اخبار لبنان

ام تي في

سياسة

جبهة لبنان - إسرائيل تسخن... و3 احتمالات

جبهة لبنان - إسرائيل تسخن... و3 احتمالات

klyoum.com

ليس في المنطقة اليوم خط تماسّ أشدّ توتراً من الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية. وعلى الرغم من الحراك الدبلوماسي الذي شهدته الأيام الأخيرة، ولا سيّما انعقاد اجتماعات «الميكانيزم»، فإنّ الوقائع الميدانية والسياسية تُظهر أن الوقت، لا التفاهمات، هو العنصر الحاكم في قرار الحرب والسلم جنوب لبنان.فالخطوة اللبنانية بإيفاد ممثل مدني إلى الاجتماع، وإن حملت رمزية سياسية ومحاولة فتح قناة تقنية مع آليات الضغط الدولية، لم تَقوَ على اختراق الجدار الصلب للقرار الإسرائيلي، الذي يبدو أنه يتحرك بمنطق مختلف تماماً، يحكمه ميزان الردع وحسابات داخلية إسرائيلية متشابكة، لا اعتبارات التهدئة أو الحوار.

تقرأ إسرائيل وواشنطن المبادرة اللبنانية على أنها خطوة متأخّرة وشكلية، فيما جوهر توقعاتهما من الدولة اللبنانية يتمثل في ما هو أبعد بكثير من مجرد المشاركة!تدابير سريعة ومباشرة تطال قدرات حزب الله شمال الليطاني، في مسعى لإعادة تشكيل المشهد الأمني بالكامل، وخلق واقع جديد لا يقتصر على «ضبط الجبهة» بل على تغيير قواعد اللعبة نفسها.هذه الشروط، التي تُقدَّم بوصفها «أساس التهدئة»، ليست سوى إعادة صياغة سياسية لمطلب قديم: جعل قرار الحرب والسلم جنوب لبنان بيد الدولة وحدها، وتجريد الحزب من القدرة على الفعل العسكري الاستراتيجي.على الضفة الإسرائيلية، المشهد أكثر تعقيداً. تحتاج تل أبيب إلى إنجاز سياسي أو عسكري يعيد ترميم صورة الردع التي انهارت في غزة. لكنها في المقابل تدرك أنّ أي مغامرة شمالاً ستكون أغلى ثمناً وأشدّ خطورة..فحزب الله لا يزال يمتلك واحدة من أكثر الترسانات تطوراً في المنطقة، وقدرة صاروخية قادرة على تعطيل المرافئ والمطارات والبنى الحيوية في عمق الكيان.ونتيجة ذلك، تختبئ المؤسسة العسكرية خلف خطاب مزدوج، الحرب حتمية... لكن توقيتها رهن الجهوزية اللوجستية والإذن الأميركي.

وهو ما يعني ببساطة أن تل أبيب تريد الحرب، لكنها تخشى كلفتها.لا ينفصل القرار الإسرائيلي عن اللحظة الأميركية. فالبيت الأبيض يعيش حالة تخبط داخلي ودولي، ويوازن بين ثلاثة اعتبارات متضاربة: منع توسّع الحرب في المنطقة منعاً لانفجار الجبهات، الحفاظ على أمن إسرائيل التي تواجه أسوأ أزمة معنويات منذ عقود، تجنّب اشتباك إقليمي مع إيران أو حلفائها إذا انفجرت الجبهة في لبنان.لذلك، تبدو واشنطن في موقع «الممسك بالعصا من الوسط»: تضغط على لبنان سياسياً، ترفع سقف المطالب من الدولة، وتترك لإسرائيل هامشاً واسعاً للمناورة العسكرية، لكنها في الوقت نفسه تخشى حرباً تمتدّ إلى ما بعد حدود فلسطين التاريخية.

وفي هذا السياق، تكتسب زيارة نتنياهو المرتقبة لواشنطن أهمية خاصة؛ فهي قد تكون اللحظة التي يُحسم فيها اتجاه البوصلة: تعجيل الحرب أو تأجيلها.في المقابل، يقف لبنان في وضع فريد يجمع بين نقيضين: هشاشة سياسية داخلية لا تخفى على أحد، وأمامها صلابة ميدانية يمثلها حزب الله الذي يشكّل عملياً حائط الردع الأول ضد احتمال استفراد إسرائيل بلبنان.وهذا التناقض يجعل المقاربة الدولية للبنان متعثرة: إذ لا يمكن الضغط على الدولة لتحقيق «مكاسب أمنية» دون الاعتراف بأن ميزان القوة الحقيقي على الأرض ليس بيد مؤسساتها الرسمية وحدها.ماذا ينتظر الحدود؟

إذا ما جرى تفكيك المشهد بهدوء، تتضح ثلاثة مسارات محتملة: أولا، تصعيد محدود تقيس فيه إسرائيل حدود القدرة على فرض تغيير في قواعد الاشتباك دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة. ثانيا، حرب واسعة إذا اقتنعت القيادة الإسرائيلية بأن العملية المحدودة عاجزة عن تحقيق أهدافها. ثالثا، تسوية مؤقتة تعيد ترتيب الجبهة، وتمنح الأطراف الوقت، من دون أن تحلّ جذور الأزمة.إلّا أنّ معطيات الساعات الأخيرة تشي بأن إسرائيل أقرب إلى خيار الاختبار الميداني منها إلى خيار التسوية، ما لم يطرأ تحوّل كبير في الحسابات الأميركية أو الإيرانية في اللحظات الأخيرة.

لبنان، كما إسرائيل، يقف اليوم عند تقاطع طرق. الجبهة ليست آيلة للاشتعال فقط، بل هي مساحة اختبار لميزان الردع في المنطقة كلها.وما بين الضغوط الأميركية، واندفاعة نتنياهو، وحسابات حزب الله الداخلية والإقليمية، تبدو الأسابيع المقبلة محفوفة باحتمالات كبيرة، تنذر بأن القرار لم يعد مرتبطاً بطاولة التفاوض، بل بميزان القوى فوق الأرض.في هذا التوقيت الدقيق، تبدو الحقيقة الأوضح أن كل الأطراف تتحرك بعيون مفتوحة على الحرب، لكن بخطى محسوبة نحو منعها. وما بين النيّة والتردد، تتحدد مصائر الجبهة اللبنانية والمنطقة بأسرها.

*المصدر: ام تي في | mtv.com.lb
اخبار لبنان على مدار الساعة