية، وتولّت سلطنة عُمان مجددًا دور الوسيط بين الوفديْن اللذيْن جلسا في غرف منفصلة، حيث قام وزير الخارجية العُماني بدر بن حمد البوسعيدي بنقل الرسائل بين الطرفين. ولم يلتقِ ويتكوف وعراقجي إلا لفترة وجيزة، في مشهد يعكس استمرار الجفاء على الرغم من أجواء الحوار.
مواقف متضاربة وتقدم ملحوظ
على الرغم من أجواء التفاهم في روما، كانت التصريحات الأميركية عقب مفاوضات مسقط أكثر تشددًا. فقد دعا ويتكوف إلى وقف شامل لتخصيب اليورانيوم، وهو ما رفضه عراقجي جملةً وتفصيلًا، معتبرًا أن الأمر "غير قابل للتفاوض". ومع ذلك، فإنّ الطرفيْن لم يظهرا تمسكًا علنيًا بالشروط المسبقة التي طالما عرقلت التفاوض، ما فُسّر على أنه بادرة مرونة حذرة.
في منشور عبر منصة "إكس"، قال عراقجي إن الاتفاق النووي المبرم عام 2015، المعروف بـ"خطة العمل الشاملة المشتركة" لم يعد كافيًا لإيران، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن التفاؤل بالحوار "مبرر ولكن بحذر شديد".
علامات استفهام في الداخل الإيراني
التقدم اللافت الذي أحرزته المحادثات خلال أسبوعين أثار تساؤلات داخل الأوساط الإيرانية، خاصةً لدى تيار الإصلاحيين. الكاتب والناشط السياسي أحمد زيد آبادي تساءل في قناته على "تلغرام": "ما القصة؟"، مشيرًا إلى أن التقدم السريع في ظل تباعد المواقف يطرح فرضيات عدة، منها وجود تفاهم سري مسبق أو مرونة غير متوقعة في مواقف أحد الطرفين أو كليهما.
ويتساءل زيد آبادي عما إذا كان الحوار لا يزال يدور في إطار الخطوط العريضة من دون التطرق إلى التفاصيل الدقيقة، أو ما إذا كان كل طرف يفسر مطالب الطرف الآخر بطريقته الخاصة.
قنوات تواصل خلف الستار
عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، محمد مهدي شهرياري، قدم تفسيرًا مختلفًا لأجواء التفاهم الأخيرة، منوّهًا بأن الخارجية الإيرانية سبق أن فتحت قنوات تواصل مع الحزبين الجمهوري والديموقراطي منذ عامين، تركزت حول الملف النووي فقط.
ونشرت وسائل إعلام إيرانية تسجيلًا مصورًا لشهرياري قال فيه إن طهران كانت تتواصل مع فريق ترامب منذ أشهر، وتنقل التقارير أولًا بأول إلى المرشد الأعلى علي خامنئي، ما ساهم في إعداد أرضية مناسبة لاتخاذ قرارات تفاوضية محسوبة.
الخارجية الإيرانية تقرأ المشهد الأميركي
صحيفة "خراسان" الإيرانية فسّرت التقدم المتسارع في المفاوضات بأنه ناتج عن حاجة إدارة ترامب لتحقيق إنجاز سياسي خارجي، في ظلّ تعثر وعوده الانتخابية، خصوصًا فيما يتعلق بإحلال السلام في الشرق الأوسط ووقف الحرب في أوكرانيا، فضلًا عن تعقيدات المواجهة التجارية مع الصين.
وفي مقال للكاتب صابر كل عنبري، أوضحت الصحيفة أن ترامب يعتقد أن الملف النووي الإيراني أكثر قابلية للحلحلة من النزاعات الأخرى، نظرًا لكون واشنطن طرفًا مباشرًا فيه، خلافًا لأزمات أوكرانيا وغزة.
