خاص الهديل: مقاربتان لحصرية السلاح.. ولا مقاربة لحصر نتائج الخلاف!!
klyoum.com
أخر اخبار لبنان:
اسرائيل تستبق بالنار اورتاغوس... فما الرسالة؟خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
يمكن إجمال فحوى خطاب الرئيس نبيه برى بالعبارة التالية "منفتحون لمناقشة مصير سلاح المقاومة الذي هو شرفنا في إطار حوار هادئ توافقي بما يفضي لصياغة استراتيجية للأمن الوطني".
وبغض النظر عن اتفاق وجهات النظر أو خلافها مع موقف الرئيس بري هذا؛ إلا أن أهمية ما قاله بري بخصوص هذه الجزئية تكمن في أنه أصبح هناك تعبير واضح عن ما يمكن تسميته بالموقف الرسمي للطائفة الشيعية من مستقبل سلاح حزب المقاومة وكيفية مقاربته.
يدعو الرئيس بري لنوع من المبادرة والمسار بمقابل المبادرة والمسار الذي اتخذته حكومة الرئيس نواف سلام ناقص وزراء الثنائي الشيعي بخصوص السير بآلية لحصرية السلاح.
لا شك أن الآلية التي طرحها بري لمقاربة سلاح حزب الله تختلف بالشكل والمضمون عن الآلية التي طرحتها الحكومة؛ فالأخيرة تريد تنفيذ خطة لحصرية السلاح يضعها الجيش بناء على قرار الحكومة؛ بينما بري يريد إنشاء عملية حوار سياسي تفضي لحل موضوع سلاح المقاومة ضمن صيغة وضع استراتيجية للأمن الوطني.
سبق لمضمون طرح بري أن تم طرحه في السابق بوصفه منهجية لحل ملف سلاح حزب الله وذلك تحت عنوان الوصول لوضع تحتكر فيه الدولة السلاح؛ ولكن ظروف البلد والمنطقة وتوازنات القوى التي كانت سائدة حينها، لم تسمح بأن يأخذ هذا المسار طريقه للنهاية؛ والسؤال الآن عند المتحفظين على طرح بري هو ما الذي يضمن أن يبدأ البلد بحوار لصياغة "استراتيجية للأمن الوطني"؛ ثم لا يصل هذا الحوار إلى هدفه المنشود، وذلك على نحو يكرر ما حدث للحوارات الوطنية الماضية؟!.. السؤال بالمبدأ صحيح؛ ولكن بالمقابل يستطيع بري أن يطرح سؤالاً معاكساً ومن حيث المبدأ صحيح أيضاً؛ وهو من يضمن أن السير بقرار الحكومة الحالي سيصل إلى نهاية مثلى لعملية حصرية السلاح، ومن يضمن عدم حصول تداعيات خطرة لمثل هذا المسار!؟.
والواقعية تحتم القول أن خطاب الرئيس بري وطرحه فكرة إنشاء حوار توافقي وهادئ لصياغة استراتيجية للأمن الوطني؛ وضع البلد على مفترق طرق يقود إلى واحد من طريقين: إما الدخول في صدام سياسي بين "الدولة ناقص الشيعية" من جهة، والشيعة ومن يؤيدهم من جهة ثانية، وذاك حول موضوع كيفية مقاربة سلاح حزب الله؛ إما التوصل لحل وسط بين ما يريده بري وما تريده الحكومة حول هذا الموضوع..
.. ولكن حتى في أسوأ الاحتمالات والافتراضات يظل ممكناً التوصل لمنطق ثالث يضم وجهتي نظر بري والحكومة؛ ولكن هذا الافتراض يظل صحيحاً لو أن القضية هي كلها داخلية، ولو أنه لا يوجد داخل مكوناتها عامل خطر وفعال ومفجر؛ وهو المعطى الخارجي من ناحية والمعطى الإسرائيلي من ناحية ثانية.
والواقع أن السجال أو النقاش أو الخلاف الداخلي الذي تطور بسرعة حول قرار الحكومة عن حصرية السلاح؛ قاد هذا الملف إلى تشعب متعدد الأوجه، وذلك بحيث أنه لم يعد ممكناً وضع عنوان موحد لملف حصرية السلاح؛ ذلك أنه في حين أن العنوان الرسمي هو "حصرية السلاح"؛ إلا أنه بات هناك عدة عناوين سياسية لهذا الملف؛ منها عنوان "سلاح المقاومة" و"سلاح حزب الله" و"سلاح الشيعة: و"سلاح الأقليات"، الخ..
وبالسير مع طرح بري يبقى هناك سؤال ربما حتى "أبو مصطفى" لا يوجد لديه إجابة عنه؛ وهو عن كيفية بناء مقومات سياسية واقعية تسمح للبنان بالصمود بوجه دعم إدارة ترامب الكامل لموقف نتنياهو من موضوع ليس فقط سلاح المقاومة؛ بل من كل الوضع في لبنان.
ثمة حاجة للنظر لملف حصرية السلاح من منظار شامل داخلياً؛ ومن منظار أعم خارجياً؛ ويجب الاعتراف بموازين القوى الجديدة؛ ولكن يجب السعي أيضاً لانتاج فكرة تؤمن بأن على لبنان أن يبحث عن نقطة قوة ولو واحدة في موقفه خلال التفاوض مع براك الذي على ما يبدو لا يرى نتنياهو أن هناك ضرورة للتفاوض معه حول لبنان، بل يميل لأن يعتبر دوره مجرد "ناقل للإملاءات الإسرائيلية..".
مشكلة المشاكل في أزمة حصرية السلاح تكمن في أن الحل الداخلي على الطريقة اللبنانية غير مقبول خارجياً، حتى على افتراض أنه كان بالإمكان أصلاً التوصل إليه داخلياً؛ وبالمقابل فإن الحل الخارجي مختلف عليه داخلياً، أضف إلى أنه حل يتصف بأنه "بخيل" وليس مستعداً أن "يشتري المشكلة" بل بأحسن الأحوال يهدد بإدارة ظهره لها وترك لبنان يواجه تبعات أنه تمرد على القرار الدولي!!