تحذيرات من تفاؤل مفرط
الدبلوماسي الإيراني السابق جعفر قناد باشي كان أكثر حذرًا في تقييمه، معتبرًا في مقابلة مع صحيفة "ستاره صبح" أن التقدم لا يزال هشًّا، وأن الملفات العالقة، خصوصًا رفع العقوبات والتحقق من التنفيذ، قد تنسف التفاهمات في أي لحظة. كما أشار إلى الدور الإسرائيلي الساعي إلى التصعيد العسكري بدلًا من الدبلوماسية.
قناد باشي شدّد على أن اتفاقًا فعليًا لن يُعد قائمًا إلا بعد التوقيع النهائي، وأن التحديات التي تعترض طريق الحوار لا تزال كثيرة.
سيناريوهات مستقبلية للمفاوضات
في محاولة لقراءة مسار التفاوض، طرح الأكاديمي الإيراني مصطفى كوهري فر في صحيفة "دنياي اقتصاد" ثلاثة سيناريوهات محتملة:
1. اتفاق شامل وطويل الأمد: يُنهي العقوبات ويفتح باب الاستثمار الأميركي في إيران.
2. تصعيد عسكري: في حال تمسك كل طرف بشروطه، وهو ما تدفع نحوه إسرائيل.
3. اتفاق موقت: شبيه باتفاق 2015، قد يكون حلاً مرحليًا لتجنب التصعيد.
أما الأكاديمي مهدي مطهر نيا، رئيس معهد "سيمرغ باريخ" للدراسات المستقبلية، فذهب أبعد من ذلك، معتبرًا أن مفاوضات 2025 قد تفتح الطريق نحو "شراكة استراتيجية" بين الطرفين، مشيرًا في صحيفة "آرمان ملي" إلى أن الظرف الدولي قد يفرض تفاهمًا في إطار النظام العالمي الجديد.
التهديد العسكري في الخلفية
وعلى الرغم من الحديث عن تقدم في روما، فإن التهديد باستخدام القوة لا يزال حاضرًا في التصريحات الأميركية. فالرئيس ترامب صرّح، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، بأنه "ليس في عجلة من أمره" لضرب إيران، لكنه لم يستبعد هذا الخيار. وأضاف: "إذا كان الخيار الثاني مطروحًا، فسيكون سيئًا جدًا لإيران"، مشيرًا إلى أنه يفضّل حلاً سلميًا يمنح إيران فرصة لأن "تعيش من دون موت".
وفي هذا السياق، عُقد لقاء سري في باريس بين ويتكوف ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر ومدير الموساد ديفيد برنياع، في مؤشر واضح الى استمرار التنسيق الأمني الإسرائيلي – الأميركي حيال طهران.
الجولة الثالثة: توسيع الإطار ليشمل الشق الفني
وفي تطور جديد على خط المحادثات بين واشنطن وطهران، كشف مصدر مطّلع لشبكة CNN أن الجولة الثالثة من المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران من المزمع عقدها السبت، على المستويين السياسي والفني، في أول توسيع ملموس لإطار النقاشات ليشمل الجوانب التقنية إلى جانب السياسية. وأشار المصدر إلى أن الفريق الفني الأميركي سيضم مسؤولين من وزارات مختلفة، بما في ذلك الخارجية والخزانة، في حين أن الترتيبات النهائية لا تزال قيد التخطيط، ما يفتح الباب لاحتمال تعديل الموعد مجددًا.
وتكتسب هذه الجولة أهمية خاصة كونها الأولى من نوعها من حيث إدخال بُعد فني إلى المفاوضات، بعد جولتين سابقتين ركزتا على الأبعاد السياسية —الأولى عُقدت في العاصمة العُمانية مسقط، والثانية في العاصمة الإيطالية روما. وقد سادت أجواء من "التفاؤل الحذر" عقب الجولة الثانية، ما يعكس رغبة لدى الطرفين في التقدم، ولو تدريجيًا، نحو تفاهمات تقنية قد تُمهد لاتفاق أوسع لاحقًا.